شكون قتل شكري؟
ماذا سنقول في الذكرى الخامسة لاغتياله؟
نستحي من الكتابة له بعد خمس سنوات كاملة من استشهاده… تضيع حواسنا، وترتبك مفرداتنا ونحن نحاول العثور على “لغة” نكتبه بها وهو في سكنه الأخير…
نستحي من الاعتراف بأنه تحول إلى “مادة” صحفية للبيع…
نستحي من الاعتراف بأننا خذلناه، وأننا لم نكن نستحق التضحية بحياته من أجلنا… نحن أصغر بكثير من موته بسلاح غادر… نحن أصغر بكثير من أحلامه الكبيرة… من أفكاره… من مواقفه… وتعددت الخسارات بعده، وأكبرها يتم “نيروز” و”ندى”…
في الذكرى الخامسة لاغتياله نستحي من النظر في صوره… نستحي من البكاء على قبره… ونسأل في تردد “من اغتالك؟”، وحده كان قادرا على توجيه الاتهام علنا للمتهم الحقيقي بموته… أما نحن فلا نستطيع فعل ذلك لأننا لا نملك شجاعته ولا صدقه… نجلس في بيوتنا في انتظار “هدية أمنية”… نحن جميعا نعرف الجناة الحقيقيين… أولئك الذين كفروه، وحرضوا على قتله، وأعدوه لزفته الأخيرة بعدد من الطلقات…
نتذكر جيدا… كان ضروريا قتل “كمال القضقاضي” ليطمئن الجاني الحقيقي الذي يعيش بيننا هادئا، معتزا بما فعل…
مازلت أذكر ما قاله وزير الداخلية آنذاك في الذكرى الأولى لاغتيال “شكري”: “قتل “كمال القضقاضي” “أجمل هدية” لعائلة الشهيد “شكري بلعيد”، ولكن الوزير أخطأ التقدير!!
منذ استشهاده إلى اليوم وعائلة الشهيد مع شق كبير من التونسيين يسألون في إلحاح “شكون قتل شكري؟”، كان المطلوب من وزارة الداخلية تحديد الجاني الحقيقي… كان يمكن إذن أن تكون الهدية هدية فعلا لو نجحت قواتنا الأمنية في القبض على “القضقاضي” حيا وأرغمته على كشف الملفات السرية المتعلقة باغتيال “شكري بلعيد”، والجهات التي تزود تنظيمه بالمال والأسلحة المتطورة بمختلف أنواعها… هذه هي الهدية التي كان يمكن أن تقدمها وزارة الداخلية للتونسيين وللشهيد في الذكرى الأولى لاغتياله… أما القضاء على “كمال القضقاضي” فلا يعدو أن يكون قطع غصن من شجرة متفرعة، بعضنا يتضلل تحت جذعها دون وعي…
في الذكرى الخامسة لاغتياله سنعترف بشيء واحد “لقد خذلناك… لم نستوعب الدرس لا من مواقفك في حياتك، ولا من موتك… رحيلك جعلنا أكثر جبنا مما قبل… اغتيالك غذى فينا الرغبة في الاختباء عملا بنصيحة “جحا” (أخطى راسي وأضرب)
في الذكرى الخامسة لاغتياله سنكتفي بترديد السؤال الملح “شكون قتل شكري؟”… فلنحتفظ على الأقل بشرف السؤال وقد ضللنا الطريق المؤدية إلى الإجابة جبنا أو تواطؤا…
في الذكرى الخامسة لاغتياله، نقول له بارتباك العاجز قليل الحيلة: نحتاجك في هذا الوطن سلاحا قاومنا به جبننا… وباستشهادك صرنا عزل في ساحة لم تعد صالحة للمعارك…
“ياااا شكري” كما تقول رفيقة دربك “بسمة بلعيد”، إنهم ينهشون جثتك… لقد حولوك إلى “مسلسل نتابع أحداثه كل مساء”، من يبحث عن البطولة فيه يقفز فجأة قائلا “عندي معلومات تثبت من المتورط في قتلك”… “يااا شكري” إنهم لا يستحون فلا تغفر لهم
*كوثر الحكيري