يوم الدين : فيلم مصري في المسابقة الرسمية لمهرجان كان :مصر التي لا نعرفها
بعد غياب ست سنوات عن المسابقة الرسمية لمهرجان كان( بعد الموقعة ليسري نصر الله سنة 2012) تعود مصر الى صدارة السينما العالمية بفيلم استثنائي هو”يوم الدين” لمخرجه ابو بكر شوقي الذي لا يكاد يعرفه احد في الساحة السينمائية المصرية
المعلومات الشحيحة عنه تفيد بإنجازه لفيلم قصير بعنوان”أشياء سمعتها في أيام الأربعاء” عرض قبل ست سنوات في مهرجان نيويورك ، فيلم باللغة الانجليزية التي يتقنها شوقي عن عائلته، ربط تاريخه الشخصي بما مرت به مصر من احداث سياسية وعسكرية ، عاد بالذاكرة الى الجد شوقي الذي كان كارها للسياسة منذ زمن عبد الناصر ولكنه شارك في الانتخابات لاول مرة بعد ان تجاوز الثمانين من العمر بعد الثورة التي اطاحت بنظام مبارك.
[metaslider id=2149]
اما”يوم الدين” فقصة “بشاي” مسيحي الديانة مصاب بالجذام، يتركه ابوه منذ كان صبيا امام ملجأ عساه يتداوى من هذا المرض الذي يقصي صاحبه من الحياة العامة.
بعد وفاة زوجته يقرر بشاي ان يغادر لاول مرة”المستعمرة” رفقة حماره”حربي” ورفيق دربه وبصحبة الطفل”اوباما” يتيم الابوين في رحلة نحو قنا بحثا عن عائلته.
يخشى بشاي ان يموت فلا يهتم لامره احد
يقول المخرج ان فكرة فيلمه جاءت خلال تصويره فيلما قصيرا في المستعمرة في ابو زعبل، اكتشف عالما من المهمشين المطرودين من عائلاتهم مرضى ومعوقين وايتاما
اراد المخرج ان يعيد الاعتبار لمعنى ان تكون انسانا ، ان يكون المرء قادرا على ان يعرف بانسانيته لا بمرضه
ربما كان مفاجئا للبعض ان يهتم شوقي المنحدر من بيئة باشوات بالمهمشين والمنسيين على اساس انه من طبقة مختلفة يصعب ان يشعر بالام من هم دونه، ينسى هؤلاء ان تشي غيفارا كان بورجوازيا وكان بوسعه ان يعيش حياة الرغد ولكنه اختار الدفاع عن المنسيين ، لا يوجد حائط سميك بين الطبقات اذ لا يختار اي منا من اي وسط ينحدر ولا في اي بيئة ينشأ
اكتشف المخرج الثلاثيني الدارس في نيويورك مصر التي لا يعرفها ، حيث يعيش المصابون بالجذام في مستعمرة في ابو زعبل منعزلين عن العاديين ، وسمع حكايات عن قرى كانت تجلي مرضاها خوفا من العدوى ….
كتب شوقي الفيلم سنة 2013 ، شرع في التصوير في سبتمبر 2015 وانهاه في جانفي 2016 وعجز عن استكمال العمليات الفنية بعد التصوير ، كان عليه ان ينتظر الصدف التي جمعته بالمنتج بمحمد حفظي مدير مهرجان القاهرة السينمائي المعين حديثا ليكمل فيلما كتبه هو وانتجته زوجته اليزابات
فيلم يختلف عن السينما المصرية التي تدور في فلك القاهرة، هو فيلم خارج العاصمة ، هو فيلم عن مصر التي لا يريد احد ان يعرفها فحتى الهرم الذي نشاهده في الفيلم هو هرم مجهول ومنسي في قلب الصحراء لا يزوره احد
انها مصر الاخرى، لا هي ملائكة ولا هي شيطانية ، انها مصر التي ينبغي ان تقاتل فيها طوال اليوم كي تحيا
اختار ابو بكر شوقي راضي جمال لاداء دور بشاي ، لم يكن خيارا سهلا ان يسند بطولة فيلمه الطويل الاول لشخص ليس ممثلا ، هو ايضا قصته تشبه قصة بشاي تركه ابوه صغيرا وقد شارف على الموت،
“يوم الدين” فيلم لا يشبه السينما المصرية وقصته تصلح لاي مكان في العالم، لا معنى لمسيحية بشاي فهو يدخل الجامع ويصلي اضطرارا عند طلب الامام وينام ملء جفنيه في بيت الله
وبماذا يتميز المسلمون الذين قابلهم بشاي في رحلته مستكشفا مصر؟ الديانة ليست اصلا تجاريا ولا علامة على اي شيء قد تكون مسلما صالحا وقد تكون مسلما سارقا قاسي القلب … الاهم ان تكون انسانا …
محمد بوغلاب