زيارة مثيرة للجدل تلك التي قام بها وزير العدل السعودي السابق محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، لما يسمى بمعسكر ضحايا الهولوكوست في العاصمة البولونية وارسو، وأدى الصلاة بالموقع. وهي الزيارة التي لقيت إشادة كبيرة من وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين.
إذ نشر موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية تغريدة جديدة على «تويتر»، مساء الخميس 23 جانفي 2020، أشادت فيها الوزارة بزيارة الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس مجلس هيئة علماء المسلمين، برفقة قادة دينيين مسلمين آخرين من أكثر من 24 بلداً.
صورة شاملة: محمد العيسى له سوابق عديدة في التطبيع مع إسرائيل والتواصل مع اليهود، ودعا في أكثر من مناسبة إلى تجاوز الخلافات، كما تمت استضافته في كثير من المناسبات اليهودية.
العيسى، الذي كان وزيراً للعدل في الحكومة السعودية عام 2007، عضو بهيئة كبار العلماء منذ 2016، كما يشغل منصب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي التي تتخذ من مكة مقراً لها، منذ عام 2017. واظب خلال السنوات الأخيرة على فتح باب التطبيع مع إسرائيل من خلفية دينية، وتحت ذريعة «حوار الأديان».
عودة إلى الوراء: مهمة محمد العيسى بدأت عام 2017، عندما زار، في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى جانب السفير السعودي لدى فرنسا محمد الإنكاري، أكبر كنيس يهودي في باريس. حينها، أعلنت الصحافة الإسرائيلية الخبر، ووصفت زيارته بـ «الزيارة التاريخية». وبينما واظب الإعلام الإسرائيلي على التشديد على أن العيسى مقرّب من بن سلمان، فإنه ذكر أيضاً أن الزيارة التي تمت بدعوة من الحاخام الأكبر ليهود فرنسا حاييم كورسيي، وحاخام كنيس باريس الكبير موشي صباغ، «مؤشر جديد على دفء العلاقات بين إسرائيل والسعودية»، كما قالت صحيفة «جيروزاليم بوست».
ماذا قالت تل أبيب؟ ذكرت صفحة «إسرائيل بالعربية»، الناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية، أن «الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، السعودي محمد العيسى، برفقة وفده، يؤدي الصلاة في ذكرى ضحايا المحرقة خلال زيارته لمعسكر الإبادة أوشفيتس. قُتل في هذا المعسكر أكثر من مليون يهودي خلال الهولوكوست».
بدوره، نشر أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تغريدة جديدة على «تويتر»، احتفى فيها بتلك الزيارة، قائلاً: «هذا هو الإسلام الحقيقي».
كما قال أدرعي: «رجل الدين السعودي محمد العيسى وبعثته يصلّون لذكرى ضحايا الهولوكوست اليهود في معسكر أوشفيتس… شاهدوا الفيديو واتّعظوا، فالتآخي بين الديانات علّة كل خير»!
للرابطة رأي آخر: أكدت الرابطة في موقعها، أن الزيارة تأتي لـ «التنديد بكل عمل إجرامي أياً كان مصدره وعلى أيٍّ كان ضرره وأثره، وأن هذه هي قيم الإسلام، وسيُعَبِّر عن ذلك جمع غفير من القيادات الإسلامية من كبار العلماء الذين سيقومون بتلك الزيارات، وتأكيد كذلك أن الموقف الإسلامي لا يحمل سوى قِيمه الرفيعة المجردة، ليُعبِّر عن عدالة الإسلام مع الجميع، وأنه دين رحمة وإنصاف، وأنه ضد كل ممارسات الشر، وأن هذا الموقف لا يقتصر على داخله الإسلامي فقط؛ بل يشمل الجميع فعدالة الإسلام ورحمته عامة».