البحر بيضحك ليه؟
هل كان نجيب سرور سيسأل “البحر بيضحك ليه” وهل كان الشيخ إمام سيلحّن سؤاله ويغنّيه؟ لم يكونا ليفعلا ذلك لو عرفا أنّ ضحكه كان على أشلاء الهاربين من أوطان تلفظ أبناءها وشبابها وقد ملّوا ركوب اليأس برّا فركبوا الموت بحرا؟ حقّ للبحر أن يضحك منّا وعلينا ونحن نقدّم له القرابين البشريّة يوميّا. تحوّل بحرنا الجميل من ملهم الشعراء وجامع العاشقين على شاطئه إلى أنوبيس، ولم يقترن لطفه وجماله إلا بالموت فكان في أفضل الحالات ثاناتوس إله الموت اللطيف وربّما تحوّل فغدا عنيفا تماما مثل أخته كيريس. لم يعد بحرنا صالحا للسباحة وتلاقي العشّاق والمراهقين الهاربين من عيون المتطفّلين. بحرنا لا يهدأ أبدا، يبتلع كلّ شيء وكلّ من يقترب مناديا “هل من مزيد”، بحرنا غدا مثل صقر أكّال للبشر تجاوز التسعة عشر بكثير. أصبح بحرنا تنّينا مرعبا من غياهب الميثولوجيا القديمة، أصبح “بحرا أحمر متطرّفا”، شاطئ قرقنة الجميل المقتطع من ضوضاء المدن وصخبها استبدل هدوءه بصمت المقابر الكئيب تقطعه زفرات الموت الموحشة.
بقلم نادر الحمامي