كلمة السّفير الأمريكي بمناسبة العيد الوطني للولايات المتّحدة الأمريكية
سيّداتي وسادتي … مساء الخير ومرحبا بكم!
كلّ الشكر على تفضّلكم بقبول دعوتنا وعلى تعطيل التزاماتكم لتشريفنا بحضوركم والاحتفال معنا بعيدنا الوطني يوم 6 سبتمبر بدلاً من يوم 4 جويلية!
أودّ أن أتوجّه بشكر خاصّ إلى:
السيّد كمال مرجان، رئيس الحكومة المفوّض؛
السادة الوزراء، والنوّاب، ورؤساء البلديّات الموقّرين؛
رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية؛
ممثّلي المجتمع المدني التونسي الكرام؛
أودّ كذلك أن أتقدّم بالشكر الجزيل للمؤسّسات الراعية لحفلنا وللفنّانين والموسيقيّين الذين سيرافقوننا الليلة بإبداعهم: العازفة هُيام غطّاس، فرقة Nightcall ونجاة وْنِيس، ومجموعة تونس 88.
ونخصّ بامتناننا الصادق كلّ جندي وكلّ أمنيّ وكلّ حارس يسهر على أمننا الليلة.
احتفالنا هذا المساء هو احتفال بعرى الصداقة بين دولة من أقدم الديمقراطيّات في العالم واخرى من أحدثها سنّا. لقد أجرت الولايات المتّحدة أول انتخابات رئاسية سنة 1788. وبعد قرنين ونيف، يمّم التونسيّون وجوههم نحو صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس ومجلس نيابيّ جديد. كانت هذه الهواجس التي تعتري أيّ ديمقراطية جديدة قائمة هنا أيضا عام 2014. هل ستتّسم العمليّة الانتخابية بالمشروعية المطلوبة؟ هل ستتخلّلها أعمال عنف؟ هل سيقبل التونسيّون بنتائجها؟
دحر التونسيون هذه الشكوك، واستجابوا بشجاعة لنداء الواجب، وقاموا بما يقوم به مواطنو جميع ديمقراطيات العالم: أفصحوا عن اختياراتهم وأسمعوا أصواتهم، ورفعوا فخرا سبّابات محبّرة بالأزرق.
وتسلّم الباجي قائد السبسي – رحمه الله – رئاسة تونس. لن ننسى ونحن نحيي أربعينيّته هذا المساء حنكته وإرثه القيادي كأوّل رئيس منتخب على نحو ديمقراطي بتونس.
وبينما نأسى لفراق الرئيس السبسي، يرصد أصدقاء تونس بإكبار وإعجاب خطاها الحثيثة والواثقة نحو انتخابات مبكّرة تهتدي بدستورها وتستنير بقوانينها. فجمعت بذلك تونس بين حداثة الديمقراطية وثباتها. وبحلول يوم الخامس عشر من سبتمبر، سيمارس التونسيون حقّا لا تزال أقوام عديدة حول العالم تتوق إلى فعله – ألا وهو التصويت والعمل بما تفرزه الصناديق.
تعتزّ الولايات المتّحدة بمعاضدتها لتونس، صنوها الديمقراطي وشريكها. نعمل رفقة الحكومة التونسية في جميع أنحاء البلاد على مشاريع تيسّر تحرير إمكانات الاقتصاد التونسي، وخاصّة قطاعه الخاصّ. أعظم موارد تونس هي طبعا قواها العاملة ذات المهارة والحيويّة. فها هي تبعث مشاريعها، وتخلق مواطن الشغل فتغدو قاطرة حقيقية للنموّ الاقتصادي بتونس. ولذا نعمل مباشرة مع مئات المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة في جميع المناطق التونسية لمساعدتها على إيجاد أسواق وفرص جديدة.
نعمل كذلك بجدّ وعناية لتوسيع مجالات التجارة الثنائية والاستثمار بين بلدينا. لقد أمست الولايات المتّحدة الوجهة الأولى لصادرات الصناعات التقليدية التونسية. صنع في تونس علامة يتنامى صيتها عبر الولايات المتّحدة، فمطاعم نيويورك تقدّم هريسة الوطن القبليّ، ومنازل الأمريكيّين تزدان بالفخار النابلي والزربيّة القيروانية. وأمّا عن زيت الزيتون التونسي العضوي فيعمّر رفوف المتاجر الأمريكية، كما يتناول أصدقائي الأمريكيّون الكثير من التمور التونسية – أي ما فاقت قيمته 90 مليون دينار عام 2018. ولكنّ طموحنا أن نرى مزيدا من فرص الاستثمار للشركات الأمريكية في تونس إذ تجلب هذه الشركات معها معايير عالية وتكنولوجيا متقدّمة وتطلّعا إلى السوق العالمية.
تتعاون الولايات المتّحدة تعاونا وثيقا مع تونس في المجال الأمني، لأنّنا نواجه تهديدات مشتركة عابرة للحدود، وندرك أنّ الرخاء الاقتصادي والتطوّر الديمقراطي يتطلّبان استتباب الأمن والاستقرار. لم تدّخر قوّات الأمن في تونس جهداً ولا شجاعة في تصدّيها للإرهاب والتطرّف، ولا أملك من هذا المنبر إلّا أن أشيد باستبسال الجنود وأعوان الأمن الذين يقدّمون التضحيات تلو التضحيات حفظا لأمن تونس.
ما يمكن أن نستخلصه من التاريخ الأمريكي هو أن التحوّل إلى الديمقراطية مسيرة لا تنتهي ولا تكتمل مُثلها العليا. ولكن ما لمسناه هو أنّ الأجيال تتعاقب وتناضل من أجل رعاية الديمقراطية وحمايتها وتجويدها، ثمّ تسلّم مقاليدها إلى من يليها. لقد صغنا في أمريكا لحظات فخرنا وعزّنا عندما وقفنا كأمّة واحدة في ذودها عن مُثُل الحرّية والمساواة والعدالة التي تقوم عليها الديمقراطية، والتي نحتفي بها الليلة في ذكرى استقلالنا. أعتقد أنّ التونسيّين يعتنقون هذه المثل ولهذا أنا متفائل بمستقبل تونس.
يا تونس الخضراء ويا أهل تونس الطيّبين، نقف إلى جانبكم أقراناً على درب الديمقراطية وكلّنا اعتزاز بما يجمعنا من شراكة وصداقة.
يسرّني الآن أن أدعو ضيف الشرف، رئيس الحكومة المفوّض، السيّد كمال مرجان إلى إلقاء كلمته.