في العالم

سورية ومراهنات ترامب ـ بوتين

بقلم إيلان بيرمان -موقع الحرة

سيجتمع الرئيس دونالد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 16 تموز/يوليو، في قمة ثنائية مرتقبة ومثيرة للجدل على نحو واسع. إن جدول أعمال الاجتماع مليء بمواضيع حيوية من الناحية الاستراتيجية: من تدخل روسيا في انتخابات عام 2016 (وتدخلها المتوقع في الانتخابات النصفية الأميركية المقبلة في الخريف المقبل) إلى عدوان الكرملين المستمر ضد أوكرانيا. لكن في ما يتعلق بالشرق الأوسط، فإن الموضوع الأكثر أهمية الذي يناقشه الرئيسان هو بلا شك سورية.

حتى الآن، وبطريقة لا تختلف كثيرا عن الإدارة السابقة، فإن إدارة ترامب لم تصغ بعد استراتيجيتها تجاه الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات. وبدلا من ذلك، كان نهج أميركا تجاه النزاع خاضعا إلى حد كبير لأولويتين إقليميتين أخريين.

يجب أن يقال للرئيس بوتين، إن قيامه بدور فعال في الحد من الوجود الاستراتيجي الإيراني في سورية، سيكون بادرة جدية يمكن الانطلاق منه
الأولية الأولى هي القتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). كان إسقاط “الخلافة” التي أعلنها تنظيم “داعش” أحد الوعود الأساسية التي أطلقها المرشح ترامب خلال حملته في انتخابات عام 2016، ومنذ توليه منصبه، وسعت إدارته على نحو مضاعف انخراط الولايات المتحدة في العمليات العسكرية ضد المجموعة الإرهابية.

النتائج كانت حاسمة. في ذروة قوته في منتصف عام 2014، سيطر تنظيم “داعش” على مساحة تقرب من حجم المملكة المتحدة، وخضع لسيطرته نحو ثمانية ملايين مدني. واليوم، تم القضاء بشكل كامل تقريبا على دويلته في العراق وسورية، ويؤكد المسؤولون الأميركيون الآن أنهم “قريبون جدا من الوصول على القضاء على الخلافة”. ومع ذلك، فإن الحفاظ على تلك المكاسب سيعتمد على مدى نجاح أميركا وشركائها في التحالف الدولي في منع عودة ظهور “داعش” على الأراضي السورية في المستقبل.

[metaslider id=2149]

الأولوية الثانية هي عزل إيران والضغط عليها. القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب الربيع الفائت بالتخلي عن اتفاق 2015 النووي المعروف رسميا باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، مهد الطريق لاستراتيجية جديدة وشاملة لحسر إيران الإقليمي. يتضمن هذا النهج الذي تم تحديده في الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية مايك بومبيو في 21 أيار/مايو، التزاما بتفكيك الوجود العسكري الإيراني في سورية. إلا أن المسؤولين في إدارة ترامب لم يوضحوا بالضبط كيف يمكن تحقيق هذا الهدف، من دون وجود كبير لـ”قوات أميركية على الأرض” في سورية.

روسيا لديها القدرة على المساعدة في كلا الجبهتين. على مدى العامين ونصف العام الماضيين، وسعت موسكو بشكل ملحوظ من وجودها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وذلك بفضل حملتها العسكرية في سورية، وهي تسعى الآن لتعزيز ودعم هذا الوجود. ويلتزم الكرملين بحملة واسعة لمكافحة الإرهاب ضد مختلف الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، والذين يتحدر الكثير من أعضائها من الاتحاد الروسي أو أجزاء أخرى من “مناطق ما بعد الاتحاد السوفييتي”. وبعبارة أخرى، تخطط روسيا للبقاء في الشرق الأوسط، بغض النظر عما قد يقوله علنا المسؤولون الروس.

بدأ المسؤولون الروس النظر إلى الوجود العسكري والسياسي الإيراني المنتشر في سورية على أنه جمر تحت الرماد
ويبدو أن الكرملين قد أخذ يغير موقفه تجاه إيران. صحيح أن موسكو وطهران لطالما ربطتهما شراكة استراتيجية كبيرة، وقد اقتربتا أكثر خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة حملتهما المشتركة لدعم نظام الأسد في دمشق. ومع ذلك، بدأ المسؤولون الروس النظر إلى الوجود العسكري والسياسي الإيراني المنتشر في سورية على أنه جمر تحت الرماد، وقد أقنعت المناوشات العسكرية المتكررة بين إسرائيل وإيران في جنوب سورية الكرملين بالتدخل مباشرة لـ”خفض التصعيد”. في تراجع عن السياسة السابقة، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن التواجد في الجنوب السوري يجب أن يكون محصورا بالقوات السورية. ويقول صانعو السياسة الروسية الآن أنهم توصلوا إلى “تفاهم” مع إسرائيل حول الحاجة إلى تسهيل خروج إيران من المسرح السوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.