نقل وزير الخارجية الألمانية، هايكو ماس، رسالة حادة اللهجة من دول الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، هدد من خلالها بأن “دولا أوروبية” تضغط باتجاه فرض عقوبات على إسرائيل إذا ما قررت المضي قدما بمخطط الضم في الضفة الغربية المحتلة، كما “هدد” باعتراف أوروبي واسع بـ”دولة فلسطين”.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤولين مطلعين على ما دار من حوار خلال اللقاءات التي عقدها ماس، اليوم مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، ووزير الخارجية، غابي أشكينازي.
ولفتت التقارير إلى أن ماس أوضح خلال اجتماعه بنتنياهو أن ألمانيا “لا تتلهف” إلى دعم عقوبات أوروبية متوقعة ضد إسرائيل، لكته أكد في الوقت ذاته أنه لن يكون بوسع ألمانيا منعها، فيما أوضح أن دولا أخرى في الاتحاد تدرس هذه الخطوة وتدفع الاتحاد الأوروبي إلى المضي لإقرارها.
وفي جميع الاجتماعات، شدد الوزير الألماني على أن الضم يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وأن “ألمانيا سوف تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع هذا الانتهاك الخطير من قبل إسرائيل”.
وذكرت صحيفة “هآرتس” أن الهدف غير المعلن وغير الرسمي من زيارة وزير الخارجية الألماني كان تحذير إسرائيل من الشروع بإجراءات الضم بداية جويلية المقبل، حيث عبر ماس عن قلق بلاده البالغ بشأن خطط الضم، لكنه امتنع علنا من التهديد بفرض عقوبات على إسرائيل..
وخلال اجتماعه مع نتنياهو، طلب ماس الاطلاع على نوايا الحكومة الإسرائيلية بشأن خطة الإدارة الأميركية للتسوية في المنطقة، والاطلاع على مخطط الضم الإسرائيلي والخطوات التي تعتزم الحكومة الإسرائيلية تنفيذها في هذا السياق، غير أن المراسل السياسي للقناة 13 الإسرائيلية، أكد أن نتنياهو لم يعرض على ماس خطة نهائية ومبلورة بهذا الشأن.
وقال نتنياهو خلال اجتماعه بماس إن “يجب على كل خطة واقعية مهما كانت أن تعترف بواقع الاستيطان الإسرائيلي على الأرض، وعدم تعزيز الأوهام بأنه سيتم تهجير مواطنين من منازلهم (في إشارة إلى إخلاء المستوطنات).
وذكر بيان صدر عن ديوان رئيس الحكومة أن نتنياهو “أكد أن المصالح الإسرائيلية الحيوية إزاء أي تسوية مستقبلية تشمل ضرورة الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على جميع الأراضي التي تقع غرب نهر الأردن”.
وشدد نتنياهو على “ضرورة تشديد الضغوط التي تمارس على إيران”، لافتا الى أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد حسمت بأن إيران تواصل خرق التزاماتها وإخفاء مواقع يشتبه بأنه تجرى فيها أنشطة نووية عسكرية”.
كما بحث نتنياهو مع وزير الخارجية الألماني وقف التمويل الألماني للمنظمات الأهلية التي تعمل ضد إسرائيل، في إشارة إلى حملة المقاطعة (BDS).
وفي بيان صدر عن نتنياهو باللغة العربية، قال “إن وزير الخارجية الألماني طلب الاطلاع على مخططات الحكومة الإسرائيلية بما يخص خطة ترامب، لا سيما على خلفية الولاية الألمانية المرتقبة في رئاسة الاتحاد الأوروبي وفي إطار عضويتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
في المقابل، ذكر بيان صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية أن غانتس أكد على أهمية “صفقة القرن” خلال اجتماعه بماس، وشدد على أنها تمثل “فرصة تاريخية”، وشدد على أهمية دفعها إلى الأمام بالتعاون مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وشدد البيان صدر على أن موقف غانتس بناء على “رؤية مسؤولة وحوار واسع بين الأطراف المختلفة في المنطقة، التي ستشكل جزءًا من حوار دولي واسع”، وامتنع البيان عن تحديد “الأطراف” التي أشار إليها غانتس في بيانه وإذا ما كان ذلك يشمل السلطة الفلسطينية.
وتكمن أهمية زيارة ماس لإسرائيل بأنها تعقد قبل شهر واحد من تولي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، وهو دور يعطيها نفوذا كبيرا في توجيه سياسات الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة،
وقال ماس للصحافيين بينما يقف بجواره نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي “أكرر هنا اليوم الموقف الألماني إضافة إلى قلقنا البالغ كصديق خاص لإسرائيل من العواقب المحتملة لمثل هذه الخطوة”.
وردا على سؤال عن عقوبات محتملة قد يفرضها الاتحاد الأوروبي على إسرائيل، قال ماس “لم نحدد الرد بعد”، علما بأن ماس هو أول مسؤول أوروبي بارز عن الشؤون الخارجية يزور إسرائيل منذ أن أدت حكومة نتنياهو – غانتس اليمين يوم 17ماي الماضي.
وطالب الاتحاد الأوروبي أيضا الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن مخطط الضم، مذكرا إياها بأن الاستيطان مخالف للقانون الدولي، ومحذرا إياها من أن الاتحاد سيضطر لاتخاذ موقف “صعب” في حال مضت إسرائيل في مشروعها.
وفي سبتمبر الماضي كانت ألمانيا ضمن خمس دول أوروبية قالت إن خطة الضم، لو نُفّذت، ستمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في شباط/ فبراير الماضي، إن هذه الخطة لن تُمر دون رد.
ولم يعلن الاتحاد الأوروبي عن كيفية الرد على مشروع الضم إذا ما أصبح واقعا، لكن أي عقوبة محتملة تحتاج موافقة الأعضاء السبعة والعشرون.
ويغادر ماس البلاد مساء اليوم متجها إلى الأردن، لبحث مخطط الضم والخطة الأميركية وتداعياتها على المنطقة مع المسؤولين الأردنيين، علما بأنه سيجتمع بالمسؤولين الفلسطينيين عبر الإنترنت، بعدما قررت إسرائيل منعه من زيارة رام الله، متذرعة بانتشار فيروس كورونا المستجد.