جائحة الكورونا قد تخفي كوارث أخرى
مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، تقوم كلٌ أسبوعين بتحيين قاعدة بياناتها المتعلقة بالمتقاعدين وذلك بمقارنتها بمعطيات مصالح الحالة المدنية التي تتلقى تصاريح وشهائد الوفاة وتصدر مضامين الوفاة في كامل تراب الجمهورية وتقوم بإبلاغها آليا الى المركز الوطني للإعلامية الذي بدوره يبلٌغها الى مصالح الصندوق CNSS ، وبتقاطع المعطيات، يتم آليا إيقاف جرايات المتقاعدين المتوفين،
والمنطقي أن نفس الشيء يقع مع منظومة صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية
المنظومة الاعلامية للCNSS مبرمجة على “تقبٌل” عدد معين من الوفيات لا يتجاوز في أقصى الحالات رقم 100 علما بأن المعدل العادي للوفيات خلال كل 15 يوما يكون في حدود ال40 الى 50 حالة وفاة في صفوف المتقاعدين
آخر تحيين منذ أيام ويتناول الفترة الفاصلة بين 6 و21 أفريل، المفاجأة التي أربكت كامل المنظومة، كانت أن الرقم ارتفع الى 627 حالة وفاة في صفوف متقاعدي الCNSS
لتبسيط المعلومة، مصالح الCNSS سجلت زيادة ب 600 حالة وفاة بين المتقاعدين الذين يتحصلون على جراية تقاعد ، خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين 6 و21 أفريل ، أي خلال 15 يوما.
يتعين على وزارة الشؤون الاجتماعية ان تتحصل على نفس الارقام الخاصة بمتقاعدي الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعيةCNRPS، و معطيات دفاتر الحالة المدنية التي تتعلق بالفئة العمرية التي تفوق ال60 سنة ، وتحليل كل البيانات بصفة يومية منذ بداية شهر افريل الى اليوم،
إذا تم تأكيد نفس المعطى لدى منظومة الcnrps ، ولدى مصالح الحالة المدنية، من الممكن(من الممكن وليس من الثابت) أن نكتشف ان عدد الوفيات بين للمتقاعدين والمسنٌين قد ارتفع الى اكثر من 1000 في هذه الفترة
كل الارقام والهويات والمعطيات يجب أن تُحول فورا الى مصالح وزارة الصحة لتقوم بدراسة ملفات المتوفين على المستوى الطبي وعلى المستوى الوبائي (enquête épidémiologique)
هذه الدراسة وهذه المعطيات الجديدة ستغير حتما تقييمنا لحصيلة الحجر الصحي العام :
*هل هي وفيات ناتجة عن فيروس الكورونة؟ المتقاعدون والمسنون هم الفئة العمرية الأكثر عرضة للوفاة بفيروس الكوفيد 19، ومن المنطقي جدا ان نربط بين هذا الوفيات الاستنائية وفيروس الكورونا
أستبعد هذا الاستنتاج، لأن عدد الوفيات الناتجة عن الكورونا يرافقها دائما ارتفاع كبير في عدد المرضى الذين يتم إيواؤهم في أقسام الانعاش وغرف التنفس الاصطناعي، وبما أن أقسام الانعاش في تونس لم تسجل أي ارتفاع في اعداد المرضى فمن المنطقي أن نقول بان الوفيات بالكورونا ليست مرتفعة ، سواء تلك المرصودة من الوزارة أو تلك التي غابت عن الرادار وكشفتها حواسيب الcnss
قد يكون عدد من هذه الوفيات وليس أغلبها، ناتج فعلا عن الكورونا، بضع حالات لم تلتقطها أجهزة وزارة الصحة خاصة وان البحث عن الفيروس والتحاليل المخبرية لا تتوجٌه الا الى من تظهر عليه أعراض المرض، ونحن نعلم جيدا ان العديد من المواطنين و العائلات امتنعوا عن التصريح بأعراض الكورونا لديهم او لدى آبائهم وأمهاتهم بهدف التهرب من الاجراءات التي يتم اتخاذها إذا تم التأكد من وجود الفيروس ( الحجر الاجباري على كل افراد العائلة، إجراءات الدفن المهينة…….)
* قد تكون هذه الوفيات ناتجة عن تدهور صحة المرضى العاديين من غير المصابين بالكورونا بمفعول صعوبة التنقل ومراجعة الاطباء وتوقف العمل في العيادات الخارجية والاقسام الطبية لأسابيع طويلة نظرا لتجنيد المنظومة الصحية بصفة شبه حصرية لمقاومة الكورونا
أنا شخصيا أميل الى هذا الاستنتاج ، وهو يتقاطع مع آراء وتجارب العديد من الزملاء، وكنا قد حذٌرنا من خطورة توقف العمل العادي لمختلف الاقسام والعيادات الخارجية على المرضى من غير الحاملين للكورونا
*من الممكن ايضا أن تكون تلك الوفيات قد حصلت فعليا خلال شهر مارس ولم تدخل الى المنظومات المعلوماتية الا في شهر أفريل، لسبب أو لآخر
أسئلة كثيرة تطرح نفسها ولا أحد بإمكانه الاجابة في غياب تحقيق إداري و طبي ووبائي سريع ودقيق ستُبنى عليه إجراءات وقرارات وتحدد من خلاله مسؤوليات
بقلم الدكتور الصخبي بن فرج،
طبيب ونائب سابق في مجلس النواب
ننشره بإذن منه