اول الكلام

فتحي الخراط يتحدث عن الشاذلي القليبي

 

نشر فتحي الخراط – مدير ادارة السينما بوزارة الثقافة لسنوات طويلة ثم المدير العام للمركز الوطني للسينما والصورة قبل احالته على التقاعد ، وهو قبل ذلك ذو تكوين سينمائي ومحب للفن السابع،- تدوينة تضمنت شهادته  عن حضور الشاذلي القليبي حفل تكريمه بوزارة الثقافة باطلاق اسمه على قاعة الاجتماعات الكبرى زمن الوزيرة لطيفة الاخضر 

وتعميما للفائدة ننشر نص فتحي الخراط

رحل الاستاذ الشاذلي القليبي بهدوء يليق بشخصيته الهادئة الوقورة الحصيفة. وإن لم تُتَح لي فرصة العمل معه فقد عملت مع من عملوا أو تعاملوا معه في وزارة الثقافة ويجمعون كلّهم على أنّه ذو خصال نادرة في التعامل مع منظوريه ومع الفاعلين في الوسط الثقافي والإعلامي. وقد استطاع عندما كلّفه الزعيم بورقيبة بتكوين وزارة الثقافة أن يجعل منها خليّة عمل وان يوصل المادة الثقافية الى مختلف المدن والأرياف من خلال العروض السينمائية المتجوّلة والمكتبة المتجوّلةوالمهرجانات المتعدّدة والمتنوّعة.
وقد تولّت السيدة لطيفة لخضر عندما عيّنت على رأس وزارة الثقافة في حكومة السيد الحبيب الصّيد تكريمه بإطلاق اسمه على قاعة العروض بالوزارة. وعندما تناول الكلمة بمناسبة ذلك التكريم روى للحاضرين ملابسات تعيينه أوّل وزير للثقافة. فقد اتصل به المرحوم عبد الله فرحات رئيس ديوان الزعيم بورقيبة وأعلمه انّ رئيس الجمهورية يطلب منه إعداد تصوّر لما يمكن ان تكون عليه وزارة للثقافة. وكان الاستاذ القليبي حينئذ مديرا للإذاعة. وذكر كيف انّة أعدّ نصّا ارتكز على ثلاثة محاور:
– تعميم المادة الثقافية وإيصالها إلى المواطن
– تأصيل الإحساس بالانتماء الى تونس وابراز خصائص الشخصية التونسية وقد استعار عبارة المسعدي ” تأصيل لكيان”
-الانفتاح على الثقافة الانسانية والنّهل من تجارب الدول الرائدة في المجال.
بعد اسابيع عُيِّن وزيرا للشؤون الثقافية والإخبار. وذكر انّه علم فيما بعد أن ما طلبه منه السيد عبد الله فرحات قد طُلب من شخصيتين أخريين لم يُسَمِّهِما.
خلاصة المسألة ان شؤون الدولة كانت تدار بكثير من الجديْة والتعقّل وان السّباق كان مفتوحا امام الكفاءات وان تعيين المسؤولين يخضع إلى التروّي والتدقيق في الاختيار وليس مثلما يحدث منذ الثورة اذ بإمكان كلّ من هبّ ودبّ ان يصبح وزيرا ويكفي ان ينتمي إلى حزب يفوز في الانتخابات ليصبح بقدرة قادر وزيرا حتي لو لم يعمل يوما واحدا في الإدارة. والأمثلة على ذلك لا تحصى.
رحم الله الاستاذ الشاذلي القليبي وكلّ من ساهم في بناء الدولة الحديثة. وإنّه ليحزّ في النفس ان يرحل هؤلاء و في قلوبهم لوعة على ما آلت اليه أوضاع الوطن الذي ساهموا بلا كلل في بنائه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.