لم يكد يمر خبر تنافس لاعبين تونسيين مع إسرائيليين، في خطوة وصفها كثيرون بالتطبيع الرياضي، حتى فوجىء التونسيون بإقالة سفير بلادهم لدى الأمم المتحدة بسبب مشاركته في مشروع قرار في الأمم المتحدة لإدانة الخطة الأمريكية المعروفة بصفقة القرن، بحسب وسائل إعلام فرنسية.
وقالت صحيفة ”لوفيغارو” الفرنسية، في 6 فيفري ، إن تونس استدعت، بشكل مفاجئ، المندوب الدائم للجمهورية التونسية لدى منظمة الأمم المتحدة، المنصف البعتي، تمهيداً لإنهاء مهماته.
ونقلت عن مصادر دبلوماسية أن قرار الإعفاء “يتعلق بمواقف المنصف البعتي من خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن” في الأمم المتحدة، حيث كانت مواقفه أبعد مما كان يريده رئيس الجمهورية بخصوص ملف الشرق الأوسط، لأن الدعم الذي قدمه المندوب التونسي للفلسطينيين يضع العلاقات التونسية الأمريكية في خطر”.
أما صحيفة لوموند الفرنسية فذكرت أن إعفاء الدبلوماسي التونسي جاء على خلفية ضغوط أمريكية على تونس التي لديها هامش محدود من المناورة كونها تعتمد على المانحين الدوليين.
وقالت إن الضغوط الأمريكية جاءت على خلفية “انخراط المنصف البعتي في مشروع قرار مع مندوب إندونيسيا لإدانة صفقة القرن”.
وقالت الصحيفة إنه تم التضحية بالسفير من أجل “تهدئة ردة الفعل الأمريكية التي يبدو أنها عنيفة، حسب وصف دبلوماسي غربي”.
ونقلت لوموند عن مصدر دبلوماسي أن مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس التونسي قيس سعيّد وجاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب، كانت نقطة البداية لممارسة الضغط الذي كان بلا شك قوياً بشأن ملف حساس (صفقة القرن) لواشنطن وتونس”.
ووصف الدبلوماسي المكالمة بـ”الزناد” الذي أطاح السفير من منصبه.
وكانت تونس قد وزعت وإندونيسيا مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن للتنديد بخطة الرئيس الأمريكي للسلام في المنطقة.
وتمثل تونس الدول العربية في مجلس الأمن، كعضو غير دائم، خلال عامي 2021 و 2020.
بيان الخارجية التونسية زاد الشكوك
وسرعان ما أصدرت وزارة الخارجية التونسية بياناً قالت فيه إن “قرار إعفاء سفير تونس المندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، يعود لاعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل مهمة”.
وقالت: “عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها”.
ولم تذكر الخارجية التونسية أن المكالمة بين سعيّد وكوشنر قد حصلت أم لا.
ولدى البعتي خبرة كبيرة في الأمم المتحدة، بدأت منذ تعيينه لأول مرة سنة 1982 في الممثلية التونسية الدائمة في جنيف، ثم مديراً للبعثة التونسية في الأمم المتحدة 2008-2010، ومديراً عاماً للمنظمات والمؤتمرات الدولية بين عاني 2010 و 2011.
وأصبح عام 2017 عضواً في لجنة الأمم المتحدة المكلفة متابعة حالات الإخفاء القسري. بالإضافة إلى عمله سفيراً لتونس في إستوكهولم وسيول.
صدمة وانتقادات لقيس سعيّد
ما إن نشرت وسائل الإعلام الفرنسية الخبر حتى عبّر عدد من المغردين العرب والتونسيين عن صدمتهم، لافتين إلى أن ما حصل لا يعكس سياسة سعيّد في دعم القضية الفلسطينية.وكان سعيّد وصف صفقة القرن بـ”مظلمة القرن”، وشجب “ثقافة الهزيمة في العالم العربي”.
حتى قبل انتخابه، وصف سعيّد التطبيع مع إسرائيل بـ”الخيانة العظمى”، وأعلن “أننا في حالة حرب” مع تل أبيب.
وأثناء حفل تنصيبه، قال إن “فلسطين محفورة في قلوب التونسيين” وإنه “حان الوقت لإنهاء احتلالها من قبل إسرائيل”.