في سابقة من نوعها، أقام مسيحيون مصريون صلاتهم بشكل علني في السعودية، بحضور وفد كنسي قبطي التقى بعدد من المسؤولين السعوديين.
وكان مطران الكنيسة الأرثوذكسية المصرية بمنطقة شبرا الخيمة وتوابعها والمشرف على الأقباط في السعودية، الأنبا مرقس، قد ترأس لأول مرة قداسي صلاة بالسعودية، في أثناء زيارته للمملكة.
وقال الأنبا مرقس خلال اتصال هاتفي مع “موقع الحرة”، إن القداسين أقيما في منزل أحد الأقباط يوم أمس وأول أمس بعد دعوة الأسر القبطية لأداء الصلاة.
وعن التحضيرات التي سبقت الزيارة، قال مرقس: “تقابلت مع سمو الأمير محمد بن سلمان عندما أتى إلى مصر في آذار/مارس، وذلك في وجود البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة القبطية، الذي أخبر ولي العهد بزيارتي السعودية ثلاث مرات سابقا، فقال الأمير لي إنه يجب علىّ زيارة السعودية كل عام على الأقل”.
وأشار مطران شبرا الخيمة إلى أن ولي العهد السعودي قد دعا البابا تواضرس لزيارة السعودية، لكن لم يتم مناقشة الأمر أو الترتيب له حتى الأن.
وأضاف مرقس لـ “موقع الحرة” أنه اجتمع بالأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في مكتبه بالرياض الخميس، بحضور عضوين من السفارة المصرية، وناقشوا العديد من الملفات، نافيا في الوقت ذاته مناقشة أي شئ يتعلق ببناء دور عبادة أو كنيسة للأقباط في السعودية.
وكان رئيس وفد المسيحيين الإنجيليين الأميركيين جويل روزنبرغ، قد أثار قضية عدم وجود كنائس بالمملكة أثناء زيارته السعودية في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وطلب من ولي العهد إذنا لبناء كنيسة في السعودية.
وحسب روزنبرغ، وعد بن سلمان بمناقشة هذا الأمر مع رجال الدين في السعودية.
يذكر أن تقارير صحافية قد أشارت إلى موافقة السعودية مبدئيا على افتتاح كنائس للمسيحيين بالمملكة، وذلك بعد زيارة الكاردينال بالفاتيكان جان لوي توران، إلى السعودية في نيسان/أبريل المنصرم، واجتماعه بالشيخ محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي.
ويحظر بناء الكنائس في المملكة التي يعيش بها 1.4 مليون مسيحي، أي ما يزيد قليلا عن أربعة في المئة من مجمل السكان، ومعظم هؤلاء المسيحيين من العمال المهاجرين، حسب منظمة Open Doors (أبواب مفتوحة)، المعنية بشؤون المسيحيين.
“خطوة محدودة”
من جانبه يصف الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحق إبراهيم إقامة هذا القداس بأنه “خطوة محدودة ليس لها تأثير كبير، لعدم وجود توجه واضح نحو السماح بالحريات الدينية، وتمكين غير المسلمين من ممارسة شعائرهم بحرية وفي العلن”.
ولا يسمح للمسيحيين في السعودية باصطحاب صور أو أيقونات مسيحية فضلا عن الكتب الدينية، بالإضافة إلى منعهم من تنظيم احتفالات دينية أو قداسات، بحسب إبراهيم.
وبدأ المسيحيون الأقباط السفر إلى السعودية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي من أجل العمل، وتتميز علاقاتهم بالسلطات السعودية بأنها مستقرة طيلة العقود الماضية، رغم حرمانهم من ممارسة الشعائر علنا.
“لا يوجد كنيسة، ولا يسمح بالصلوات الجماعية بشكل رسمي في المملكة وإنما يمكن للأجانب المسيحيين أن يصلوا بإحدى القاعات بشكل سري، لكن إقامة القداس علنا يعد أمرا جديدا”، يضيف إبراهيم.
ويخلص الباحث بالمبادرة المصرية إلى أن “الزيارة الأخيرة تأتي بعد أشهر من استقبال البابا تواضروس لولي العهد السعودي في المقر الباباوي، وفي سياق مساعي النظام السعودي لإعادة تقديم وتسويق نفسه من خلال بعض الإصلاحات التي يقول إنها في سبيل الانتفاح على الثقافات الأخرى”.
لكن المفكر والكاتب القبطي كمال زاخر يرى أن هذه “خطوة مهمة”، ويقول في تصريحات لـ”موقع الحرة” إنها “جاءت بعد فترة من التضييق مثل حظر الكتب الدينية المسيحية للمصريين الأقباط في المملكة”.
ويضيف زاخر أن “هذا يأتي في سياق أعم وأشمل تعيشه السعودية، سواء على مستوى الانفتاح مع الأجانب والمرأة والديانات الأخرى”.
ويرى المتحدث الإعلامي باسم منظمة اتحاد أقباط المهجر، مدحت قلادة، أن تنظيم القداس القبطي “بلا شك محاولة لتبييض وجه النظام السعودي خاصة بعد حادث مقتل الصحافي جمال خاشقجي”.
وأشار قلادة إلى التمييز الديني الذي يعانيه الأقباط المتواجدون بالسعودية، موضحا أنه “لا يمكن لمسيحي أن يدخل إلى بعض المناطق مثل مدينتي مكة والمدينة”.
ويضيف قلادة لموقع “قناة الحرة” أنه كانت تمنع أي طائفة مسيحية بإقامة صلوات بشكل علني باستثناء الجاليات الأميركية، لكن هذه أول مرة يقام فيها قداس قبطي علنا.
المصدر: موقع الحرة