غضب شديد اجتاح مصر على المستويين الرسمي والشعبي في أعقاب انتشار فيديوهات يزعم أنها لمصريين يتم التعدي عليهم وإهانتهم من جانب ما أشير إليها بأنها قوات تابعة لحكومة الوفاق الليبية في مدنية ترهونة التي استولت عليها مؤخراً بعد انسحاب قوات “الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده الجنرال خليفة حفتر.
ويظهر في الفيديوهات التي لم يتم التأكد من مصداقيتها إلى الآن بشكل دقيق، مجموعة من الأشخاص يقفون حفاة على قدم واحدة تحت أشعة الشمس مع رفع أيديهم للأعلى وقد أجبروا على ترديد ألفاظ نابية ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وخليفة حفتر، والإشادة بعملية بركان الغضب التي تقودها حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
ويسود توتر شديد في العلاقات بين النظام المصري المساند لحفتر وبين حكومة الوفاق الليبية بقيادة السراج. وتصاعد هذا التوتر أكثر بعد الخسائر المتتالية التي مني بها ما يسمى بالجيش الوطني الليبي (قوات حفتر) وتراجعه أمام هجمات قوات حكومة الوفاق المدعومة بشكل كبير من جانب تركيا، لتأتي هذه الفيديوهات لتصب مزيداً من الزيت على النار.
وعقب انتشار الفيديوهات بشكل واسع النطاق، نشرت وزارة داخلية حكومة الوفاق بياناً استنكرت فيه الواقعة بشدة، وأكدت أنها تتحرى عن مدى مصداقية ما حدث والعمل على تحديد الأطراف المتورطة فيها، كما رصدت مكافأة قدرها عشرون ألف دينار ليبي لكل من يدلي بمعلومات عن المتورطين فيها، ومشيدة بالعلاقات التاريخية الممتدة بين الشعبين المصري والليبي، حسب البيان.
وخلال اتصال هاتفي مع وكالة بلومبيرغ، أبدى وزير الداخية الليبي فتحي باشاغا (حكومة الوفاق) تشككه بصحة المقطع الذي تداولته وسائل إعلام محلية، لكنه قال في المقابل: “في كل الأحوال فإن هذه الممارسات مرفوضة ومستنكرة ولا علاقة لها بالأخلاق الليبية”، مشيراً إلى أن “مصر دولة مهمة بالنسبة لليبيا، نحن نهتم بعلاقاتنا معها”، وأن “مصر لديها القدرة على المساعدة في حل مشاكل ليبيا، وبإمكانها أن تلعب دوراً في المساعدة على إنهاء الانقسامات في ليبيا”.
بيد أن بيان وزارة الداخلية الليبية لم يخفف من حدة الغضب المصري الرسمي. فقد طالب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري، رئيس مجلس النواب علي عبد العال بأن تتخذ الدولة المصرية موقفاً إزاء الواقعة. عبد العال، الذي دعا مقدم البيان للصبر، أكد أن الأمر لن يمر مرور الكرام، مضيفا أن “مصر لن تقبل بإهانة مواطنيها وأن الرد سيكون على قدر الفعل وأكثر وسيكون قاسيا جداً”، حسب تعبيره.
الرد الرسمي الآخر من الجانب المصري جاء على لسان وزيرة الهجرة نبيلة مكرم في اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري. وقالت الوزيرة إن ما حدث “لن يمر على خير والدولة المصرية لن تسمح بالاعتداء على أبنائها في الخارج”، وفق صحيفة الأهرام الحكومية، كما ذكرت بالضربة الجوية التي نفذتها بلادها رداً على عملية إعدام أقباط في ليبيا على أيدي جماعات إرهابية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أدان مصريون الواقعة، كان منهم النائب البرلماني المصري مصطفى بكري الذي غرد مهدداً فايز السراج رئيس حكومة الوفاق إن تاكدت مصداقية تلك الفيديوهات.
أما المغرد الذي يطلق على نفسه اسم “حمادة” فقال إن الموقف لا يعبر عن رجولة من قاموا بهذا العمل تجاه أشخاص بعيدين عن السياسية ولا يهتمون إلا بالعمل ولقمة العيش.
لكن على جانب آخر، شكك مغردون في صحة الواقعة وفي أن من يظهرون فيها هم من العمال المصريين أصلا.
من جانبه، قال اللواء أحمد المسماري الناطق باسم قوات الجنرال حليفة حفتر إن قواته “قامت برصد انتهاكات” قامت بها ما وصفها بـ “الميليشيات الإرهابية التي تتبع حكومة الوفاق المدعومة من تركيا” في عدة مدن ليبية منها ترهونة، حسب قوله. كما قدم المسماري اعتذاراً خلال مؤتمر صحفي إلى “القياده السياسية في مصر والشعب المصري الشقيق، وكافه منظمات حقوق الإنسان”، بعد تداول فيديوهات “الإهانةللعمال المصريين”.