بيان شديد اللهجة من جمعية القضاة ردا على هيئة المحامين
اصدرت جمعية القضاة بيانا مطولا ممضى من رئيسها انس الحمادي ردا على بلاغ الهيئة الوطنية للمحامين الموجه الى اصحاب الروبة السوداء استئناف عملهم بداية من الغد ومراسلة وزارة العدل لطلب اسئناف المرفق القضائي بشكل كامل مع اتخاذ الاجراءات الضرورية لمواجهة الكورونا
اللافت في بيان جمعية القضاة انه يتكلم باسم المجلس الاعلى للقضاء ويعدد انجازاته وما قام به من تدابير خلال الفترة الاخيرة فهل من ادوار الجمعية ان تحل محل المجلس؟ ولماذا هذه النار الباردة بين القضاة والمحامين؟ ولمصلحة من ؟
احد المحامين المهنيين افادنا ان جمعية القضاة تتهم هيئة المحامين بالانحياز الى وزارة العدل على حساب المجلس الاعلى للقضاء وهذا غير صحيح، لان المجلس الاعلى للقضاء يهتم اساسا بالقضاة ومسارهم المهني ويحافظ على استقلالية القاضي ويحميه نظريا من اي ضغط اما مرفق القضاء ففيه القضاة و النيابة و كتبة المحاكم و العدول و الخبراء العدليين و المحاكم و المباني و غيرها وكلها ترجع بالنظر الى وزارة العدل ولا يمكن ان نترك كل هذه المهن معطلة ومصالح الناس معلقة من قضايا طلاق وقضايا شغلية وحتى القضاء الاستعجالي متوقف منذ نصف مارس
إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وبعد الاطلاع على البيان الصادر عن الهيئة الوطنية للمحامين بتاريخ 29 أفريل 2020 وعلى فحوى المراسلتين الموجهتين من طرفها إلى السيدة وزيرة العدل في 29 و30 أفريل 2020 ، على خلفية إصدار المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 28 أفريل 2020 لمذكرة حول تدابير العمل القضائي مع التوقي من مخاطر الوباء المستجد ” كوفيد 19 ” ،واللتين عبر فيها مجلس الهيئة عن رفضه لتلك المذكرة ،
وإذ يبدي شديد استغرابه من خروج البيان عن قواعد الخطاب المؤسسي وتبني نهج العنف والتشنج في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد تستدعي توحيد الجهود والتخلي عن أية ممارسات تزيد في تأزيم الأوضاع وتغذية التجاذبات القطاعية العقيمة المضرة بالمصلحة الوطنية ،
وإذ يوضح بأن توقيف العمل بالمحاكم لم يكن بقرار أحادي من المجلس الأعلى للقضاء بل كان إثر المطالبة بذلك من أغلب مكونات منظومة العدالة من قضاة ومساعدي قضاء وهياكلهم الممثلة ومن بينها الهيئة الوطنية للمحامين طبق بيانها الصادر بتاريخ 17 مارس 2020 والذي دعت فيه السلط المختصة إلى تعليق آجال التقاضي والطعون وإجراءاتها بصفة صريحة كما طالبت بالاقتصار على الحد الأدنى من الخدمات بالمحاكم الأمر الذي أفضى إلى صدور المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أفريل 2020 المتعلق بتعليق الإجراءات والآجال والذي علقت بمقتضاه الإجراءات والآجال المنصوص عليها بالنصوص القانونية الجاري بها العمل وخاصة تلك المتعلقة برفع الدعاوى وتقييدها ونشرها واستدعاء الخصوم والإدخال والتداخل والطعون مهما كانت طبيعتها والتبليغ والتنابيه والمطالب والإعلامات ومذكرات الطعن والدفاع والتصاريح والترسيم والإشهارات والتحيين والتنفيذ والتقادم والسقوط كما علقت الآجال والإجراءات المتعلقة بالالتزامات المعلقة على شرط أو أجل وآجال وإجراءات التسوية والتتبع والتنفيذ المتعلقة بالشيكات.
وإذ يوضح كذلك بأن ذات المرسوم قد نص على أن التعليق المشار إليه بالفصل الأول منه يسري بداية من 11 مارس 2020 ويُستأنف احتساب الآجال المذكورة بعد شهر من تاريخ نشر أمر حكومي في الغرض بما يعني أن إيقاف العمل بالمحاكم الذي أقرته مؤسسات الدولة من خلال تعليق نشر الدعاوى والآجال بكل أصنافها حماية للحقوق التي يحكمها زمن التقاضي من التلاشي والضياع بفعل الحجر الصحي لا يمكن أن يرفع بشكل غير منظم وغير تدريجي وبمجرد إرادة وضغوطات قطاعية.
وإذ يذكر أن المجلس الأعلى للقضاء بصفته الهيكل الدستوري الموكول له ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله وانخراطا منه في المجهود الوطني للتوقي من تفشي وباء كورونا ضمن توجهات السياسة العامة للدولة وتشريعاتها قد بادر بـ :
• إصدار مذكرة العمل الأولى بتاريخ 12 مارس 2020 تحسبا لخطر انتشار المرض بالمرفق العام القضائي اتّخذ بموجبها بعض التدابير الاستثنائيّة المتعلقة بسير الجلسات واتخاذ القرارات القضائية.
• إصدار مذكرة العمل الثانية بتاريخ 15 مارس 2020 اتّخذ بموجبها جملة من التدابير الاستثنائيّة الإضافية المتعلقة بتأجيل جميع جلسات القضايا المدنية والعقارية والجزائية والجلسات المكتبية بما في ذلك الجلسات الصلحية وجلسات القضاء الإداري والمالي إلى ما بعد تاريخ 4 أفريل 2020 واقتصار النظر في المادة الجزائية (تحقيق , جناحي , جنائي) على قضايا الموقوفين في مجموعات لا تتجاوز عدد أفرادها خمسة أشخاص مع الحرص على أن لا تنشر قضايا استعجالية أو ذات صبغة معاشية إلا ما كان منها شديد التأكد ولا يحتمل التأخير ويتم النظر فيها مكتبيا .
• إصدار مذكرة العمل الثالثة بتاريخ 04 أفريل 2020 حول سير العمل بالمحاكم بعد التمديد في مدة الحجر الصحي العام تم بموجبها مواصلة تأجيل توقيف العمل القضائي مع الإبقاء على سير العمل بالنسبة إلى التقاضي الأساسي المتعلق بعمل النيابة العمومية والتحقيق وقضايا الموقوفين وقضاء الطفولة المهددة وتنفيذ العقوبات والقضايا الاستعجالية شديدة التأكد وذات الصبغة المعاشية والتي لا تحتمل التأخير .
• إصدار مذكرة العمل الرابعة بتاريخ 28 أفريل 2020 في إطار متابعة المجلس لتطور الوضع الوبائي والتوجهات العامة للدولة في التعاطي مع الأزمة الوبائية وتماشيا مع إقرار التدرج في رفع وضعية الحجر الصحي العام تم بمقتضاها التوسع في الأعمال القضائية التي لا يشملها توقيف العمل بإدراج قضايا الموقوفين لدى النيابة والتحقيق ودوائر الاتهام ولدى الدوائر الجنائية والجناحية بسائر أطوار التقاضي وقضايا الاستعجالي والأعمال الولائية والتدابير الحمائية لقاضي الأسرة في علاقة بمناهضة العنف ضد المرأة والطفولة المهددة والقضايا الإدارية التحفظية في مادة إيقاف وتأجيل التنفيذ وفي المادة الاستعجالية والملفات الاستشارية المتأكدة وملفات النزاعات الانتخابية وزجر أخطاء التصرف أمام محكمة المحاسبات.
وبالنظر إلى كل ذلك فإن المكتب التنفيذي:
أولا: يعبر عن رفضه لخطاب الهيئة الوطنية للمحامين لما اتسم به من استعمال لمنطق القوة وفرض مطلب إرجاع مرفق العدالة للعمل الكامل في تجاهل تام لبقية مكونات منظومة العدالة من إطار للكتبة والموظفين والأمنيين والعملة وتجاهل تام للحالة الوبائية التي تمر بها البلاد في هذا الظرف الدقيق والذي استوجب من كافة مؤسسات الدولة الرجوع التدريجي لاستئناف العمل حفاظا على أرواح التونسيين وعلى الأمن الصحي لكافة المواطنين.
ثانيا: يؤكد على أن موقف الهيئة الأخير غير مبرر خصوصا وأن المجلس الأعلى للقضاء قد أكد مواصلة متابعته للوضع بحسب تطور الظروف الصحية بما يعني مواصلة التشاور بين كل الأطراف التي انطلق التشاور معها منذ بداية إدارة الأزمة ومنها الهيئة الوطنية للمحامين كما يلاحظ في هذا الخصوص أن التشاور مسؤولية تقوم على المبادرة المشتركة والتنسيق المحكم بين كل الأطراف المعنية.
ثالثا: يوضح مجددا أن العمل القضائي وطبق مذكرات المجلس الأعلى للقضاء لم يتوقف خلال مدة الحجر الصحي وقد تواصل في المجالات الحيوية والأساسية التي تهم أمن المواطنين وحسن تطبيق إجراءات الحجر الصحي وحظر الجولان والتصدي للاحتكار بما أسهم إسهاما فعالا في إنفاذ وإنجاح قرارات الحجر الصحي العام فضلا على عدم توقف العمل في النزاعات الماسة بالحقوق والحريات بمواصلة النيابة العمومية للعمل بنظام الاستمرار وانعقاد الجلسات بكافة المحاكم للنظر في قضايا الموقوفين في المادة الجناحية والنظر في مطالب السراح بالنسبة إلى الموقوفين في المادة الجنائية كالتعهد بحالات الطفولة المهددة وقضايا العنف ضد المرأة وتفعيل القضاء شديد التأكد بالنسبة إلى المتقاضين في المادة المدنية وفي قضايا تأجيل وتوقيف التنفيذ وفي الملفات الاستشارية أمام المحكمة الإدارية ذات الصلة بمشاريع النصوص المتعلقة بتسيير دواليب الدولة خلال فترة الحجر الصحي وذلك بمقتضى مذكرات العمل الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء.
رابعا: يشير إلى أن السياسة العامة التي انتهجتها بلادنا في تبويب الأولويات من خلال تقديم المصلحة العامة الصحية على المصالح الاقتصادية ، على أهميتها ، وفي التدرج في عودة العمل بالنسق العادي هي التي جنبت التونسيين الأوضاع الكارثية التي تعيشها دول أخرى وإن تدعيم هذا النجاح يستوجب ألا يخرج إرجاع العمل بالمحاكم عن هذه السياسة وألا تختزل العودة إلى النظام المعتاد في مبرر الضرر الاقتصادي كما أشار إلى ذلك بيان الهيئة.
خامسا: يؤكد على أن مطالبة وزارة العدل باتخاذ الإجراءات الضرورية لإرجاع مرفق العدالة للعمل الكامل بصفة منفردة وبمنأى عن المجلس الأعلى للقضاء باعتباره المؤسسة الدستورية المشرفة على السلطة القضائية والمتدخلة في تسيير مرفق العدالة يعد تعديا على دستور 2014 الذي نص على استقلال القضاء وضربا لهذه الاستقلالية واستقواء بالسلطة التنفيذية ودعوة واضحة لها لتنظيم سير العمل القضائي الموكول للمجلس في خرق واضح للقانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء.
سادسا: يشدد على أن هذه الدعوات المتشنجة لا يمكن أن تمثل حلا للإشكاليات المطروحة على مرفق العدالة ومن شأنها أن تخلق أزمة في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التي تمر بها بلادنا والتي ستضر بحسن سير القضاء وبتواصل هذا المرفق الحيوي .
سابعا: يؤكد على أن هذه المرحلة تقتضي تضافر جهود كل مؤسسات الدولة المشرفة على مرفق العدالة وتعاونها وتكاملها وإبداء أعلى درجات التنسيق بينها وعلى ضرورة تشاورها مع جميع المتداخلين في الشأن القضائي لتلافي جميع الإشكاليات في علاقة بتسيير المرفق القضائي بعيدا عن خطابات التشنج والتصعيد وبعد أخذ الحالة الصحية في البلاد بعين الاعتبار والتنسيق مع الجهات الصحية المختصة.
ثامنا: يطالب المجلس الأعلى للقضاء بتنسيق الجهود وعقد الاجتماعات مع كافة الأطراف المعنية ومكونات منظومة العدالة من أجل الإنصات للإشكاليات المطروحة والاستئناس بالمقترحات وإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات المناسبة ووضع آليات متابعة التنفيذ حسب الاختصاصات.
تاسعا: يعول على السادة رؤساء المحاكم والمشرفين عليها وعلى عموم القضاة بمختلف أصنافهم ورتبهم لحسن تطبيق مذكرات المجلس الأعلى للقضاء وإنفاذها ضمانا لإنجاح إدارة العدالة في كنف الاستقلالية في هذه المرحلة الدقيقة.