اول الكلام

وجهة نظر: بين الرواية والتلفزيون

بقلم الدكتور عبد الرزاق الحمامي
عكفت منذ بداية افريل الماضي وفي خضم شواغل الحياة والتزامات العمل على قراءة متأنية لروايتي الأديب التونسي المهاجر ابوبكر العيادي، الرجل العاري ثم لابس الليل فالفيت رجلا يتقن اللغة العربية واسرارها وصاحب قلم ياسرك شعرا ونثرا له قدرة على الوصف ورسم الملامح ورصد انفعالات النفس البشرية بعمق واقتدار.كنت وانا أقرأ اراجع صورة ابي بكر الطالب ضمن دفعتي في كلية الاداب وهو ملازم للصمت والتأمل غالبا فاقول اكل هذا كنت تختزنه يا صديقي؟ ومن حسن الحظ انك بحت به على الورق حتى لا تنفجر.
في الرجل العاري نرى العري يتجلى بكل معانيه ودلالاته:مهاجر في غرفة وضيعة على السطوح وبيده قلم وامامه ورق يحاول كتابة مشروع رواية وهو خاضع لعذابات المهجر واكراهاته فتطفو على السطح ثنائيات عديدة:الذات والموضوع،الشرق والغرب،الثورة والخيانة في نسق يجعل القاريء يلهث ولا يكاد يتأمل في قضية حتى يقحمه الراوي في اخرى ولعل ما ورد في تقديم الرواية بقلم زميلي د البشير الوسلاتي ما يغنيني عن تفصيل القول يكفي ان اقول : لليل وقع خاص على الكاتب وموقع خاص في رواياته.
وقد نحدس ذلك من روايته الأخرى:لابس الليل في طبعتها الثانية وقد محضها لرصد التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في تونس خلال ستينات القرن العشرين انطلاقا من معاناة حياة عايلة نازحة من الوسط استقر بها الحال في حفرة قريش على مشارف الملاسين من جهة والسيدة المنوبية من جهة ثانية.

[metaslider id=2149]
كانت عين الراوي راصدة للواقع والشخصيات ونفسياتها ومواقفها وردود افعالها في بيئة خاصة شعارها الصراع والتحدي في ظل نظام استبدادي فرض سياسة التعاضد بالقوة وتسبب في زيادة تفقير الطبقة الفقيرة…احداث متشابكة اتقن ابوبكر نسجها بلغة فصيحة طوع فيها بعض الامثال والحكم باللهجة الدارجة الى قوالب الفصحى ونجح في ذلك الى حد بعيد جعلها تجري على لسان الحرافيش وعامة النازحين وميز من بينهم بطلا رمزا شديد الشبه ببطل اللص والكلاب لنجيب محفوظ جعله رافعا لشعار العدالة الاجتماعية ورفض الظلم على خلفية قصة حب مقموع لم يكتب له النجاح.
الخلاصة ودون اطالة فان ابابكر العيادي كاتب تونسي يستحق الاحترام بل ان روايته لابس الليل مشروع جيد لشريط سينمائي بل يمكن ان ينتج منها مسلسل..ومقارنتي لبطله ببطل اللص والكلاب ما كانت مجانية بقدرما اردت بها التنبيه الى ان في تونس كتابا يضاهون محفوظ وغيره من اعلام الرواية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.