الرئيسيةتونس اليوم

الدكتور أحمد المناعي يكتب:محمد بوغلاب كما عرفته

نشر الدكتور احمد المناعي في موقع المعهد التونسي للعلاقات الدولية شهادته عن الاعلامي محمد بوغلاب بعنوان:محمد بوغلاب كما عرفته

وينحدر الدكتور المناعي وبوغلاب من مدينة الوردانين، ويعود احمد المناعي في شهادته الى معرفته القديمة لبوغلاب  وقبله لمعرفته بوالده الراحل

في ما يلي نص الشهادة كاملا

 

 قبل أن أعرف محمد بوغلاب بعقود عرفت والده سي حامد رحمه الله. كان من جيلي أو أكبر مني ببضع سنوات. وقبل أن أعرف محمد بوغلاب عرفت أخاه جمال الدين وتحديدا في الحملة الانتخابية للقائمة المستقلة بدائرة المنستير في الأنتخابات التشريعية لسنة 1989 فقد صاحبني في المحادثات على تشكيل قائمة المترشحين مع المرحوم محمد بالحاج عمر أمين عام حزب الوحدة الشعبية وكان معي يسندني على طول الحملة وحتي بعدها عند التقييم الأخير لأداء القائمة ونتائجها في اجتماع في قصر هلال في  منزل الدكتور . الشملي حضره حمادي الجبالي وقد ذكرت ذلك في رسالتي الى علي العريض وزير الداخلية لطلب الكشف عن نتائج تلك الأنتخابات التي ادعت حركة النهضة التي ساندت خلالها قائمتنا بأنها فازت فيها وهو ما وجدت فيه مبررا للدخول في مواجهة مع النظام والتخطيط للأنقلاب عليه. محمد بوغلاب هو من جيل ابني باديس وعلمت فيما بعد أنه وباديس  و ابني بلال  وعدد قليل من اصدقائهم نشطوا في الكتمان والسرية في توزيع منشورات فائمتنا الأنتخابية وأنه تجرأ على دس بعضها تحت الباب الداخلي لدار معتمد الوردانين فجرا

اما يوم الاقتراع فقد توزع  مع رفاقه على  الطرقات المؤدية الى مراكز الاقتراع ليطلع الناخبين من كبار السن على لون القائمة”البنفسجي” ، وكان مع رفاقه اول الحاضرين في اجتماع قائمتنا الانتخابي بالوردانين دون خشية من تدوين اسمه

كان قلة لكنهم كانوا مؤمنين بان تونس تستحق افضل مما هي فيه، وكانوا يتجرؤون على حضور الاجتماعات التي تنعقد بمقر حركة الديمقراطيين الاشتراكيين –الحزب المعارض الوحيد الذي كان ينشط في الوردانين

 كان ذلك كافيا  مع صداقته لباديس أن يحرمه من جواز سفره لمدة 18 سنة خاصة بعد أن خرج باديس وكامل أفراد أسرتي خفية من تونس في أوت 1992. العودة في بداية سنة 2011 اتصل محمد بوغلاب يصديفه باديس المناعي في باريس يطلب منه أن يربط الصلة بيني وبينه لغاية حوار صحفي. في الحقيقة لم أكن متحمسا كثيرا لذلك كوني لا أعرف من الصحافيين في تونس الا أولائك الذين سبوني وشتموني ونهشوا لحمي بلا حساب وذكرياتي سيئة جدا مع الصحافيين التونسيين في الخارج باستثناء اثنين لا ثالث لهما  صالح البشير في صحيفة الحياة والسيدة فريدة العياري في اذاعة RFI رحمهما الله. كتب محمد أول ورقة عن كتابي العذاب التونسي الحديقة السرية للجنرال بن علي-1995- اعتمادا على الكتاب تفسه ودون حوار مع صاحبه وقد وجدت فيما كتبه قراءة سليمة وتلخيصا وفيا للأحداث والوقائع التي احتواها الكتاب مما أعطاني فكرة أولية عن مهنية الرجل وموضوعيته. كانت تلك أول مصافحة مع صحافي تونسي يمكن له ان يفتخر بانتمائه عن جدارة لهذه العائلة. وتم اللقاء بيننا في ندوة نظمتها جمعية ضباط براكة الساحل وأذكر انني لم أتعرف عليه لأول وهلة وكيف يمكن ذلك وقد فرقت الأيام بيننا لأكثر من ربع قرن ومن يومها نشأت علاقة صداقة واحترام وتواصلنا حتى عندما أكون خارج تونس. كنت أقرا أكثر ما كان يكتبه في الصحافة الورقية وأستمع الى أغلب مداخلاته في الأذاعات والقنوات التلفزية وما أبهرني فيها هي مهنيته العالية أولا. فما من موضوع تناوله الا ويهيئ له أسبابه ويجمع له مرتكزاته ويوثق مراجعه التاريخية ويظهر فيه كباحث اجتماعي او تاريخي همه الأكبر الوصول الى الحقيقة. أو ليس ذلك من صلب العمل الصحفي مؤرخ الزمن الحاضر؟ وما أبهرني وأبهر كثيرا من أصدقائي ممن يعرفهم محمد أو لا يعرفهم وهم عموما من جيلي هي شجاعته. فلا شيئ ولا أحد ولا موضوع يستعصي عليه ضاربا عرض الحائط كل الممنوعات وكل الخطوط الحمر وهو الذي يعمل دون غطاء حزبي اوطائفي ودون شبكة نجاة في غيابها تقطع الأرزاق دون ان يرف جفن احد تقريبا

 في الأيام القليلة التي سبقت انهاء تفرغ محمد بوغلاب سمعته يتحدث عن راشد الخريجي- لن أناديه الا بهذا الأسم بعد أن أخفاه عني 51 سنة- اقتنعت بأنه ستنهال عليه أسلحة الدمار الشامل لحركة النهضة وأخفها وأقلها تدميرا قطع رزقه.وكان ذلك بتواطئ من وزير حسبه محمد صديق العمر.

بل ان محمد بوغلاب عوقب من الوزير لانه لم يتبع خطاه باعلان مساندته ليوسف الشاهد، فهل يليق هذا الموقف بوزير للثقافة طيلة ثلاث سنوات؟

. ما يؤسفني في وضع محمد أننا لم نسمع بأي شكل من أشكال التضامن والمساندة له فزملاؤه الصحافيين خرسوا ومنظمات المجتمع المدني تجاهلت الأمر وحتى أصدقاؤه الكثر على الفيسبوك. اندثروا الا قليل منهم. وهو أمر مخيف جدا لأنه ينبئ بأن مجتمعنا قيمه أهون من بيت العنكبوت. تمنيت على سي محمد أن يدير ظهره لمستنقع السياسة المحلية ويهجر الأعلام التونسي الى الأعلام الدولي حيث لا نجد فيه كثيرا من الأعلاميين التونسيين وهو يملك كل المؤهلات الثقافية والفكرية والمهنية للنبوغ فيه وقد جربته في حالتين. ألأولى كانت في حواره مع عصام العطار قيادي سابق في جماعة الاخوان السورية حول الازمة السورية في بداية سنة 2012 وهو الحوار الذي سهله له  د. هيثم مناع والثانية في حواره مع المؤرخ الألماني فرنر روف مؤلف كتاب البورقيبية والسياسة الخارجية التونسية في 2013 . لكني أعرف محمد وأعرف معدنه فهو ليس من النوع الذى يستسلم ولا شك انه يملك من القوة الذاتية ما يتيح له القفز على المظالم والخيانات والجحود التي طالته وما هي الا استراحة. مقاتل من أجل الكلمة الحرة ومن أجل الحقيقة ضالة كل مؤمن. كل التقدير وكل التضامن سي محمد فلست  وحدك

 

 أح 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.