في تحقيق مشترك أجرته مجلة “دير شبيغل” الألمانية، وبرنامج التحقيقات التلفزيوني Report Mainz بالإضافة إلى “Lighthouse Reports” وهي منظمة إعلامية غير ربحية مقرها هولندا، تم الكشف عن قيام خفر السواحل اليوناني باعتراض قوارب اللاجئين القادمة من تركيا واعادتهم إليها عبر طوافات نجاة غير صالحة للإبحار.
تحقيق مثير للجدل تم اعداده بشكل مشترك وتم توثيقه من خلال مقاطع فيديو تظهر خفر السواحل اليوناني وهم يتركون المهاجرين في عرض بحر إيجة في 13 ماي مما يشير إلى أن المهاجرين يتركون هناك بشكل روتيني عائمين في البحر على سطح طوافات غير صالحة للعوم، قبل أن يعترضهم خفر السواحل التركي وينقذهم. وأشار التقرير كذلك إلى أن مسؤولي خفر السواحل اليونانيين يخفون هوياتهم وراء أقنعة خلال هذه العملية حتى لا يتم كشفهم.
ووفقا للتحقيق المشترك الذي أعده كل من مجلة “دير شبيغل” الألمانية، وبرنامج التحقيقات التلفزيوني “Report Mainz” بالإضافة إلى “Lighthouse Reports” وهي منظمة إعلامية غير ربحية مقرها هولندا، فقد لوحظ منذ عدة سنوات وجود ظاهرة الرجال المقنعين الذين يتدخلون في سفن المهاجرين في بحر إيجه، حيث سلطت منظمات اللاجئين الضوء على أن هؤلاء المقنعين تسببوا في الماضي في أضرار متعمدة لمحركات قوارب المهاجرين بهدف منعها من الوصول إلى الأراضي اليونانية. ويقول التحقيق إنه للمرة الاولى يمكن ربط هوية هؤلاء الرجال بخفر السواحل اليوناني.
شهادات صادمة
التقرير الذي نشرته على مجلة “دير شبيغل” الألمانية على موقعها الالكتروني، يتضمن شهادة لمهاجر يدعى أمجد نعيم، يسلط الضوء على تجربة طالب اللجوء الفلسطيني خلال الاعتداء الذي تم الكشف عنه على قارب المهاجرين الذي كان يقله صوب جزيرة ساموس اليونانية في 13 ماي
وروى نعيم للمجلة الألمانية كيف أنه كان مع حوالي 26 شخصا آخرين على متن قارب في عرض البحر متوجهين صوب جزيرة ساموس. ويوضح كيف اعترضتهم سفينة كانت تحمل العلم اليوناني وتقل رجالا مقنعين منعوهم من مواصلة الإبحار صوب الجزيرة. ويقول إنه سمع أزيز طلقات نارية تُطلق قبل أن يتضرر محرك القارب المطاطي الذي كان يقله مع الآخرين بعد استهدافه عمدا من المقنعين، وتركهم بعد ذلك على متن طوافات مطاطية في عرض البحر.
وتقول “دير شبيغل” إن مقطع فيديو مدته 55 ثانية التقطه نعيم أثناء الاعتداء المزعوم “يوثق بوضوح هذه الجريمة”، في إشارة إلى كيفية إجبار نعيم وآخرين على ركوب طوافات قابلة للنفخ لمواصلة الطفو في البحر لوحدهم وبدون تقديم أي مساعدة. وتساءل التقرير إن كان هذا الأمر سببا في الماضي لغرق لاجئين في عرض البحر تعرضوا للمعاملة ذاتها؟!
وفي ذات السياق سرد شاهد عيان آخر يدعى عمر لمجلة “دير شبيغل” كيف أنه تعرض للمعاملة ذاتها على أيدي خفر السواحل اليوناني في 4 جوان من العام الجاري، حيث تم تدمير محرك قارب المهاجرين الذي كان يستقله من قبل رجال مقنعين أيضا. وتم تصوير هذه الحادثة ضمن مقطع فيديو مصور، ووفقا للمجلة الألمانية فقد تم التعرف على القارب المهاجم بأنه يتبع خفر السواحل اليوناني وكان رقمه ΛΣ-08.
التحقيق المشترك أكد أن الأحداث التي رواها شاهد العيان أمجد نعيم في 13 ماي وشاهد العيان عمر في 4 جوان لم تكن حوادث منفردة أبدا. فبعد تحليل “عشرات أشرطة الفيديو” تم رصد أحداث مماثلة بمساعدة شهود عيان آخرين. ونوه التحقيق المنشور قيام منظمات غير حكومية وجماعات دعم اللاجئين بتوثيق عدد من الحوادث المماثلة الأخرى.
“دير شبيغل” ذكرت في تحقيقها المنشور أن “المواد المصورة تظهر بما لا يدع مجالا للشك: كيف تم التضحية بالقيم الأوروبية في شرق بحر ايجه باسم حماية الحدود الخارجية. وفي الوقت نفسه، غرّد مراسل دير شبيغل جيورجوس كريستيدس على تويتر قائلاً: “إن خفر السواحل التركي كان متواطئاً أيضاً في هذه الأحداث”.
اليونان ترفض الاتهامات
السلطات اليونانية بما فيها خفر السواحل رفضت هذه الاتهامات دون التعليق على شريط الفيديو الذي يرجع تاريخه إلى 13 ماي الفائت. وقالت اليونان إن التأخير في إنقاذ المهاجرين في البحر يجب أن يُلقى باللوم فيه على خفر السواحل التركي، زاعمة أنهم لا يرافقون قوارب المهاجرين إلا إذا كانوا يسافرون في اتجاه اليونان. وقال خفر السواحل اليوناني في بيان “إن ضباطهم يتصرفون دائماً وفقاً للقوانين المعمول بها وأنه لا توجد أية أنشطة معروفة لرجال يخفون هوياتهم خلف الأقنعة”.
بيد أن وسائل إعلام يونانية نشرت صورا تم التقاطها من قبل طائرة بدون طيار تابعة للشرطة التركية، وتظهر الصور قيام خفر السواحل اليوناني وهو يزيل محرك سفينة لمهاجرين بالقرب من جزيرة ليسبوس اليونانية، ثم يتخلى عن المهاجرين على متن السفينة في عرض البحر لمصيرهم. ولم ترد تفاصيل عن موعد التقاط هذه الصور. وتعرضت جزيرة ليسبوس لتدفق المهاجرين بشكل كثيف في الماضي، وتضم الجزيرة في جنباتها مخيم موريا للمهاجرين المكتظ وسيئ السمعة.
إعادة غير قانونية للاجئين
وفي حين تنفي الحكومة اليونانية أي تورط في أنشطة من هذا القبيل، إلا أنها تعترف بمشاركتها فيما أسمته “المراقبة النشطة” في البحر. وقد عززت اليونان مراقبتها على الحدود منذ أن فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فيفري الحدود التركية مع اليونان أمام المهاجرين واللاجئين للعبور.
وتعتبر عمليات إعادة اللاجئين انتهاكاً للقانون الدولي ولميثاق الإتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، حيث لا يحصل طالبو اللجوء على فرصة للنظر في قضاياهم على أساس فردي، بل يتم رفضهم فعلياً على أساس جماعي بدلاً من ذلك.
وبما أن قوات بحرية أوروبية أخرى نشطة في بحر إيجة أيضا فقد أثيرت مسألة فيما إذا كانت هذه التصرفات معروفة لدى القوات البحرية الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا التي تساعد السلطات اليونانية ضمن إطار مهمات بحرية دفاعية مثل فرونتيكس أو بوزيدون.
المتحدثة باسم حزب الخضر في شؤون سياسات الهجرة، لويزة أمتسبيرغ، قالت لمجلة دير شبيغل ولبرنامجReport Mainz إن القوات البحرية الأخرى يجب أن تكون على علم أيضا بهذه التصرفات، وقالت: “لا أعتقد أن مثل هذه الأمور تحدث دون أن تعلم بها الوحدات الأوروبية الأخرى العاملة هناك”، بحسب قولها.
المصدر: سرتان ساندرسون/ علاء جمعة المهاجر نيوز