بعد هروبه من اليابان،كارلوس غصن: لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي”
يعمّ الذهول اليابان يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 بعد تمكّن رجل الأعمال كارلوس غصن، أحد أشهر الشخصيات في العالم، من الفرار من البلاد دون أن يتم رصده، مثيراً تساؤلات حول كيفية نجاحه بتنفيذ ذلك وحول مصير محاكمته.
بينما كان غصن يستعد لجلسة محاكمته بكل جدّ، وفق فريق دفاعه، ويبدو، بحسب مقربين منه، منكباً على تطبيق كل القواعد المفروضة عليه، (لا إقامة خارج منزله، ولا تواصل مع زوجته، وعدم مغادرة طوكيو لأكثر من ثلاثة أيام)، أذهل فراره العالم.
وقال محاميه الرئيسي جونيشيرو هيروناكا إنه علم بالخبر من “التلفزيون”، معربا عن “صدمته”.
وصرح المحامي لوسائل الإعلام وقد بدا عليه التأثر، “طبعاً هذا غير مقبول، لأنه خرق لشروط إطلاق سراحه المشروط، وغير قانوني بنظر القانون الياباني. مع ذلك، فإن القول بأنني لا أفهم مشاعره قصة أخرى”.
– “ظلم واضطهاد سياسي”
وذكرت قناة “إن اتش كاي” اليابانية العامة نقلاً عن مصدر لم تذكر هويته أن “وكالة خدمات الهجرة أكدت أنها لا تملك أي أثر” (معلوماتي أو فيديو) لشخص اسمه كارلوس غصن غادر البلاد.
ويحتجز محامو غصن اليابانيين جوازات سفره الرسمية الثلاثة لضمان احترامه شروط إطلاق سراحه.
وأكد يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 محاميه هيروناكا أن الجوازات لا تزال بحوزتهم، ما يدعو إلى الاعتقاد أن غصن فرّ باستخدام أوراق أخرى.
وأكد مصدر في الرئاسة اللبنانية في بيروت يوم الثلاثاء أن غصن وصل على طائرة جاءت من تركيا، مستخدماً جواز سفر فرنسي وبطاقة هويته اللبنانية
وظهرت انتقادات صادرة عن نواب يابانيين على وسائل التواصل الاجتماعي. واعتبر ماساهيسا ساتو من الحزب الليبرالي الديموقراطي الحاكم أن “سماح بلد بمثل هذا الخروج غير القانوني يطرح إشكالية”.
ويجد المدعون العامون اليابانيون أنفسهم عاجزين أمام الحدث. ويرى هيروناكا أن النتيجة المنطقية لفرار غصن هي إلغاء إطلاق سراحه المشروط، وحجز القضاء للأموال التي سددها والبالغة قيمتها تقريبا 12 مليون يورو.
لكن في ظل غياب اتفاقية لتسليم مطلوبين بين بيروت وطوكيو، ليس من المرجح أن تتم إعادة غصن إلى اليابان. وحتى ولو كافح المدعون لاستعادته ومحاكمته، إلا أنه سيكون من الصعب إثبات التهم الموجهة ضده في الخارج، خصوصاً في لبنان المستعد للدفاع عن مواطنه، وفق ما شرح لوكالة فرانس برس المدعي العام السابق والمحامي نوبيو غوهارا غير المرتبط بالملف، لكن الذي يقوم بتحليل عناصر القضية منذ البداية.
ويرى غوهارا أن “هناك أمرا واحدا مؤكدا. بالنسبة للمدعين، الوضع شديد الخطورة. يجب أن تشعر شركة نيسان بالخوف، وكذلك المدعون”. ويضيف “فريق الدفاع فقد اعتباره تماماً. لقد تعهدوا للقاضي بأن غصن سيبقى في اليابان كشرط من شروط إطلاق سراحه. احتفظوا بجوازات سفره لكنه غادر مع ذلك”.
وليست محاكمته غيابياً خياراً في اليابان، وفق المحامي الذي يعتبر أن فرار غصن هو نتيجة لنظام قضائي لا يترك أملاً بوجود منفذ.
واعترض غصن وعائلته منذ توقيفه على الأساليب اليابانية، واصفين النظام الياباني بـ”عدالة الرهينة”. وكذلك اعتبر فريق دفاعه الفرنسي.
وبذل المدعون العامون من جهتهم أقصى جهودهم لكي لا يتم الإفراج عن غصن، مستندين خصوصاً إلى احتمال أن يغادر البلاد إذا أطلق سراحه.
وقال غصن في البيان الذي نقله المتحدثون باسمه في طوكيو مع رحيله “أنا لم أعد بعد اليوم رهينة لنظام قضائي ياباني متحيز، حيث يتم افتراض الذنب، وحيث التمييز موجود على نطاق واسع وحيث حقوق الإنسان تنتهك، في تجاهل تام للقوانين والاتفاقات الدولية التي تصادق عليها اليابان والملزمة باحترامها”.
وأضاف “لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي”.
ودافع عدد من المغردين اللبنانين عن غصن، مرحبين بعودته الى وطنه الاصلي لبنان “إلى حضن الوطن والحرية وحقوق الإنسان” على حد قولهم.
فقال فادي غصن: “اتهموه بالفساد والسرقة بدون أي دليل، عالم جاحد انتشلهم من الانهيار والإفلاس طعنوه وحاولوا تحطيمه بالرغم من إنقاذه لهم. وكل يلي عم ينتقده اليوم ويتهموه بالفساد هم مجموعة من الفاشلين والحاسدين”.
وقالت ليلى نيكولاس: “كارلوس غصن إلى لبنان، إلى حضن الوطن والحرية وحقوق الإنسان. إلى كل من باعنا أفلام وحكايات مخترعة عن “كوكب اليابان”… روحوا انضبوا”.
في المقابل رفض لبنانيون عودة غصن إلى لبنان، متسائلين عن الصفقة التي أعادته إلى أرض الوطن، ومطالبين الدولة اللبنانية بإعادته إلى اليابان.
فقالت عديلة: “إذا بعد في ذرة منطق سليم بهالبلد، الدولة بتحمل كارلوس غصن وبتردّو من مطرح ما إجى. إلا اذا صاير شي صفقة مش عارفين فيها”.
وقال البروفيسور اللبناني-الأمريكي في العلوم السياسية أسعد أبو خليل: “عن مجيء كارلوس غصن إلى بيروت: يبقى لبنان الملاذ الأخير للنصّابين العالميّين من أصل لبناني. لكن لماذا لم يقصد فلسطين المحتلّة؟ لديه صداقات كثيرة مع زعماء إسرائيليّين”.
وتساءل آخرون عن صدفة عودة غصن بعد أيام من استقبال رئيس الجمهورية لوفد ياباني يرأسه وزير الدولة الياباني للشؤون الخارجية كيسوكي سوزوكي.
فقالت مها: “بعد وصول العميل فاخوري إلى لبنان بتسهيل من العهد القوي، وصل الفاسد الاختصاصي كارلوس غصن اللي تبرّع بعقارات تحوّلت مكاتب للتيار الوطني الحرّ وجبران باسيل. المال الفاسد للتيار الفاسد والرئيس الفاسد والمموّل الفاسد”.
وقال منسّق التجمع من أجل السيادة نوفل ضو: “تمّ تهريب كارلوس غصن من اليابان التي تتهمه بالفساد والتهرب الضريبي إلى لبنان هل هي صفقة ومن قام بها؟ ما هو انعكاسها على علاقات لبنان الدولية؟ من سمح بدخول غصن لبنان؟ وهل دفع لقاء ذلك مبالغ مالية، ولمن؟ ما علاقة العملية بمشاريع غصن لشركة رينو في دول معيّنة خلافاً للعقوبات الأميركية؟”
ومن جهة أخرى طالب لبنانيون بتسمية غصن لتولي حقيبة وزارية في الحكومة التي كلف بتشكيلها حسَان دياب.
فقالت لوريس قسطنطين: “كارلوس غصن وصل إلى بيروت مساء أمس آتيا من اليابان على متن طائرة خاصة، الاتهامات بحقّه في اليابان لا تقلّل من حنكته ولا من قدراته الخارقة، أنا أرشحه لتولي منصب في حكومة الإنقاذ العتيدة. كارلوس غصن أنقذ شركة نيسان من الإفلاس ووضع رينو بين كبريات شركات السيارات”.
وقالت ريم الأيوبي: “كارلوس غصن هرب من منزله في اليابان عبر صندوق للآلات الموسيقية، وهو موجود في بيروت الآن في منزل أهل زوجته. وهناك حديث عن توزيره في الحكومة الجديدة لمنحه الحصانة، لسا اليابان ما زعلناها منا”.
ولم يكن اسم غصن حديث اللبنانيين فقط بل والعرب أيضا.
وأعرب كثير من المغردين عن أسفهم من “أن تختتم مسيرة نجاح كارلوس غصن كشخص مطارد وهارب في لبنان”.
وظهر اسم كارلوس غصن باللغة الإنجليزية Carlos Ghosn في أكثر من 38 ألف تغريدة، ورحب عدد كبير من المستخدمين بعودة غصن إلى لبنان.
فقال أربيت ماهيندرا: “إن حياة كارلوس غصن تستحق بالتأكيد فيلمًا أو سلسلة. من إنقاذ شركة رائدة في صناعة إلى الحكم عليه بتهمة غسل الأموال. والآن ربما يواجه قضية أخرى”.
وقالت كاربونادي فلمندي: “أحسنت كارلوس غصن، لو كنت مكانك لفعلت الشيء نفسه”.
وفي أعقاب ذلك أعلنت نيسان إقالة غصن، مشيرة إلى أن التحقيقات كشفت عن مخالفات مالية لغصن بينها تحويل خمسة ملايين دولار من أموال الشركة إلى حساب مرتبط به.
وبرر فريق الدفاع عن غصن هذه الاتهامات بأنها نتيجة تواطؤ بين الادعاء العام ومجلس إدارة شركة نيسان بهدف التخلص منه ومنع خططه لدمج الشركة مع رينو الفرنسية، التي كان غصن يتولى إدارتها أيضا.
وعقب إلقاء القبض عليه، أمضى غصن فترة طويلة قيد الاحتجاز، غير أنه أُفرج عنه حديثا، لكن تحت قيود مشددة تشترط عدم مغادرته البلاد.
المصدر:مونتي كارلو