تعلق الحكومة السودانية آمالاً على مؤتمر لمانحين محتملين في برلين الأسبوع الجاري فيما يتعرض الاقتصاد لخطر الانهيار في ظل نسبة تضخم تفوق 100 بالمئة ومعاناة من نقص الخبز والوقود والعقاقير. ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر الذي يُعقد عن بعد في برلين يوم الخميس (25 جوان 2020)، ويستمر يوماً واحداً، حكومات غربية ومؤسسات مالية دولية ودول خليجية ثرية منتجة للنفط. وتتفاقم الأزمة بفعل جائحة كورونا، التي استأثرت بموارد الكثير من المانحين، فضلاً عن أسراب الجراد التي تتكاثر في كينيا المجاورة والتي يُتوقع أن تهاجر إلى الشمال إلى السودان وأثيوبيا في غضون أسابيع.
ورحب كثيرون باتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين الذين نظموا احتجاجات ضخمة والجيش الذي يتمتع بالنفوذ وساهم في الإطاحة بالبشير. لكن المانحين امتنعوا عن تقديم مساعدات وأرجأوا “مؤتمر أصدقاء السودان” أكثر من مرة للمطالبة بإصلاحات مثل إلغاء دعم الوقود الذي يُقدر أنه يتكلف ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً.
وقال محللون ودبلوماسيون إنه يتعين على الخرطوم أن تطبق المزيد من الخطوات المهمة لإصلاح الاقتصاد إذ تسيطر شخصيات عسكرية على الشركات الرئيسية التي تدر دخلاً بالعملة الصعبة مثل تصدير الذهب.
وقالت عائشة البرير منسقة الحكومة السودانية للمؤتمر إن مؤتمر برلين يصف المشاركين “بالشركاء” وليس المانحين وذلك إقراراً بأن السودان لديه موارده ويحتاج لدعم سياسي واقتصادي وليس مساعدات مالية، وتابعت: “يعمل السودان على الإصلاح الاقتصادي للاستفادة من الموارد الذاتية”، مشيرة إلى إصلاحات في قطاع الذهب أُعلن عنها الأسبوع الماضي. كما يخطط السودان لتسييل أو خصخصة العديد من شركات الدولة التي لا تؤدي وظيفتها.
وقال محللون إنه ما لم يحصل حمدوك على تمويل سريعاً، فأن أول رئيس وزراء مدني منذ الثمانينات قد يواجه اضطرابات من أناس استبد بهم النقص المزمن للسلع أو حتى انقلاب عسكري في بلد شهد العديد منها على مدى تاريخه.
ولكن مساعي الحصول على تمويل جديد تعثرت بسبب الحاجة لتسوية متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي منذ عقود وإدراج الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب إبان حكم البشير.
السودانيون يعانون
وتجاوز معدل التضخم السنوي في البلاد 100 بالمئة الشهر الماضي فيما طبعت الحكومة نقوداً لتمويل دعم الخبز والوقود. وهبطت عملة السودان إلى 150 جنيهاً مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي وهو 55 جنيهاً بسبب نقص العملة الصعبة.
وقالت الحكومة الأسبوع الماضي إنها ستبدأ تطبيق خطة لصرف مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة وهو برنامج يأمل حمدوك أن يخفف معاناة السودانيين الفقراء فيما تخفض الحكومة الإنفاق على الدعم.
وتحتاج الحكومة إلى ما يُقدر بواقع 1.9 مليار دولار لتغطية برنامج المدفوعات النقدية للأسر الفقيرة. وتدعو وثيقة معدة للمؤتمر لتحديد سبيل لعودة السودان للتعامل مع مؤسسات دولية مما يقود في نهاية المطاف لتخفيف أعباء الدين.
وفي سياق متصل ذكر صندوق النقد الدولي في بيان يوم الثلاثاء أن فريقاً تابعاً له توصل إلى اتفاق مع السودان بشأن الإصلاحات الهيكلية لسياسات لاقتصاد الكلي التي ستدعم برنامجا مدته 12 شهراً ويخضع لمراقبة الصندوق.
وكان السودان قال في بداية جوان إنه بدأ محادثات مع صندوق النقد بشأن برنامج غير ممول مما يمهد الطريق أمام الحصول على دعم مالي دولي. وعقد فريق من صندوق النقد بقيادة دانيال كاندا اجتماعات افتراضية مع السلطات السودانية من الثامن حتى 21 جوان لبحث حزمة الإصلاحات التي قدمتها.
ونقل بيان الصندوق عن كاندا قوله في نهاية مهمة الفريق “السلطات السودانية وفريق صندوق النقد الدولي توصلوا إلى اتفاق.. بشأن السياسات والإصلاحات التي يمكن أن تدعم برنامجاً يراقبه الصندوق، وذلك في انتظار موافقة إدارة صندوق النقد ومجلسه التنفيذي”.
رفع السودان من قائمة الإرهاب
وأضاف: “يهدف البرنامج إلى تضييق الخلل الكبير في الاقتصاد الكلي والحد من التشوهات الهيكلية التي تعرقل النشاط الاقتصادي وتوفير الوظائف وتعزيز الحوكمة وشبكات الأمان الاجتماعي وإجراء تقدم صوب تخفيف أعباء ديون السودان في نهاية المطاف”. وقال الصندوق إن السودان قدم حزمة تشمل “إصلاح دعم الطاقة لإيجاد مجال لزيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية”.
ولا يمكن للسودان حتى الآن الاستفادة من دعم صندوق النقد ولا البنك الدوليين لأنه لا يزال على القائمة الأمريكية للدور الراعية للإرهاب وعليه متأخرات للصندوق تبلغ 1.3 مليار دولار.
وبعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير من السلطة في افريل 2019، عبرت الولايات المتحدة عن استعدادها للعمل من أجل رفع السودان من قائمة الإرهاب. وتعاني مالية الدولة من أزمة منذ انفصال جنوب السودان في 2011، ليستحوذ على معظم نفط السودان. وحالت شبكات التهريب دون استفادة الحكومة من صادرات الذهب.