تتباين معدلات الإصابة والوفاة بسبب فيروس كورونا المستجد بين دول المنطقة العربية، والعالم، وبين دول الخليج العربية وبلدان شمال أفريقيا، بسبب عوامل عديدة متعلقة بالبيئة والمورثات والمناعة وغيرها.
ومنذ بداية تفشيه من مدينة ووهان الصينية نهاية ديسمبر الماضي، بلغ عدد الإصابات بوباء كورونا الفيروسي في الدول العربية بنهاية يوم السبت، ما لا يقل عن 120868، فيما بلغ عدد الوفيات في ذات الفترة نحو 2024.
وإذا ما قورنت منطقة الشرق الأوسط بالدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة، سيشكل هذا الرقم بشقيه نسبة ضئيلة جدا من نسبة الحالات العالمية المقدرة في ذات الفترة، بحدود 4101536 حالة إصابة و280435 حالة وفاة.
أي أن نسبة الإصابة في الدول العربية تقدر بنحو 2.9 في المئة من مجمل حالات الإصابة، مقابل 0.72 من الوفيات، حول العالم، حسب موقع worldmeters.
ويعتقد خبير الأوبئة، الدكتور عماد بوظو أن “هذا الانخفاض قد يكون مرده أسبابا متعلقة بالمناعة، أو البيئة، وربما عوامل جينية.. كل هذه احتمالات بعضها مدعوم بمؤشرات قوية”.
لكن رغم هذا الانخفاض عالميا، لكن هناك تفاوتا كبيرا في أعداد الضحايا بين الدول أو البؤر الجغرافية بالمنطقة العربية.
نسبة تحليل عالية
الدول الخليجية مثلا، ينخفض فيها معدل وفيات كورونا كثيرا بالمقارنة مع دول شمال أفريقيا.
على سبيل المثال، قطر لديها معدل وفاة 0.0006 أي 6 وفيات لكل عشرة آلاف، بينما مصر 0.0573 أي 573 وفاة لكل عشرة آلاف.
وفي حديثه مع موقع الحرة، عزا بوظو انخفاض نسبة الوفيات في دول الخليح، إلى نسبة تحاليل كورونا العالية التي تجريها تلك الدول لسكانها، وأضاف “إذا ما وضعنا عدد السكان (مواطنين ووافدين) في الاعتبار، فإن دول الخليج تجري تحاليل كورونا عالية جدا مقارنة بأي دولة أخرى بالعالم، وذلك يسهم في خفض معدل الوفيات بشكل كبير”.
خدمات الرعاية الصحية
العامل الآخر الذي يؤثر على معدلات الوفاة، بحسب بوظو، هو الرعاية الصحية المتقدمة، موضحا لموقع الحرة أن “مصر ودول الخليج موبوءة بالحالات المرضية المزمنة (كالضغط والسكري) لكن الفرق يكمن في الرعاية الصحية المتقدمة جدا في الخليج، مقارنة بمصر وشمال أفريقيا”. وهذا ما قد يفسر انخفاض نسب الوفيات في دول الخليج.
“عشرات آلاف الإصابات في مصر”
واعتبر بوظو أن معدل الوفيات في الخليج أقرب إلى الدقة، ويمكن أن يشكل نسبة معيارية لوفيات كورونا في المنطقة العربية، مع وضع حجم السكان في الاعتبار، “قطر مثلا تجري تحاليل تقدر بمائة ضعف ما تجريه مصر، وإذا قامت مصر بذات الأمر فيمكنها أن تخفض معدلات الوفاة الحالية (0.0573) إلى ذات المعدل المسجل لدى قطر وهو 0.0006، ولكن هذا يعني أن عدد الإصابات في مصر سيكون بعشرات الآلاف”.
ومن الأسباب الأخرى التي قد ترجح فرضية ارتفاع عدد الإصابات في مصر بشكل كبير هو “ارتباط كورونا مصر على الأغلب بالنموذج الأوروبي أو الفرنسي تحديدا وهو أكثر عدوى من ذلك المسجل في الخليج وآسيا مثلا”، حسب بوظو.
ويرى خبراء بالفعل أن عدد إصابات كورونا الحالي في كثير من دول العالم حتى الغربية منها، لا يعكس الأرقام الحقيقية، فما بالك بدول العالم الثالث التي لا تمتلك قدرات صحية كافية للتحقق من حالات الإصابة والوفاة في أراضيها؟
لكن الأمر لا يمكن حسمه إلا بإجراء فحوص تحليل أجسام مضادة على نطاق واسع.
ومن الأمثلة الأخرى لمعدلات الوفاة العالية في شمال أفريقيا، دولة الجزائر التي بلغ معدل الوفاة فيها بحلول السبت 0.0888، أي (888 لكل عشرة آلاف) .
“حتما لا توجد جائحة”
وعند مقارنة تلك الأرقام في شمال أفريقيا بمنطقة الشام، تجدها عالية جدا. مثلا معدل وفيات كورونا المسجل في الأردن بحلول السبت كان 0.0172 أي 172 وفاة لكل عشرة آلاف، وفي الأراضي الفلسطينية 0.0053 أي 53 وفاة لكل عشرة آلاف، بينما في لبنان 0.0321 أي 321 وفاة لكل عشرة آلاف. وذلك على الرغم من قرب وتداخل هذه الدول مع إيران وتركيا، بؤرتي المرض في الشر ق الأوسط.
وقال بوظو المتحدر من منطقة الشام، إن هذه الأرقام المسجلة بدول الشام قد لا تكون دقيقة، لكنها مؤشر واضح على أنه “حتما لا توجد جائحة كبيرة في منطقة الشام لأسباب قد تكون لها علاقة بالمناعة وتعرض سكان المنطقة إلى عدوى سابقة”.
يشار إلى أن أكثر دولة عربية سجلت عدد إصابات بحلول ليل السبت هي السعودية بـ 37136 حالة، وأقلها موريتانيا وجزر القمر (حالة واحدة في كل منهما