في العالم

وفاة تونسية تفتح ملف العنف ضد عربيات بألمانيا

شابة تونسية فقدت حياتها بعد إصابتها خلال شجار مع زوجها في مدينة بون الألمانية، هذه القضية فتحت الجدال مرة أخرى حول العنف ضد النساء العربيات في ألمانيا، وسبل حمايتهن في دولة تعتبر نفسها رائدة في مجال حقوق المرأة.

 

في قضية يشتبه الادعاء العام في أنها قد تكون مرتبطة بالعنف المنزلي، توفيت سيدة تونسية في مدينة أويسكيرشن الألمانية متأثرة بجراحها إثر شجار مع زوجها، يوم السبت الماضي.

تعرضت الشابة التونسية حنان ح. (25 عاماً)، وهي أم لطفل بعمر عامين، لضربة في الرأس، ما تسبب بتدهور حالتها الصحية سريعاً، وبحسب ما نقلت صحيفة “إكسبريس” عن شهود، أن الأم حاولت، على ما يبدو، الهروب من الشقة بعد إصابتها.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الشرطة حققت عام 2018 مع الزوجين بعد الإبلاغ عن حالة عنف منزلي، فيما ذكر مقربون من العائلة لـ DW عربية رفضوا الإفصاح عن هويتهم، أن هناك خلافات كانت قائمة بين الزوجين.

فيما أكد نائب بمجلس نواب الشعب التونسي عن دائرة ألمانيا موسى بن أحمد لـ DW عربية أن الزوج اتصل بأخيه فور إصابة زوجته الذي نصحه بالاتصال بالإسعاف وتبليغ الشرطة على الفور، وهذا ما فعله.

اعتقلت الشرطة الزوج لاحقاً على خلفية التحقيق في الاشتباه بالقتل غير العمد، بناء على ما ذكرته صحف ألمانية، فيما أكدت مصادر مطلعة لـ DW عربية أنه تم نقل الطفل لعائلة تونسية تحت رعاية وحماية السلطات الألمانية.

عنف منزلي متزايد في ألمانيا

رغم أن القضية مازالت تحت إجراءات التحقيق، إلا أنها أعادت إلى السطح قضايا العنف المنزلي ضد النساء في ألمانيا. إذ تتعرض كل امرأة من بين ثلاثة إلى العنف الجسدي و/أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها، وتتأثر به النساء من جميع الطبقات الاجتماعية والجنسيات، إذ قالت الصحفية والأخصائية بقضايا المرأة مريم أتام لـ DW عربية إن العنف يحدث في جميع الطبقات الاجتماعية في ألمانيا، فمن خلال عملها وجدت أن “المعنفين قد يعملون بوظائف مختلفة، ويعيشون ظروف حياتية مختلفة”.

وقد أوردت إحصائيات من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، أن العنف المنزلي في ألمانيا ارتفع خلال السنوات الأخيرة، فقد بلغ عددها 141 ألف حالة عام 2018،  فيما شهدت فترة العزل المنزلي بسبب كورونا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد بلاغات العنف وصلت إلى زيادة قاربت 10 بالمائة في المدن، وذلك بناء على ما صرحت فيه وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا جيفي لموقع صحيفة “دي تسايت” الألمانية في افريل المنصرم.

هذا التزايد تعاني منه المرأة العربية المقيمة في ألمانيا أيضاً، وفي حين لا تتوفر إحصائيات دقيقة حول حالات العنف المنزلي داخل الجاليات العربية بشكل خاص، إلا أن عدداً منها وصل العناوين الرئيسية في الصحف الألمانية بعد تطورها لجرائم قتل، من بينها قيام تونسي بدهس زوجته بشكل متعمد وتهشيم رأسها بمطرقة في تشرين الأول/ أكتوبر العام المنصرم، فيما انتشر فيديو للاجئ سوري في مارس 2018 يعترف فيه بقتل زوجته.

ويرجع الأخصائيون أن الظروف المجتمعية في ألمانيا التي يعيشها العرب، وإحساس الزوج أو الرجل بالفشل في حماية أسرته بألمانيا، يجعله يوجه العنف ناحية أفراد أسرته، كما تقول أتام، بالإضافة إلى ما يسمى بـ “السيطرة الاجتماعية” التي تجعل بعض أفراد المجتمعات المهاجرة يعيشون بالطريقة ذاتها في مجتمعات بلدانهم الأم، بما يتعارض مع قوانين المجتمعات الغربية، بحسب ما ذكر الباحث في المعيقات الثقافية للاندماج أندرياس كونه لصحيفة “العربي الجديد”.

اعتقلت الشرطة الزوج لاحقاً على خلفية التحقيق في الاشتباه بالقتل غير العمد، بناء على ما ذكرته صحف ألمانيةاعتقلت الشرطة الزوج لاحقاً على خلفية التحقيق في الاشتباه بالقتل غير العمد، بناء على ما ذكرته صحف ألمانية

فيما يشرح النائب موسى بن أحمد أن المواطن الذي يعيش في الغربة يحتاج إلى المساندة من دولته وجاليته، خاصة “وأن الكثير من النساء العربيات يتعرضن للعنف، ولا يتوجهن لمنازل حماية النساء المتوفرة في ألمانيا بسبب عدم مناسبتها لهن”، فيما ذكر الأخصائي الاجتماعي، روبرت شولر في تصريحات سابقة لـ DW  عربية أن بعض اللاجئات العربيات يعانين في صمت بدعوى الخلفية الثقافية والتقاليد، التي قد تحول دون الإبلاغ عن أزواجهن، وفي أغلب حالات العنف يتم الإبلاغ من طرف الجيران.

حماية النساء في ألمانيا

أصدرت الحكومة الألمانية في جانفي  2002 قانوناً للحماية من العنف، يستهدف ضحايا العنف المنزلي، سواء من الرجال أو النساء، وذكرت الأخصائية مريم أتام أن القانون يجبر المعتدي على مغادرة مكان سكن الشريكين، باعتبارها الخطوة الأولى لحماية ضحايا العنف، مضيفة أن هذا القانون، وقانون حماية الطفل كفيلان بالحفاظ على حقوق المرأة والطفل من العنف المنزلي المتزايد، بالإضافة إلى ضرورة توفير المعلومات القانونية والحقوقية للنساء بلغتهن الأم.

وفي هذا السياق أيضاً يؤكد النائب موسى بن أحمد قائلاً إن “على القنصليات والسفارات العربية تقديم الدعم للنساء المعرضات للعنف”، وتوفير المعلومات المتعلقة بحقوقهن وحمايتهن، إذ أن “الطبيعة الثقافية والاجتماعية” لبعض النساء العربيات قد تجعلهن يخشين أحياناً الخدمات الألمانية مثل بيت حماية النساء”، وعليه فإن الجالية العربية يجب أن تقدم الدعم لهن، مضيفاً أنه يعمل حالياً على مشروع لترجمة وتفسير القوانين الألمانية المتعلقة بالعنف وغيره إلى اللغة العربية، وجعلها متوافرة في يد من يحتاجها.

مرام سالم

المصدر:dw

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.