مصر واثيوبيا:صراع على مياه النيل ومخاوف من سد النهضة
بعدما هيمنت على مياه نهر النيل لآلاف السنين، تجد مصر نفسها اليوم مهددة بمشروع سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النهر الذي يعد الأطول في العالم.
وفيما ترى إثيوبيا أن للمشروع أهمية خاصة في تحقيق برامجها للتنمية، تعتبره مصر تهديدا سيقطع عنها مصدر المياه الذي يضخ الحياة في البلاد.
ورصد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز المخاوف والطموحات لدى كل من مصر وإثيوبيا والسودان، التي تتشارك مياه نهر النيل، وسط أجواء من التوتر بين أديس أبابا والقاهرة منذ 2012 حول هذا الملف الذي دخلت واشنطن أخيرا على خطه كوسيط لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المعنية.
سد النهضة العظيم
بدأت إثيوبيا ببناء السد في 2012، وأطلقت عليه اسم “سد النهضة العظيم”، الذي يتوقع أن يصبح أكبر مصدر للطاقة الكهرمائية في أفريقيا.
ويبلغ طول السد 1.8 كلم وارتفاعه 145 مترا، بسعة تقارب مساحة مدينة لندن.
السد الذي تبلغ كلفة بنائه 4.5 مليارات دولار، من المتوقع أن يبدأ في توليد الطاقة الكهربائية في 2020، حيث سيتم ملؤه في شهر جويلية المقبل، فيما سيبلغ طاقته التشغيلية القصوى بحلول 2022.
وسيكون حينها أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الماء في أفريقيا بطاقة 6 آلاف ميغاواط.
لماذا تتخوف مصر من مشروع السد؟.. خطر وجودي
وتخشى مصر أن يؤدي المشروع الأثيوبي إلى خفض حصتها مياه النيل الذي يوفر لها ما نسبته 90 في المئة من احتياجاتها المائية.
ويكمن الخلاف بين مصر واثيوبيا في مسألة تعبئة الخزان الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى 74 مليار متر مكعب، خصوصا وأن القاهرة تخشى من أنه إذا تمت التعبئة بشكل سريع فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف تدفق مياه النيل.
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال اجتماع في الأمم المتحدة عقد في سبتمبر “إن حياة نهر النيل، تعد مسألة وجودية لمصر”.
ومنذ آلاف السنين كان المصريون “أسياد النيل بلا منازع”، وفق تقرير الصحيفة، حيث كان النيل مصدرا هاما في بناء إمبراطورياتهم القديمة وحتى الجمهورية الحديثة.
وتعتمد مصر في ما يتعلق بحصتها المائية من نهر النيل، على اتفاقية تعود إلى الحقبة الاستعمارية ، والتي لا تعترف بها إثيوبيا.
وبلغ نصيب الفرد في مصر 570 مترا مكعبا في العام 2018 وينتظر أن يقل إلى 500 متر مكعب بحلول العام 2025، وفق الأرقام الرسمية.
وتطلب مصر الحصول على 40 مليار متر مكعب من مياه النيل سنويا كحد أدني وهو ما ترفضه أثيوبيا.
لماذا تريد إثيوبيا بناء السد؟.. برامج التنمية
وتقول إثيوبيا، الدولة الأكثر تعدادا للسكان في شرق أفريقيا وصاحبة الاقتصاد الأسرع نموا في القارة، إن المشروع ضروري لتحقيق برامج التنمية لديها.
وتعول عليه من أجل تحقيق مكانة هامة للبلاد كمصدّر للطاقة الكهربائية في أفريقيا، ما يجعل منها قوة صاعدة في المنطقة.
وتعول أديس أبابا على أن التنمية الاقتصادية التي سيحدثها السد، من شأنها القضاء على العدو المشترك للجميع ألا وهو الفقر.
وتؤكد إثيوبيا أن مخاوف مصر غير مبررة، إذ إن السد لن يحجب مياه النيل بالكامل، ناهيك عن أنه سيساعد على مكافحة الجفاف الذي يمكن أن يحصل، حيث أن تخزين المياه في منطقة المنبع ستجعلها أقل عرضة للتبخر في الأوقات الجافة.
أما بالنسبة للسودان، فان السد سيوفر لها كهرباء وسينظم منسوب المياه التي تصل إليه.
هل ينهي الاتفاق الصراع في حوض النيل؟
وقررت مصر وإثيوبيا والسودان الجمعة خلال مفاوضات في واشنطن تأجيل توقيع اتفاق نهائي حول سد النهضة على النيل الأزرق حتى آخر فبفري على أبعد تقدير، وفق وكالة فرانس برس.
وأفاد بيان مشترك صدر بعد اجتماعات في الولايات المتحدة مع ممثلي وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي أن وزراء الدول الثلاث توصلوا إلى “اتفاق مبدئي” بشأن عدة نقاط رئيسية ضمنها الجدول الزمني لملء خزان السد الإثيوبي في المستقبل.
وتابع البيان “طلب الوزراء من الفرق الفنية والقانونية إعداد الاتفاق النهائي” من أجل “توقيع الدول الثلاث أواخر فيفري”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب في وقت سابق عن “تفاؤله” بقرب التوصل إلى اتفاق حول السد الذي يثير توترا إقليميا.