اول الكلام

الإنصهار الذي أحرق الإنتقال*

الرئيس الباجي قايد السبسي في حواره الأخير ، صرّح بانه لن يبقى مكتوف الايدي وانه يعلم جيّدًا ماذا سيفعل وأنه لن يفعّل الفصل 99 ولكنه يحتفظ بحقه في تفعيله في المستقبل وفي الوقت الذي يراه مناسبا

في تقدير المخططين، تكمن الضربة الحاسمة في إنتقال سليم الرياحي وكتلته النيابية من وضعية المساندة للحكومة الى وضعية المطالبة بتغييرها،
بهذه النُقلة، راهن المخططون أنه بخسارة كتلة الإئتلاف ل 13 نائب، ستتوقف قوة دفعها الذاتية لتبدأ في التراجع ، وسيفكّر نوابها المستقيلون حديثا من النداء في العودة الى الدار الكبيرة
في هذه الأثناء، تكون قيادة حركة النهضة، تحت ضغط الملفات التي خرجت بعد سبات عميق دام أربع سنوات من التوافق، تكون قد تبلّغت رسالة مفادها بأن مساندة الاستقرار السياسي أصبح موقفا عبثيّا يجعل الحركة في عزلة سياسية، داخلية وخارجية وقد تفتح على نفسها باب الانقسام الداخلي……فتعود صاغرة الى بيت الطاعة
كان في حسبان المخططين بأن يؤدي انسحاب نواب الوطني الحر من الإئتلاف الوطني وتهاطل الاستقالات من الكتلة الجديدة مع تراجع حركة النهضة الى ضمان نجاح تفعيل الفصل 99
هذا ما يفسّر تأكيد ضواحي النداء والمقربين من سليم الرياحي بأن يوسف الشاهد سيختفي (سياسيا) من الساحة خلال هذا الاسبوع ،

في الواقع، كان سليم الرياحي قد قايض في لقاء سرّي جمعه بمالكي النداء منذ أكثر من ثلاثة أسابيع (تحت غطاءٍ صحي)، قايض انتقال كتلته النيابية من المساندة للإستقرار الى المطالبة بالرحيل مقابل الحصول على مواقع قيادية في نداء تونس وفي ذهنه أنه بذلك يثبّت نفسه وفريقه في مركز السلطة الحالية (بعد إسقاط الشاهد) ويحصل أيضا على النصيب الأكبر من المشروع السياسي الوحيد (النداء) القادر على دخول الانتخابات كممثل عن العائلة الوسطية العريضة بعد القضاء المبرمج على المشروع السياسي المنافس القادم (الإئتلاف)
بهذا الطلب وهذا المكسب، يكون سليم الرياحي قد باع مشاركته في إزاحة يوسف الشاهد مقابل الحصول على تذكرة التواجد كفاعلٍ أساسي في السلطة من اليوم الى ما بعد 2019 ،
وتقول المعلومات أنه أصرّ بشدّة على أن يتزامن الإنتقال من كتلة الى أخرى مع الإنصهار في النداء ليضمن عدم الإنقلاب عليه لاحقا وهو مايفسّر التسلسل الزمني المتسارع والغريب والمفاجئ للاحداث بين عشية السبت وعشية الأحد
لم ينتبه مالكو النداء، وهم يسارعون بالموافقة على الإنصهار طمعا في مزايا الانتقال، وتلهّفًا على فرصة القضاء على الإبن الضال ، لم ينتبهوا الى أن هذا التزامن بين الانتقال و الانصهار سيؤدي بالضرورة الى ضرب الخطة برمتها في مقتل:
•استوعبت كتلة الإئتلاف الصدمة الاًولى وحافظت على نوابها
•أعادت حركة النهضة التأكيد على تمسكها بالاستقرار الحكومي
•يدبّ التململ والغضب في صفوف قياديي ونواب نداء تونس إلى درجة أن الحديث يدور حاليا حول استقالات قادمة من الهيئة السياسية وما تبقى من الكتلة النيابية
•تعلن حركة مشروع تونس إغلاق باب التفاوض مع نداء تونس ، وتدعو الى الاسراع بإجراء تحوير وزاري مع استعدادها للمشاركة في الحكومة (مما يعني انها ضمنيا تساند الاستقرار الحكومي)
النتيجة المباشرة هي أنه بإمكان الحكومة أن تعوّل اليوم على أغلبية ب120 الى 130 نائب لتأكيد الثقة في حال تقرر تفعيل الفصل 99،
أما النتيجة الموالية فهي أن الحكومة ستستعمل هذه الأغلبية في القريب العاجل لتمرير التعديل الوزاري واكتساب الثقة وإغلاق باب التشكيك نهائيا
وتكون النتيجة الاخيرة أن نداء تونس(الحر) بنوابه ووزرائه ، سيكون قريبا أمام خيار صعب : إما مع الحكومة وإما في المعارضة

…….. لينتهي بذلك زمن المواقف الرمادية

*بقلم عضو كتلة الائتلاف الوطني الصحبي بن فرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.