عالم البيزنسفي العالم

إيطاليا تتشكك ومصر تفكر.. خط غاز “إيست ميد” قد لا يرى النور

بين احتفاء إقليمي وغضب تركي، ذاع صيت خط غاز “إيست ميد” إعلاميا خلال الفترة الأخيرة، والذي من المفترض أن ينقل الغاز قبالة السواحل القبرصية والإسرائيلية إلى أوروبا مرورا باليونان، إلا أن تطورا أخيرا قد يهز المشروع، الذي تبلغ كلفته 7.6 مليارات دولار.

إيطاليا التي من المفترض أن تكون أحد أكبر المستهلكين للغاز القادم عبر “إيست ميد”، أعربت عن تشككها حيال الخط المقترح، كما جاء على لسان وزير الخارجية لويجي دي مايو، الجمعة.

وقال وزير الخارجية الإيطالي إن المشروع “لن يمثل خيارا على المدى المتوسط والبعيد، مقارنة بمشاريع أخرى، وذلك عند أخذ التكلفة وعملية الإنشاء في الاعتبار”.

وأضاف دي مايو في تصريحات صاحفية “أعتقد أن البنية التحتية التي يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في تنويع موارد (الطاقة) الأوروبية، يجب عليها أن تكون قادرة على جذب رأس المال اللازم لبنائها ويمكن أن تكون مستدامة اقتصاديا”.

ومن المفترض أن يكون خط أنابيب “إيست ميد”، وهو بطول 2000 كيلومتر، قادرا على نقل ما يصل 11 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، من احتياطيات حوض شرق المتوسط البحرية، قبالة قبرص وإسرائيل، إلى اليونان وإيطاليا ودول أخرى في جنوب شرق أوروبا، عبر خطوط أنابيب الغاز اليونانية “بوزيدون” و “أي جي بي”.

خريطة خط غاز إيست ميد المقترحة
خريطة خط غاز إيست ميد المقترحة

ويحظى “إيست ميد” بدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لأهميته الكبيرة على صعيد تنويع مصادر الطاقة الخاصة بأوروبا، إذ سيوفر 10 في المئة من حاجات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي، ما يقلل اعتماد الأوروبيين على الغاز الروسي.

وتبقى كيفية نقل الغاز الطبيعي من مناطق استخراجه شرقا إلى غرب أوروبا، سؤالا مطروحا، نظرا لوجود تحديات تقنية ترتبط بعمق المياه، غير أن مسؤولين أوروبيين يؤكدون وجود القدرة المالية والتكنولوجية لتجاوز أي عقبات.

ما زاد من الشكوك حول جدوى المشروع، هو تصريح وزير البترول المصري إسماعيل الملا خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج المحلية.

وأكد الملا خلال المكالمة أن “إيست ميد” يواجه صعوبات تقنية، مثل آلية مرور الخط في المياه العميقة، ملمحا أيضا إلى أزمة مروره داخل منطقة محل نزاع بين اليونان وقبرص من جانب، ومن تركيا من جانب آخر.

على اليمين مشروع خط غاز "إيست ميد"، وعلى اليسار مؤولون من قبرص واليونان وإسرائيل
على صلة

أغضب تركيا.. “إيست ميد” المشروع الذي سيغير خريطة الطاقة في أوروبا

وهناك جزء يتعلق بالتكلفة والتي قد تتجاوز 7.6 مليارات دولار، بحسب الملا والذي يعد مرتفعا، في حين أن المشروع لن يتم إنشاؤه قبل عام 2026 أو 2027، وبالتالي لم يحدث حتى هذه اللحظة موافقة نهائية على الاستثمار في هذا المشروع، رغم التوقيع عليه.

وأضاف الملا أن الدول المشاركة في “إيست ميد” قد دعت مصر للمشاركة في خط الغاز، إلا أن مصر لا تزال تفكر في الأمر، مضيفا أن مصر تفضل تصدير الغاز إلى أوروبا من خلال تحويل الغاز إلى هيئة مسالة، حيث أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك محطات إسالة.

الكمية العرض والطلب

من ناحية أخرى، تحدثت مقالات وتقارير بحثية سابقة عن أسباب عدم جدوى خط غاز “إيست ميد”، من بينها مقال خبير الطاقة نيكوس تسافوس، في موقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

وقال تسافوس في مقاله إن هناك مشاكل تتعلق بنسبة الطلب على الغاز الأوروبي، وأخرى تتعلق بكميات الغاز المكتشفة في شرق المتوسط.

وأوضح أن هناك إمداد طاقة كاف في دول شرق أوروبا والبلقان، وذلك بسبب خط غاز “تورك ستريم” (الذي افتتح في 1 جانفي 2020، والذي ينقل الغاز من روسيا نحو تركيا وأوروبا)، بجانب منشأة رفيتوسا لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في اليونان، فضلا عن الغاز المنتظر تصديره إلى أوروبا من حقل “شاه دنيز 2” الموجود في بحر قزوين.

لسيل التركي.. ساحة مواجهة بين واشنطن وأنقرة

كما أن مشهد الطلب على الغاز أصبح قاتما بعض الشيء حسب تسافوس، فالطلب على الغاز في اليونان قد انخفض بشدة من عام 2011 إلى 2014، ورغم تعافي الطلب في 2017، فإنه عاد وانخفض في 2018.

من جانب آخر فإن الطلب على الغاز في بلغاريا لم يرتفع منذ 15 عاما، كما أن الطلب في إيطاليا على الغاز الطبيعي بين ارتفاع وانخفاض مستمر، لذلك فالصورة غير واضحة.

وفي شرق المتوسط، حدث تطوران، الأول: هو أنه لم يتم اكتشاف الكثير من الغاز في السنوات الأخيرة، على الأقل في مياه إسرائيل وقبرص (بينما هناك اكتشافات غازية في مياه مصر). وأضاف تسافوس أنه لم تشهد المنطقة إلا اكتشافين منذ عام 2013، وكلاهما أصغر من الحقول الضخمة السابقة.

أما التطور الثاني كما يرى تسافوس، هو أن الاكتشافات الغازية الأخيرة قد وجدت زبائن قريبين منها مثل إسرائيل والأردن ومصر. كما أن هناك سببا آخر يعيق المشروع، وهو الطرف الذي سيلعب دول مجمع الغاز.

فمن أجل ملء 15 أو 20 مليار متر مكعب من الغاز (وهي أحدث سعة يتم مناقشتها)، سيتعين تجميع الغاز عبر العديد من الحقول التي تتبع بلدان مختلفة. وليس من الواضح إذا ما كانت هناك دولة ستقوم بدور مجمع الغاز، الذي بدونه سيستحيل عمليا تجميع الأنابيب معا، كما هو موجود في دول أخرى.

ويرى تسافوس أنه في حال ما كان هناك حاجة لتصدير غاز المتوسط إلى خارج المنطقة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان خط أنابيب “إيست ميد” هو الحل الأفضل لذلك، إذ أن صادرات الغاز الطبيعي المسال في مصر تظل هي المرشح الأفضل لمعظم منتجي الغاز هناك، بما في ذلك حقل أفروديت في قبرص.

ويوجد بين مصر وقبرص اتفاقية لنقل الغاز من حقل أفردويت إلى محطات الإسالة المصرية، والتي يتم تصديرها إلى أوروبا عبر سفن على هيئة مسالة، وتعتبر مصر الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك محطات إسالة للغاز.

وكان وزيرا البترول والطاقة في مصر وإسرائيل، قد أعلنا في بيان مشترك الأربعاء، عن بدء ضخ الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر، وذلك من أجل تحويله إلى هيئة مسالة من أجل تصديره إلى أوروبا.

المصدر:الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.