احمد نجيب الشابي: ما وقع لنبيل القروي اختطاف
خرج نجيب الشابي السياسي المخضرم عن صمته وأدان إيقاف المرشح الرىاسي نبيل القروي
في ما يلي التدوينة التي نشرها احمد نجيب الشابي
آليت على نفسي التزام الصمت طيلة الحملة الانتخابية الجارية والمحافظة على مسافة واحدة إزاء كل المترشحين، غير أن ما حدث يوم الجمعة جعلني اقرر الخروج عن صمتي.
ما حدث يوم الجمعة هو اختطاف بأتم معنى الكلمة لمرشح للانتخابات الرئاسية قصد التخلص من منافس.
ما وقع يوم الجمعة يمثل تدخلا غاشما للسلطة التنفيذية في العملية الانتخابية. ولا يشفع لها القرار القضائي الصادر عن دائرة الاتهام.
المسألة لا تتعلق بمعرفة إن كان نبيل القروي مذنبا أو مخالفا للقانون فتلك مسألة يبت فيها القضاء وكل متهم بريء حتى تثبت ادانته من خلال محاكمة عادلة.
قضية القروي منشورة أمام التحقيق منذ أشهر طويلة. استمع فيها قاضي التحقيق للمتهم عدة مرات ولمدد تجاوزت الثلاثة عشر ساعة احيانا. لم يوجه القاضي التهمة للمظنون فيه وقرر تكليف ثلاث خبراء لتدقيق الحسابات والإبقاء على المتهم في حالة سراح مع تحجير السفر عليه وتجميد أمواله.
استأنف المتهم هذا القرار والمبدأ “ألا يضار الطاعن بطعنه” أي ألا تسوء حالته بسبب طعنه.
كيف اتخذت دائرة الاتهام قرارها؟ لا أحد يعلم، حتى أن جمعية القضاة طالبت في بيان لها وزارة العدل بتوضيح الإجراءات التي وقع اتباعها.
ملابسات القضية لا تدع مجالا للشك.
لقد فشلت الحكومة، مرة أولى، في تمرير قانون جائر، مقد على المقاس، يهدف الى حرمان مواطن من حق الترشح الى رئاسة الجمهورية بناء على اعمال سابقة، لم يكن يجرمها القانون.
نجحت الحكومة في استصدار هذا القانون وأقرت الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين مطابقته للدستور. لكن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي قرر قبيل وفاته عدم ختمه وكان بإمكانه عرضه على الاستفتاء الشعبي كما يتيح له الدستور ذلك.
بعد هذا السعي المحموم لجأت السلطة التنفيذية الى القضاء، خلال العطلة القضائية، لاستصدار قرار بالإيقاف التحفظي في حق نبيل القروي,
الايقاف التحفظي اجراء استثنائي لا يتخذ الا في حالات ثلاث (الخوف على مجرى الأبحاث أو الخوف من اقتراف جريمة حديدة أو ضمانا لتنفيذ العقوبة). نظر قاضي التحقيق في هذه الشروط واعتبر انها غير متوفرة واكتفى بقرار التحجير عن السفر وتجميد أموال المتهم كإجراءات احترازية.
وفي غياب أدنى توضيح من السلطة القضائية وفي ضوء هذه المبادئ القانونية الأساسية واستنادا على خبرة التونسيين الطويلة والمريرة بأساليب الاستبداد، اعتبر:
– ان اختطاف نبيل القروي في الشارع بموجب قرار لم يجف حبره يعد تدخلا عنيفا من السلطة التنفيذية في سير العملية الانتخابية بهدف التخلص من منافس تصدر نتائج جميع عمليات سبر الآراء المنشورة قبل الفترة الانتخابية.
– أن هذا الاعتداء على سلامة العملية الانتخابية ينزع عنها شروط النزاهة وتكافؤ الفرص والشفافية
– ان سكوت المرشحين لرئاسة الجمهورية عن هذا الاعتداء الصارخ يجعلهم قابلين بالمشاركة في منافسة مغشوشة وينزع عنهم شرطي الثقة والأمانة الذين يمثلان أساس العقد بينهم وبين الشعب
– أن سكوت جل الأحزاب السياسية وغيرها من منظمات المجتمع المدني عن هذا الاعتداء يجعلهم شركاء فيه ويحملهم نتائج انزلاق تونس نحو الدكتاتورية من جديد.
وإني لأدعو بهذه المناسبة الاحرار والشرفاء من السياسيين والمدافعين عن حقوق الانسان وعن دولة القانون أن يخرجوا من سلبيتهم ليفرضوا تأمين شروط الانتخابات النزيهة وذلك بالمطالبة بالإفراج فورا عن نبيل القروي وبضمان حياد الإدارة في العملية الانتخابية.
ان القانون معصوبة عينيه، لا يفرق بين مواطن وأخر، وتنطبق احكامه في تكاملها على الجميع، دون تمييز أو استثناء. وان خروج الدولة عن سكة القانون لا يدع ولا يذر.