شاهد الجميع رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وهي تمزق خطاب الرئيس دونالد ترامب لـ«حالة الاتحاد» بعد ثوانٍ من الانتهاء من إلقائه أمام مجلس الشيوخ. لكن لماذا فعلت هذا؟ وكيف رد البيت الأبيض ونواب حزب ترامب الجمهوري على هذا التصرف؟
لماذا مزقت بيلوسي الخطاب؟ سأل صحفيون بيلوسي عن سبب تمزيقها الخطاب أثناء خروجها من قاعة مجلس الشيوخ، وقالت إن «هذا التصرف كان الأكثر تهذيباً بالنظر إلى الخيارات الأخرى».
كيف رد البيت الأبيض؟ أدان البيض الأبيض تصرف بيلوسي في تغريدة عبر حسابه على تويتر، وقال إنها مزقت قائمة بلحظات إنسانية مؤثرة، وعدد إنجازاتها التاريخية في 4 مواقف:
- واحدة من آخر الطيارين الناجين من توسكيجي، وهي تجربة سريرية شائنة السمعة أقيمت بين عامي 1932 و 1972 عبر خدمة الصحة العامة الأمريكية لدراسة التطور الطبيعي لحالات الزُّهري غير المعالج في الرجال السود في ريف ولاية ألاباما.
- إنقاذ حياة طفل مولود بعد 21 أسبوعاً فقط (أي 5 أشهر ونصف).
- إقامة الحداد لأسر روكي جونز (أمريكي قتل على يد مهاجر غير شرعي)، وكلايلا مولر (أمريكية خطفها تنظيم داعش رهينة، واتهم زعيمه أبوبكر البغدادي باغتصابها مراراً قبل مقتلها).
- لمّ شمل أحد أفراد الخدمة مع أسرته.
ثم ختم البيت الأبيض تغريدته بالقول: «هذا هو إرثها»، وهو ما قصد منه التقليل من إنجازاتها مقارنةً بترامب الذي مزقت خطابه.
الجمهوريون أيضاً غضبوا: بالإضافة إلى البيت الأبيض، انتقد كبار الجمهوريين في الكونغرس بيلوسي، ووصفوا تصرفاتها بأنها «مشينة» و«تافهة»، وفق تعليقات نقلها موقع The Hill الأمريكي.
إذ قال كيفن مكارثي، زعيم الأقلية في مجلس النواب: » كم هي تافهة. تمزيق قطعة من الورق لا يغير الحقائق التي كُتبت عليها، الأمريكيون ينتصرون رغماً عن الديمقراطيين الذين لا يفعلون شيئاً»، بينما اعتبرت النائبة الجمهورية ليز تشيني، ما فعلته بيلوسي بالإساءة لمجلس النواب ولمنصبها كرئيسة له.
كما طالب النائب الجمهوري ستيف سكاليز بيلوسي بالاعتذار، وقال: «كان ذلك مخزياً، إنه أمر لا ينبغي أن تفعله. يجب أن تعتذر عن ذلك»، واعتبر مايك جونسون رئيس لجنة الدراسات الجمهورية، إن تصرف بيلوسي يخلق المزيد من الانقسامات، وأكد أنه لم يكن خطاباً حزبياً بل كان حول أمريكا، وأضاف: «نحتاج إلى توحيد البلد».
انقسام واضح: أظهر خطاب «حالة الاتحاد»، الانقسام في الطبقة السياسية بأمريكا، إذ امتنع ترامب عن مصافحة بيلوسي وهو يعطيها نسخة من الخطاب، وهذا اللقاء بينهما هو الأول منذ أن خرجت رئيسة مجلس النواب غاضبة من اجتماع بالبيت الأبيض. ما إن فرغ ترامب من إنهاء خطابه ووسط تصفيق حار من الأعضاء الجمهوريين، حتى بدأت بيلوسي التي بدت غاضبة، بتمزيق خطابه، بل عادت ومزّقت نسخة ثانية منه وألقت الأوراق على الطاولة، وفي هذه الأثناء كان ترامب يهمّ بمغادرة مجلس الشيوخ دون أن يراها.
كذلك، تجنبت بيلوسي استخدام العبارات البروتوكولية المعتادة مثل «من دواعي سروري» أو «من دواعي الفخر البالغ» التي يستخدمها رئيس المجلس عادة لدى تقديم رئيس البلاد لإلقاء كلمة بالكونغرس، وكل ما قالته عند تقديم ترامب: «أعضاء الكونغرس.. إليكم رئيس الولايات المتحدة». كما رفض العديد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين حضور الكلمة السنوية احتجاجاً على ترامب.
«خطاب الاتحاد»: كان ترامب يقف وجهاً لوجه أمام أعضاء الكونغرس الديمقراطيين في قاعة مجلس النواب، واستغل خطابه في السخرية من معارضيه والتشدق بالاقتصاد وإنجازاته، إذ اعتبر أنه قد «أوفى بوعوده التي قطعها بخلاف كثيرين آخرين قبله»، في وقتٍ علا تصفيق الجمهوريّين، بينما لم يبد أيّ تأثّر على المعارضة الديمقراطية.
في القاعة نفسها حيث تمّ اتهامه باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، شدّد ترامب في خطابه على «العودة الكبرى لأمريكا»، وعلى «النجاح الاقتصادي الكبير» للولايات المتحدة، وقال: «لقد نجحت استراتيجيتنا»، متحدّثاً عن اتفاقاته التجارية الأخيرة مع الصين وكندا والمكسيك.
كذلك، تطرّق ترامب بشكل سريع في خطابه إلى مواجهته مع إيران وخطّته «للسلام» في الشرق الأوسط، مؤكداً من جهة ثانية عزمه على «إعادة» الجنود الأمريكيين من أفغانستان.
عشية المحاكمة: يأتي خطاب ترامب قبل عشية تبرئة شبه مؤكدة له، بعدما شرع النواب الديمقراطيون وعلى رأسهم بيلوسي في مساءلة الرئيس الأمريكي بمجلس النواب لاتهامه بالضغط على نظيره الأوكراني فولديمير زيلنسكي، من أجل فتح تحقيق حول جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والمُنافس الأبرز المُحتمل لترامب في انتخابات الرئاسة المقبلة نهاية 2020.
فيما يتوقع أن يبرأ مجلس الشيوخ ترامب من اتهامات بإساءة استخدام السلطة، وعرقلة عمل الكونغرس، في المحاكمة التي انتقلت إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون أنصار ترامب. وتُشكل هذه المحاكمة محطة تاريخية في الولايات المتحدة، إذ إنها ثالث مرة في تاريخها يقوم فيها الكونغرس بمحاكمة الرئيس ضمن آلية عزل، بعد أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1999.