دفع انتشار فيروس كورونا في أقاليم شمال إيطاليا (لومبارديا وفينيتو، وبييمونتي، وإيميليا رومانيا) خلال الساعات الأخيرة، الحكومة الإيطالية إلى اتخاذ إجراءات احترازية مشددة، تهدف إلى الحدّ من مخاطر انتقال الفيروس إلى مقاطعات أخرى. وشهد انتشار فيروس كورونا ارتفاعا ملحوظا حيث تجاوزت حالات الإصابة 327 وسجلت وفاة 11 حالة ، من بينهم 9في اقليم لومبارديا و2 في فينيتو
وقد اجتمع اليوم وزراء الصحة لدول الاتحاد الاوروبي في روما واتفقوا على التنسيق وتبادل المعلومات والابقاء على الحدود مفتوحة ومواصلة المبادلات بشكل عادي وعدم بث الهلع بين مواطني الاتحاد الاوروبي
ومن أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بالاتفاق مع مجالس الهيئات الحاكمة في الأقاليم المعنية ابتداءً من يوم أمس وحتى إشعار آخر، إغلاق المدارس بكافة مراحلها، والمعاهد والجامعات والمتاحف، بالإضافة إلى تعليق كافة الأنشطة الرياضية والتجمعات الدينية والمهرجانات، بما في ذلك كرنفال مدينة البندقية الذي يشارك فيه سنويا عشرات الآلاف من السياح الأجانب.
50 ألف شخص يخضعون للحجر الصحي بالشمال
مع تنامي خطر تفشي انتشار الفيروس تزداد مشاعر الفزع والرهبة حدة بين أوساط المواطنين في كافة أنحاء البلاد الذين باتوا يتابعون لحظة بلحظة البيانات الصادرة عن وزارة الصحة الإيطالية حول أعداد المصابين الجدد وأماكن وجودهم، والضحايا، وعدد المتعافين من الوباء.
يأتي ذلك بعد وضع 11 بلدة يقطنها أكثر من خمسين ألف شخصا تحت إجراءات حجر صحي إلزامي يعمل على فرضه نحو خمسمئة عنصر من جهاز الشرطة العسكرية الإيطالي الذين يحظرون الآن الدخول والخروج من تلك البلديات.
ويقول المسؤولون إن الأولوية بالنسبة إليهم تبقى “صحة المواطن الإيطالي”، ويؤكدون أنهم لن يتوانوا في اتخاذ كافة التدابير الاحترازية اللازمة لتجنب تفشي فيروس كورونا في البلاد.
وأصاب الكثيرين في إيطاليا الذعر بسبب احتمال تكبد البلاد خسائر اقتصادية فادحة جراء هذه الأزمة الجديدة التي باتت تهدد الآن استقرار بعض قطاعات الإنتاج الحيوية في شمال البلاد.
قوة اقتصاد مقاطعتي لومبارديا و فينتيو
إذا كان من الصعب تقدير حجم الخسائر الاقتصادية التي ستنجم عن انتشار فيروس كورونا في إيطاليا، إلا أنه يكفي هنا الإشارة إلى أن حجم مبيعات الشركات الموجودة فقط في بلدتي (كودونيو) و(كازال بوستيرليننغو) اللتين تخضعان للحجر الصحي الآن، يتجاوز 1.5 مليار يورو سنويا.
كما أن قيمة الخسائر اليومية الناجمة فقط عن إغلاق المصانع والشركات في محافظة (لودي) التي انتشر فيها الوباء تقدر بحوالي 18 مليون يورو.
بيد أن هذه الأرقام المهمة تبقى رمزية مقارنة بالأرقام المرعبة التي ستنجم في حال توسيع إجراءات الحجر الصحي لتشمل قطاع الإنتاج بأكمله في لومبارديا وفينيتو، اللتين تعتبران القلب الصناعي النابض في إيطاليا ولا سيما أن حجم الناتج المحلي الإجمالي في هذين الإقليمين وحدهما يقدر بـ550 مليار يورو سنويا (أي 31% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الإيطالي)، ناهيك عن أن نسبة الصادرات منهما تساوي 40% من حجم الصادرات الإيطالية.
ضربة لأسبوع الموضة العالمي
تتربع مدينة ميلانو عاصمة للأزياء في العالم، حيث تنتشر فيها كبرى بيوت الأزياء الإيطالية مثل: غوتشي، وأرماني، وبرادا، وكذلك دولتشي أند غابانا، وفيراغامو، وروبرتو كافالي، فضلا عن فيرساتشي، وماكس مارا،و فيندي، وموسكينو، وميسوني، وبينيتون وفالانتينو وغيرها.
وقد عانت هذه المدينة على وجه الخصوص خلال الأيام الأخيرة بسبب الخسائر المالية التي تكبدتها إثر تراجع عدد الزوار بنسبة 80%. ويقصد الزوار المدينة خلال هذه الفترة من كافة أنحاء العالم لمتابعة عروض الأزياء التي تنظم هناك، ولشراء الملابس والمجوهرات والعطور الفاخرة.
وتقدر المبيعات سنويا بمليارات اليورو خاصة للصين واليابان، حيث تعادل قيمتها 12% من الناتج المحلي الإجمالي لمدينة ميلانو.
ميلانو والحجر الصحي
يبدو أن العاصمة الصناعية لإيطاليا، التي مثلت بؤرة انطلاق المقاومة الإيطالية في أربعينيات القرن الماضي وكانت عنوانا للتحدي والتضحية في البلاد ضد النازية والفاشية، باتت تعيش الآن أصعب أيامها في التاريخ الحديث.
وفي هذا السياق قال مارلو سانغاللي، رئيس الغرفة التجارية بالمدينة “لا أحد يتذكر حالة الطوارئ من هذا النوع وبهذه الأبعاد التي تجعل من المستحيل التخطيط لما يتوجب فعله في المستقبل”.
وأضاف أن الأزمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا تؤثر بشكل خاص على القطاعات السياحية والفنادق والمطاعم والنقل.
وفي ردّ له على سؤال حول احتمال وضع مدينة ميلانو تحت الحجر الصحي، قال سانغاللي “من السابق لأوانه الحديث عن هذا الاحتمال، لكن يبدو أن الحجر الصحي هو الحلّ الأكثر فعالية لاحتواء هذا الوباء. فإن استدعى الأمر إغلاق مدينة ميلانو كما فعلت السلطات الصينية في ووهان، فلن نتردد بالتأكيد عن القيام بذلك”.