ثقافة وفنون

أفنى عمره في النضال لأجل الأمازيغ…وعاد الى الجزائر بعد 39عاما من الغياب

عن عمر يناهز 70 عاماً، توفي الأحد 3 ماي، سفير الأغنية الأمازيغية في العالم، الجزائري حميد شريط، المعروف باسم إيدر، وذلك في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، بعد معاناة مع المرض العضال الذي أصيب به مؤخراً.

من هو إيدير؟

ولد حميد شريط أو إيدر سنة 1949 في قرية أيت حسين في منطقة القبائل بالجزائر، وكان منذ طفولته يحب العزف على الغيتار.

عندما كبر إيدر درس علم الجيولوجيا، وكان التحق بواحدة من المؤسسات النفطية في البلاد، إلا أنّه حصل حدث غير مجرى حياته.

ففي سنة 1973 وفي أحد البرامج الإذاعية بإذاعة الجزائر، والتي تقدم أغاني للأطفال، تخلّف الضيف الرئيسي عن إحدى الحلقات فحل مكانه إيدير لأداء واحدة من الأغاني، فكانت هذه اللحظة تاريخية له وحصل على شهرة واسعة خلالها.

View image on Twitter

لم تكد تمض الأيام حتى قام إيدر بتأليف أغنية “يا أبي إينوفا”، والتي قام بغنائها لأصدقائه في المؤسسة النفطية التي يعمل بها، فقاموا بتشجيعه على تلحينها ونشرها، وحدث ذلك عندما سجل الأغنية قبيل ذهابه لأداء الخدمة العسكرية.

بعد ذلك أصبحت أغنية “يا أبي إينوفا” واحدةً من أجمل الأغاني الأمازيغية، كما أصبحت رمزاً ونشيداً خاصاً للأمازيغ حول العالم، فقد أذيعت عام 1976 في 77 بلداً وتُرجمت إلى أكثر من 20 لغة.

أبرز أعمال إيدير

صحيح أنّ إنتاج إيدير الفني لم يكن كبيراً، لكنه كان مؤثراً جداً في تطوير الموسيقى الأمازيغية، فقد أدخل إليها إيقاعات وآلات جديدة مثل القيثارة والناي، كما قام بكتابة وتلحين أغانيه بنفسه، فضلاً عن كتابته لنحو 11 أغنية مستوحاة جميعها من التراث الأمازيغي.

وفي سنة 1979 قام إيدير بإنتاج ألبومه الثاني، الذي حمل اسم (أياراش إناغ)، قبل أن يختفي عن الساحة الفنية سنوات طويلة جعلت الجميع يفتقدون إبداعاته، وذلك حتى عام 1991 عندما عاد عن طريق إعادة إنتاج 17 أغنية من ألبوميه السابقين.

بينما كانت سنة 1999 واحدةً من أخصب السنوات الفنية لإيدير، فقد استطاع تسجيل 3 ألبومات غنائية بالتعاون مع مغنين وموسيقيين عالميين، أمثال ماني شاو وماكسيم فورستي وجيل سرفات والشاب خالد ودان أرمبراز وجيوفري أوريما.

كما تمكَّن إيدير من تسجيل ديو مع آلان ستيفان، عنوانه “اسالتين”، ليقف على خشبة الأولمبيا الباريسية ثلاثة أيام على التوالي.

ولم يكن إيدير مغنياً مشهوراً فحسب، بل كانت له عدة مشاركات في التمثيل أيضاً، فقد شارك بالعديد من الأفلام والمسلسلات مثل أفلام “باريس من بعيد، قصر الدم، امرأة ضائعة، ودموع الغازل”، كما شارك في مسلسلات “حب امرأة، وعشق اليوم”.

هجرته إلى فرنسا وعودته بعد 39 عاماً

بعد 4 عقود قضاها إيدير في فرنسا، رفض خلالها الغناء أو إحياء أي حفل فني في الجزائر عاد إيدير إلى بلاده سنة 2017، مبرراً غيابه طيلة هذه الفترة لـ”تعارض مبادئه ونضاله مع الأنظمة التي تداولت على حكم الجزائر”، قبل أن يقرر العودة مع اعتبار اللغة الأمازيغية لغةً رسمية في الدّستور الجزائري إلى جانب العربية، وهو المبدأ الذي ناضل من أجله.

ولدى وصوله إلى الجزائر العاصمة، عقد إيدير حينها مؤتمراً صحفياً أكد فيه نضاله الدائم من أجل اللغة الأمازيغية، بعيداً عن الحسابات السياسية، معبراً عن فخره بالانتماء للجزائر، ومؤكداً نيته الرجوع لإحياء الحفلات الغنائية في الجزائر.

قصة أسطورة إينوفا والوحش

اشترك إيدير في كتابة أغنية يا أبي إينوفا رفقة الشاعر محمد بن حمدوش باللغة الأمازيغية، وتحديداً اللهجة القبائلية، وهي أوّل أغنية لإيدير، صدرت في ألبوم يحمل الاسم نفسه عام 1976.

تدور الأغنية في إطار أسطورة أمازيغية ملخَّصها كفاح وتضحية فتاة اسمها «غريبا»، نحو والدها العجوز «إينوفا»، وإخوتها الصغار، وهي في ربيع العمر، من أجل لقمة العيش لها ولأسرتها في بقعة من بقاع الأرض.

السندريلا الأمازيغية كانت تعمل طوال النهار في حقول الزيتون، تقطف الثمار وتحرث الأرض وتعلف المواشي.

فإذا غربت الشمس عادت تجرُّ تعبَها إلى البيت، حيث يقبع أبوها الشيخ وإخوتها الصغار، تدقّ الباب فيحتار والدها هل يفتح الباب لقادم لا يعرفه -تسمّيه الأسطورة وحش الغابة- فيقضي على أولاده ولا يستطيع مقاومته، أم يسدّ الباب في وجه من تقول إنّها ابنته.

وتقول الأسطورة إنَّ الوالد اتَّفق مع ابنته على أن تَرُجَّ أساورها التي يحفظ صوتها، فإذا سمعها فتح الباب لابنته.

وبعد أن عرف الأب أنَّ القادم هو ابنته فتح لها الباب، وقالت له: «أخاف وحش الغابة يا أبي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.