عالم البيزنس

لسرّ الرابع للكلب ذي القوائم الست إزدياد نجاحات « إيني » الإيطالية في التنقيب وإنتاج الهيدروكربونات في 44 دولة روما – عرفان رشيد

ا

سجّل إنتاج الغاز في حقل « ظهر » في المياه الإقليمية المصرية قُبالة ديلتا نهر النيل في الثامن من سبتمبر الماضي ملياري قدم مُكعّب في اليوم، وهو ما يساوي حوالى 365 ألف برميل من الزيت المعادل.
ويعود 110 ألف برميل من هذا الإنتاج إلى حصّة الشركة الإيطالية الوطنيّة للطاقة إيني، التي أسهمت بشكل مباشر وكبير في اكتشاف هذا الحقل وتشغيله وإيصاله إلى مراحل الإنتاج وتوزيع الغاز في مصر، وذلك في زمن قياسي بلغ سنتين وأربعة أشهر فقط من تاريخ اكتشاف الخزين، قياساً إلى ما يزيد على تسع سنوات تستغرقها في العادة العمليات منذ لحظة الاكتشاف إلى لحظة الإنتاج والتوزيع.
في غضون ذلك تواصل شركة « إيني » الاستكشافات وقد اقتنت في التاسع والعشرين من شهر أغسطس الماضي 124 ترخيصاً استكشافياً في آلاسكا، وفي اليوم التالي تم الكشف عن حقل جديد في المناطق المُرخّصة لها في « عُبيد الشرقية » في الصحراء المصرية الغربية. وتواصل الشركة البحث والتنقيب في كلٍّ من لبنان وعُمان وكازاخستان والمكسيك وكوت ديفوار والمغرب، أي بمعنى التواجد والبحث في جميع أنحاء العالم، وسرعان ما سيتم الإعلان عمّا هو جديد.
وزادت إنتاجية حقول « إيني » من الغاز والزيوت في عام 2017 لتبلغ 1،82 مليون برميل يومياً، وهو رقم قياسي بالمطلق ويفوق بنسبة 5،3 في المائة عن إنتاج العام الذي سبق. إلاّ أنّ « إيني » تواصل عمليات استكشاف حقول جديدة في أكثر من 44 دولة تتواجد فيها في أرجاء العالم، وفي لحظة استكشاف تلك الحقول تتمكّن « إيني » من تفعيلها في أزمنة قياسية حقاً.
وتكمن أسرار هذه النجاحات في إطار الاستكشافات في أرجاء العالم في المركز الجيومتري في سهل پادانيا،شمال شرق إيطاليا، وما بين مزارع رزّ «الإيربوغونين» التي تُشتهر المنطقة بإنتاجه. هناك بالذات، وفي قلب المبنى المستقبلي لمركز الـ « غرين داتا » يعمل « إتش پي سي 4 » ( HPC4 ) الذي يُعدّ الكومبيوتر عالي التقنيات الأسرع في العالم أجمع.
وبفضل برامجه عالية التقنيّة لحساب الخصائص، يتمثّل الـ « إتش پي سي 4 » دون توقفٍ، ولو للحظة واحدة، المعلومات القادمة من التحليلات الزلزالية لباطن الأرض ويتمكّن من تزويد جيولوجيّي « إيني » بالمعلومات الدقيقة الضرورية لمعرفة مواقع تواجد مخزونات الغاز والزيوت وعن الأماكن التي ينبغي الحفر فيها لاستخراج الذهب الأسود، وربّما أيضاً في مواقع كانت شركات أخرى حاولت فيها وأقلعت عن فكرة الحفر، بالضبط كما حدث مع الموقع الثمين للغاية والخزين الغازي الضخم في حقل « ظهر » في عرض دلتا النيل بمصر.
لكن، عندما يتمّ العثور على الهيدروكربونات، يأتي الدور على السر الثاني: الآصرة المتكاملة مع مجمل العملية، بدءاً من التنقيب والاستكشاف الأوليّين، دراسة الحقل وإلى التصميم الهندسي، إلى تأسيس شبكة الآبار وأنابيب الزيوت وأنابيب الغاز، محطّة الضخ والتوصيلات مع البنى التحتية الموجودة والقائمة، وصولاً إلى المصافي.
في الواقع تتم هذه العمليات بشكل تراتبي، إذْ يُفترض ألاّ تبتديء مرحلة ما إلاّ إذا اكتملت المرحلة السابقة لها، إلاّ أنّ الوضع مع « إيني » مُختلفٌ تماماً، فعندما تُطلق الشركة إحدى عملياتها، فإنّ جميع هذه المراحل تنطلق معيّة بعضها. تستغرق عملية التشغيل الانتاجي لحقل ما من لحظة الاكتشاف إلى المرحلة اللنهائية ما يربو على 9 سنين. وفي حقل « ظهر » في مصر أتاح هذا النموذج تأسيس جميع البُنى التحتية الضروريّة وإيصال الغاز إلى المواقد والمطابخ، سنتين وأربعة شهور، منذ لحظة الاكتشاف، محقّقة يذلك رقماً قياسيّاً عالمياً بالمطلق.
وهنا يُسح المجال للسرّ الثالث، والذي تُطلق عليه « إيني » بـ « نموذج الاستكشاف المزدوج » ( Dual Exploration model ). فعندما يشمّ الكلب دي القوائم الست ( وهو شعار شركة إيني الإيطاليّة للطاقة ) رائحة الزيت أو الغاز، وتكون العمليات جاهزة للرنتاج، تقوم « إيني » بيبع نسب أقليّة إلى شركات أُخرى، وتحافظ دائماً على الأغلبية في يديها لمراقبة الديمومة والاستغلال الناجع. وبهذه الطريقة تولد عملية ضخٍّ سريعة للسيولة في الحافظة، ويتمّ استغلال ذلك باستثماره في الاستكشاف عن حقولٍ وأراضٍ أُخرى. وقد حدث ذلك مع حقل أوف شور المنطقة الرابعة في موزمبيق، وحيث تنازلت « إيني » عن 20 في المائة إلى الشركة الوطنيّة الصينيّة للبترول و 25 في المائة إلى إلى إيكسون موبيل. وبذات الطريقة تم التنازل عن نسب أقليّة من حقول شروق – وحيث يتواجد الحقل العملاق « ظهر » – إلى شركة النفط الروسيّة « روسنيفت » بـ 30 في المائة، وإلى بريتش بيتروليوم بنسبة 10 في المائة.
لكن، بالإضافة إلى الأسرار الثلاثة آنفة الذكر، ثمة سراً رابعاً، ربما يكون الأهم من بين هذه الأسرار: فهذه النتائج التي تُتيح لـ « إيني » استكشاف الزيوت والغاز في أكثر من 44 دولة، وباستغلال مُدّخرات تلك الحقول في أزمنة قياسيّة، مموّلة سوق الطاقة في العالم، يمكن لها أن تتحقّق فقط عبر عمل فريق متكامل وموحّد. فهناك تعاونٌ دقيق وناجح ما بين الجيولوجيّين وتقنيّي الحقول، والمحلّلين والمهندسين والعلماء وخبراء البحث واللوجستيّات، وهم من يعملون ضمن 33 آلف شخص ويلعبون لعبة واحدة هي تنفيذ خطط « إيني ». فريق قد حدّد لنفسه اليوم هدفاً مُحدّداً وكبيراً وهو: بلوغ مستوى إنتاج مليوني برميل يومياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.