الرئيسيةثقافة وفنونمهرجان القاهرة السينمائى الدولى

مهرجان القاهرة السينمائي: صوفيا ،فيلم مثير للجدل عن قضية مزمنة

ضمن قسم مسابقة أسبوع النقاد الدولي عرض فيلم صوفيا للمغربية مريم بن مبارك ، فيلم سبق له الفوز بجائزة السيناريو في الدورة الأخيرة لمهرجان كان في قسم نظرة ما فضلا عن تتويجه بجائزة الطاهر شريعة في أيام قرطاج السينمائية ونيله لجائزتين ثانويتين في المهرجان نفسه في دورة العام الجاري

صوفيا هو الفيلم الطويل الأول لمريم بن مبارك التي سجلت اسمها بين صانعات الصورة المتميزات بفضل فيلميها القصيرين “نور” و”جنة” الذي تم ترشيحه لاوسكار افضل فيلم قصير 2015

لم يمر فوز صوفيا بجائزة افضل سيناريو في مهرجان كان دون ان يترك خلفه غبار الجدل ، فقد راى بعض النقاد من العرب بطبيعة الحال انها جائزة غير مستحقة ، وهو قول يمكن ان يصح على كل الجوائز في العالم، فالجوائز لا تحتكم الى مقاييس الحسابيات والفيزياء بل يتداخل فيها الفني بالسياسي بالشخصي والعلائقي

انطلقت مريم بن مبارك من قصة واقعية حدثت في المغرب وربما حدث مثلها عشرات المرات ، في المغرب وفي غيرها من بلاد العرب الا ما رحم ربك، صوفيا بنت في العشرينات من عمرها من عائلة ميسورة نسبيا في الدار البيضاء  ، تكتشف ابنة خالتها”لينا” انها حامل

أصلا لم تنتبه صوفيا الى حملها فقد ظنت بادئ الامر ان الامر يتعلق باوجاع في المعدة بسبب افراطها في الاكل، فقد ظلت صوفيا طوال شهور الحمل تنكر حملها

المشكل ليس في الحمل نفسه بل لانه حدث خارج اطار الزواج، وفي المغرب كل علاقة جنسية دون عقد زواج تؤدي بمقترفيها الى السجن ولو كانا عاشقين متيمين

بمساعدة لينا ابنة خالتها الدارسة للطب،  تنطلق صوفيا في  رحلة البحث عن مخرج لورطتها ، ثم للبحث عن الاب المفترض “عمر” شاب دون عمل قار وبلا مستقبل  يقطن بدرب السلطان احد اقدم احياء الدار البيضاء واكبرها واشدها فقرا اليوم

لا تذكر صوفيا شيئا عن عمر  سوى لون باب بيته الأزرق

تطرق لينا وصوفيا الباب، عمر غير موجود، هكذا تقول  شقيقته  مستغربة بحث امراتين عن شقيقها في ساعة متاخرة من الليل

ينكشف امر صوفيا وتعلم عائلتها بما حدث، كيف حدث هذا وصوفيا لا تكاد تغادر المنزل بعد طردها من العمل في مركز اتصالات ؟ اين تعرفت على عمر وكيف قادتها قدماها الى درب السلطان؟

بأداء بسيط ومقنع قدم المخرج فوزي بن سعيدي شخصية الاب المحب لابنته الغاضب منها وعليها، الاب الذي يخشى الفضيحة والسنة الناس ولكنه يخاف على ابنته اكثر

اب صامت مثل كثير من ابائنا ، لا يسأل احد من بين افراد العائلة فيم يفكر وما الذي يمكن ان يشغل باله؟

يرفض عمر الاعتراف بالمولودة، تلتجئ عائلة صوفيا الى الشرطة، سيكون عليها ان تواجه السجن ان اعترفت بانها اقامت علاقة جنسية بالتراضي ، اما الاب فقد اتهم عمر باغتصاب ابنته … سيكون في انتظاره خمس سنوات ليفكر مليا

لافت للانتباه ان ام عمر شجعت ابنها على الاعتراف بالمولودة التي سينتهي الفيلم دون ان يختار لها اسم، كيف حسبتها ؟ الظاهر ان الام”الطايحة من السلوم” بالعبارة الشعبية في تونس قد حسبتها

جيدا ، لن يربح عمر شيئا ان انكر فعلته ، بالعكس سيزج به في السجن وهو العائل الوحيد لها بعد وفاة زوجها، لا شيء يمنع عقد صفقة مع صوفيا وعائلتها

برشوة من خالة صوفيا  لمسؤول الشرطة يغادر عمر وصوفيا المركز وتنطلق إجراءات ترتيب الزواج، لم يكن عمر راضيا بمصيره فقد  ادرك ان مصلحته  ربما كانت في الاقتران بصوفيا

قال لها”لا تخدعي نفسك فلن احبك يوما”

في نهاية الفيلم تكشف صوفيا عن جزء أخير مما حدث لها، فعمر لم يكن ابدا صاحب الفعلة، هو لم يمسسها قط والتقيا مرة وحيدة يوم طردت من عملها

القصة ان صوفيا تعرضت للاغتصاب من احمد احد أصدقاء عائلتها

يومها كانت العائلة في فاس، لم تقل الكثير ، اكتفت باشارة  برأسها  ان العلاقة لم تكن برضاها

اختارت العائلة بدفع من الخالة -ام لينا- الاستمرار في مراسم الزواج، لا يهم من هو الاب الطبيعي، الأهم ان يوجد اب في اعين متلهفة  والسن تريد ان تلتهم الاخرين

ترفض لينا ان يتحمل عمر مسؤولية امر لا دخل له فيه، بقدر ما دافعت لينا عن صوفيا بقدر ما رفضت هذا  الأسلوب المناور، ان تسكت افواه الناس ولا يهم باي طريقة

ربما رأى البعض ان الفيلم استقبل بحفاوة بسبب قصته، ربما كان في ذلك شيء من الصحة ولكن الفيلم مصنوع بحرفية وسلاسة

سيكون امامنا نحن الامة العرب المسلمين الكثير من الوقت لنتصالح مع انفسنا، نمنع الخمر ويشربه ولاة امورنا خلسة، نمنع الدعارة ونغلق بيوتها العمومية ويفتح اولو الامر البلد بأكمله ماخورا ، نقيم الصلاة ولا نامر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر، نخجل من الحديث عن اجسادنا والشعر العربي حافل بالخمريات وقصائد الغزل وما يوصف بالمجون

ستظل صوفيا وامثالها مضطرات الى المخاتلة والخداع لإنقاذ شرف العائلة، شرف يكمن  اسفل البطن ولا يسأل عما سواه …

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.