بين أحضان “مومو”: الموت لعباً كما الموت جهلاً عـن البـيـانات الـتي لا تـقـول شـيـئا
*بقلم نصر الدين اللواتي/صحفي تونسي مقيم بالدوحة
كلاّ إنها ليست مزحةً بل حقيقة، بيان للوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية في تونس يحذّر من لعبة جديدة للمراهقين واليافعين تدفع للانتحار، فقال كل شيئ دون أن يفيد الناس بما هو أهمّ: ماهي هذه اللعبة التي على الناس الحذر منها وحماية أطفالهم من خطرها، لأن البيان لا يحتوي على إسم هذه اللعبة.
خشيتي حقّا أن يكون مبرّر هذا الصمت عن إسم اللعبة، هو تقديرُ الهيئة أن لا يطلع عليها الناس، ففي هذه الحالة لن يكون هذا البيان فقط خاطئا إتصالياّ ومفتقدًا لوظيفته الأساسية، بل مؤشرًا على طريقة تفكير باليةٍ لا تليق بمؤسسة فائقة الأهمية والخطورة كهذه الوكالة.
ولكن المشكل والمحبط ليس فقط في صمت الوكالة، بل في إعادة عشرات المواقع لوسائل الاعلام نشر البيان خامًا كما هو بلا إضافة أو تساؤل أي دون أية معالجة صحفيّة، وبالتالي بلا أدنى نهمٍ مهني ولا حب اطلاع، هكذا وبكل راحة ضمير، في حين تكفي جولةٌ على صحف أجنبية باللغة الفرنسية والأنقليزية وحتى صحف لبنانية لنحظى بتفسير يشفي الغليل وبجرعة معلوماتية جيدة وتوضيح للأسلوب الأمثل في التعاطي مع مثل هذه الألعاب والممارسات.
اللعبة إسمها MOMO وهي نظام محادثة ذكيّ عبر الواتساب متعدد اللغات ويقوم على استدراج المراهقين واليافعين.
أتساءل كيف يمكن للحس العفوي السطحي أن ينفع في مثل هذه القضايا؟ وكيف يمكن للصمت أو الكسل أوالصنصرة أن تصبحَ استراتيجيا إتصالية و فلسفةً إعلامية؟
لا يذكّر ذلك إلا بالتقاليد السياسية السخيفة الغابرة التي جعلت من الاحتيال اللغوي والصنصرة والغمز براعةً، كما يذكّرُ بالثقافة الشعبية الغابرة التي كانت منذ عقود تقاوم ضراوة مرض السرطان مثلا والخوف منه بطمس إسمه والاحتيال عليه بالكناية فيصبح على لسان الناس هو فقط “المرض الخايب” لا معلومات تفسره ولا ثقافة واطلاع لمقاومته، وهكذا فما يضربنا كل يوم في مقتل، نواجهه نحن بالصمت والكتمان، حتى عندما نكون بين أحضانه سواءٌ كان « Momo » أو سرطاناً.