اول الكلام

بمناسبة الحملة الانتخابيّة الرئاسيّة: رسالة إلى الإعلاميّين

بقلم الدكتور نادر الحمّامي

سنشهد قريبا حملة انتخابيّة رئاسيّة يتنقّل فيها المترشّحون إلى المواطنين أي الناخبين المفترضين، وسيتدافعون إلى وسائل الإعلام لتقديم برامجهم استمالة للأصوات وهذا حقّهم، ولكن الدور الإعلاميّين يبقى كبيرا جدّا في هذا المجال حتّى لا يساهموا بشكل أو بآخر في المغالطة والوعود الزائفة.

في تقديري على الإعلام اليوم أن يلعب دوره في نزع فكرة التونسيّين عن الرئيس ودوره، فالملاحظ أنّ المجتمع لم يتخلّص من إرث طويل من الأبويّة السياسيّة جعلته يقرن كلّ شيء بشخص الرئيس في تصوّر أنّ الرئيس حاكم بأمره ويشرف على كلّ القطاعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمثّل الشغل الشاغل للأغلبيّة الساحقة من المواطنين. على الإعلام أن يُفهم المواطن أنّ الرئيس له صلاحيّات دستوريّة مضبوطة لا يمكنه تخطّيها وعليه ينبغي أن ينتخب من يلتزم بما يحدّده له الدستور من مهام ووظائف.

مثل هذه التوعية إن شئنا قد تساعد المواطن العادي على التمييز بين البرنامج الرئاسي الحقيقي والقابل للتنفيذ من جهة والوعود الكاذبة من جهة أخرى، فلا ينتخب المواطن مترشّحا يعده بالتشغيل، وخفض الأسعار، وإصلاح التربية، والقضاء على الفقر والتهميش، وتحسين ظروف عيشه لأنّ كلّ ذلك ببساطة لا يندرج ضمن صلاحياته الدستوريّة.

على الإعلاميّين اليوم بمناسبة الحملة للرئاسيّات أن يحدّدوا أسئلتهم التي سيوجّهونها إلى المترشّحين، سادتي الإعلاميّين لا تسألوا مترشّحا للرئاسة عن برنامجه لمقاومة البطالة والفقر، وعن رفع سعر الدينار، وخفض أسعار الخضر والغلال والأسماك واللحوم وكبش العيد وبيض رمضان والأدوات المدرسيّة، لا تساهموا في الزيف والدجل فهذا ليس من مهامّ الرئيس.

وجّهوا أسئلتكم، سادتي الإعلاميّين إلى موقف المترشّح من الحريّات العامّة والفرديّة ومجلّة الحريّات الفرديّة والمساواة وملاءمتها للدستور لأنّ الرئيس من مهامّه الكبرى السهر على تطبيقه، وهل سيواصل مشروع الرئيس الراحل.

وجّهوا سادتي الإعلاميّين أسئلتكم إلى المترشّحين حول القوانين والمناشير المعارضة للدستور والاتّفاقيّات الدوليّة التي صادقت عليها تونس.

وجّهوا سادتي الإعلاميّين أسئلتكم إلى المترشّحين عن منظومة الدفاع الوطني والأمن القومي وملفّ الإرهابيّين العائدين وكيفيّة التعامل معهم.

فلتكن أسئلتكم حول السياسة الخارجيّة ونحن بين ليبيا والجزائر جغرافيّا ولا يمكن التغاضي عمّا يحدث في البلدين الجارين بما يؤثّر على تونس، ولنا علاقات توتّرت مع بلدان أخرى خلال العشريّة الأخيرة فكيف سيكون التعامل معها.

وجّهوا أسئلتكم إلى المواقف من سياسات المحاور والتعامل الديبلوماسي والقضايا الكبرى التي تهمّنا من حيث هي في تعلّق مع تونس وليس لأنّها شعارات هوويّة مرفوعة هنا وهناك.

اسألوا سادتي الإعلاميّين عن مواقف المترشّحين من النظام السياسي والقانون الانتخابي وهل لهم نيّة في اقتراح مشاريع للتغيير أم أنّهم قابلون بما عليه الأمر.

سادتي الإعلاميّين قاطعوا كلّ مترشّح يأتيكم للمغالطة والوعد بالرفاه الاقتصادي والرخاء الاجتماعي لأنّه لا يملك من ذلك شيئا دستوريّا ولو سكتّم عن ذلك أو سألتم عنه ستكونون إمّا شاهدي زور أو مساهمين في الكذب والمغالطات.

سادتي الإعلاميّين كونوا على القدر المسؤوليّة التي عليكم اليوم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.