استغلت النائبةلطيفة الحباشي تدخلها في جلسة الحوار مع رئيس الحكومة اليوم الخميس 25جوان لتتهم الرئيس المدير العام للخطوط التونسية الياس المنكبي بانه يقف حجرة عثرة امام مشروع المنطقة الصناعية وبأنه تحصل على ارض في المنطقة الصناعية بصفة غير قانونية من وزير املاك الدولة السابق وبانه تسبب في تعطيل المشروع برمته
المنكبي رد على انهام النائبة قائلا” أستغرب ان يتحول مجلس النواب الى منصة لترويج الاكاذيب و تشويه التونسيين بالباطل مضيفا بان النائبة المحترمة سبق لها ان كانت خصما له هي وزجها حول عقار على ملك جده تمكن من اقتنائه بحكم قضائي استنادا الى حق الشفعة وهي تحمل له الضغينة منذ ذلك الوقت
واضاف المنكبي انه لا يملك اي ارض في المنطقة الصناعية التي قامت ولاية منوبة بطلب عروض في شانها وكلفت مقاولا بتقسيمها
بل انه قام بتمكين الولاية من قطعة ارض على ملكه في محضر جلسة رسمي ليصبح للمنطقة الصناعية مدخل على الطريق الرئيسية GP1
اما عن الارض التي يستغلها المنكبي فقد قام بكرائها من الدولة بعد مزاد علني سنة 2013 وهي مواجهة للمنطقة الصناعية وليست ضمنها
ويضيف الياس المنكبي ان عائلته تملك اراض في منطقة برج العامري منذ خمسينات القرن الماضي
السؤال اذن لماذا وجهت النائبة اتهامها للمنكبي في جلسة اليوم بالذات؟
الم يكن بوسعها مساءلة وزير املاك الدولة مثلا؟
اليس لافتا انها اختارت جلسة يحضرها رئيس الحكومة لتطلق سهامها نحو الرئيس المدير العام للخطوط التونسية دون ان تعلن انها كانت ضدا له في قضية فصل فيها القضاء لفائدته؟
من الواضح ان ما قالته النائبة لم يكن لله في سبيل الله، فالياس المنكبي اليوم هو الرجل الذي يجب التخلص منه من الخطوط التونسية في ظل معركة كسر عظام صامتة تدور منذ فترة حول مصير الشركة بين راغب في وضع اليد عليها والتصرف فيها كما يشتهي وبين رئيس مدير عام هو ابن المؤسسة العسكرية يعتبر الشركة قطعة من الوطن يجب الذود عنها وحمايتها من ايادي العابثين
لا يختلف اثنان في توصيف وضعية الشركة بالصعبة ولكن الخبث في تحديد المسؤوليات، فالمنكبي يحاسب على منجزه منذ 2017 وليس مسؤولا عن تراكمات الماضي وخيباته وفساده ، والرجل اجتهد لتحافظ الغزالة على ديمومتها رغم تخلي الدولة عن الشركة في ازمتها بسبب الكورونا في ما قامت كل دول العالم بتمكين ناقلاتها حتى الخاصة من اليات التمويل لتوفير السيولة في شهور توقف الطيران
من اراد اقالة الياس المنكبي فالطريق واضحة ولا تمر بتشويه الرجل واستهداف سمعته ، فاالياس المنكبي ليس ابن البارحة بل كان الرجل من الفاعلين في احداث 14جانفي 2011 لمن كانت ذاكرته مثقوبة، فحين كان الناس امام شاشة التلفاز او نياما تحت اغطيتهم كان العقيد الياس المنكبي مساعد امر القاعدة العسكرية بالعوينة في الثكنة رفقة رجاله من ابناء الجيش الوطني
وقد تضمّن تقرير اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات التي يرأسها الأستاذ توفيق بودربالة إشارات (الصفحات 261-262-265-267-268-269-270-271) للعقيد منصف بالرحومة آمر قاعدة العوينة و العقيد إلياس بن عبد الرحمان المنكّبي بصفته مساعد آمر القاعدة الجوية بالعوينة التي منها غادرت الطائرة الرئاسية وعلى متنها زين العابدين بن علي في سفرة ذهاب دون إياب بصفته رئيسا للدولة عشية يوم 14 جانفي 2011 ، وقد يكون العقيد المنكّبي آخر من شاهد الرئيس الأسبق في الدقائق الأخيرة لحكمه الطويل ، واعتمادا على ما ورد في تقرير لجنة توفيق بودربالة واستنادا إلى مصادر مطلعة، نعيد تقديم بعض وقائع يوم 14 جانفي 2011 التي مازالت غير مكتملة عند عامة التونسيين وبعض خاصتهم . وهو ما كنا نشرناه قبل سنوات في جريدة التونسية لنصر الدين بن سعيدة
في حدود السابعة والنصف من مساء يوم 14 جانفي 2011 تلقى العقيد إلياس المنكبي إتصالا هاتفيا من المدير العام للأمن العسكري أحمد شابير يطلب منه التحول إلى مطار تونس قرطاج الدولي لتسلم مجموعة من المدنيين من الفريق الأمني الذي يحتجزهم بقيادة المقدم سمير الطرهوني
كان العقيد المنكّبي خالي الذهن عن هوية الموقوفين، وبوصوله إلى المطار أدرك أن الطرابلسية هم الرهائن، فعاد”بالأمانة” إلى ثكنة العوينة التي لم يغادرها إلى بيته طيلة أكثر من عشرين يوما .
حال وصول الحافلة إلى القاعدة ، تلقى اتصالا من رئيس أركان جيش الطيران أمير اللواء الطيب العجيمي الذي أبلغه الأمر- بتعليمات من وزير الدفاع حسب تقرير لجنة بودربالة- بتسليم الموقوفين جوازات سفرهم وبأن يؤمّن سفرهم نحو إيطاليا، وكان الإتصال بحضور العقداء محي الدين المتهني ومنصف بالرحومة آمر القاعدة الجوية بالعوينة والمقدم محمد الحجام والرائد حمودة بسيّس ، وقد شكّلت المجموعة المذكورة فريقا متكاملا أثبت وطنية عالية والتزاما يشرّف الجيش الوطني ويؤكد أنه فعلا حامي الجمهورية.
ويذكر تقرير لجنة بودربالة أنه تم جلب طائرة من نوع هركيل C130 من القاعدة الجوية سيدي أحمد ببنزرت لتأمين سفر الطرابلسية.
ولأن اللحظة الثورية تغلبت على التقاليد العسكرية، فقد رفض العقيد المنكّبي والمجموعة التي كانت معه تطبيق التعليمات وقال لمخاطبه بأن الشعب التونسي لن يسامحنا إن أطلقنا سراح الطرابلسية وتركناهم يغادرون البلاد .
بعد دقائق اتصل مدير عام الأمن العسكري أحمد شابير(عين لاحقا مديرا عاما للأمن الوطني حين كان فرحات الراجحي وزيرا للداخلية، ثم أحيل على التقاعد) بعد أن أبلغه الجنرال العجيمي بعدم استجابة المنكبي ومجموعته للتعليمات وسأله لماذا رفضت تطبيق الأوامر، فلم يتزحزح موقفه قيد أنملة وحاول أن يلفت إنتباه رؤسائه أن الحكومة تم حلّها ولم تعد لوزير الدفاع شرعية إصدار التعليمات، فردّ عليه أمير اللواء شابير بأن عليه أن ينتظر قليلا حتى يعيد الاتصال به .
بعد دقائق رن الهاتف الجوال للعقيد إلياس المنكّبي وكان أمير اللواء شابير على الخط من الطرف الآخر ليعلمه باقتناعه بالموقف المتّخذ من طرف العقيد المنكّبي ومجموعته.
انتهت المكالمة عند هذا الحد، بعدها أعاد الجنرال العجيمي الإتصال ليطلب من العقيد المنكّبي- بأمر من وزير الدفاع مرّة أخرى؟- أن يمنح الطرابلسية الموقوفين فرصة ليتدبروا أمرهم مادام رفض تمكينهم من امتطاء الطائرة العسكرية .
كان واضحا أن القيادة العسكرية كانت (الجنرال العجيمي رئيس أركان جيش الطيران بوجه خاص ) تحت ضغط غير عادي وقد أكدت المكالمات الهاتفية المسجلة في الطائرة الرئاسية أن المخلوع وزوجته اتصلا أكثر من مرة بوزير الدفاع رضا قريرة لفكّ حجز الطرابلسية وتمكينهم من السفر خارج تونس .
لم يكن أمام قيادة القاعدة الجوية بالعوينة هنا سوى أن يستجيب للتعليمات فاتجه مساعد آمر القاعدة نحو القاعة الشرفية ليأخذ معه إلى مكتبه منصف الطرابلسي وعماد الطرابلسي ومكن هذا الأخير من هاتفه الجوال ، هنا سكت تقرير اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق عن إيراد التفاصيل، فبمن اتصل عماد الطرابلسي بحثا عن فرصة الفرار من ثكنة العوينة؟
مصادرنا تؤكد بأن أول اتصال كان نحو أحد أبناء العقيد القذافي دون جدوى، ثم اتصال ثان مع رجل أعمال تونسي صاحب شركة طيران- يرجح ان يكون عزيز ميلاد رحمه الله- الذي اعتذر لمخاطبه لعدم تمكنه من الاستجابة لطلبه بتمكينه من طائرة تقلّه ومن معه خارج البلاد، المفاجأة كانت في الإتصال الثالث نحو صقلية الإيطالية إذ جاءت الموافقة لإرسال طائرة في الحين باتجاه مطار تونس قرطاج( تم تسريب فيديو على اليوتيوب يتضمن حديثا لعماد الطرابلسي بالإيطالية في رحلة بحثه عن الخلاص)
وأمام تطور الموقف بهذه الصورة غير المنتظرة، سحب العقيد المنكّبي الهاتف الجوال من عماد الطرابلسي ونقل رقم الهاتف الإيطالي وأفاد به أمير اللواء شابير المدير العام للأمن العسكري وأعاد عماد الطرابلسي إلى القاعة الشرفية حيث يقبع الجماعة .
ظل عماد الطرابلسي يسأل عن الجديد وهل حلت الطائرة التي ستنقله خارج تونس والعقيد المنكّبي يماطله حتى طلوع الفجر.
وفي الوقت الذي أذاعت فيه قناة الجزيرة القطرية عن طريق أحد مراسليها بتونس نبأ وفاة عماد الطرابلسي، بادر هذا الأخير بتقديم عرض سخي إلى العقيد المنكّبي مقابل تمكينه من مغادرة القاعدة ، ولكن دون جدوى .
فجر يوم السبت 15 جانفي 2011 قام مساعد آمر قاعدة العوينة العقيد إلياس المنكبي ورفاقه بتشكيل لجنة لجرد المحجوز الذي قدر لاحقا بمليار ونصف من العملة الصعبة وأكثر من 1500 قطعة من المجوهرات والساعات الثمينة تعادل قيمتها 7مليارات بعضها يعود إلى العائلة الحسينية(البايات) وقد تم إيداع هذه المحجوزات بقباضة نهج 18 جانفي بالعاصمة يوم الإثنين 17جانفي .كما ورد في تقرير اللجنة أن رئيس أركان جيش الطيران الجنرال العجيمي هو الذي اتصل بالعقيد المنكبي وطلب منه عزل السرياطي بسحب سلاحه و هاتفه الجوال وأن يقوم بإيقافه ” تنحّيلو سلاحو وتوقفو” إلى حين قدوم الكومندوس التابع للجيش الوطني .
انتهت التعليمات هنا، ولكن تطبيقها كان على غاية من الخطورة فعلي السرياطي لم يكن بمفرده في ثكنة العوينة بل كان مرفوقا بـ35 عنصرا من الأمن الرئاسي ، ولا ننسى أن عناصر الجيش تم تسليحها منذ يوم 9 جانفي 2011 ، عنصر آخر على غاية من الأهمية أنه عند حلول الركب الرئاسي حلت بقاعدة العوينة طائرتا هيليكوبتر من قاعدة الرمادية ببنزرت وعلى متنها خمسون من القوات الخاصة وهي من أفضل وحدات الجيش الوطني .
كان على مساعد آمر قاعدة العوينة ومجموعة الضباط الشرفاء من جيش الطيران بقاعدة العوينة أن يتجنبوا حدوث أي مواجهة بين قوات الجيش وقوات الأمن الرئاسي فتحدث العقيد إلياس المنكّبي إلى صديقه المقدّم إلياس زلاق مدير إدارة المرافقة في الأمن الرئاسي (يعمل حاليامديرا عاما لهيئة السجون والاصلاح) وطلب منه أن يعود إلى قصر قرطاج . استغرب الرجل الطلب وسأل”علاش؟ آش ثمّة؟ ” فأجابه “غدوة نقلك” كما أوردت مجلة “ميديابارت”الفرنسية .
إتجه العقيد المنكّبي نحو السرياطي وخاطبه كما تقتضي الأعراف العسكرية طالبا منه سلاحه وهاتفه الجوال، امتثل السرياطي للأمر ولكنه طلب تمكينه من إجراء مكالمة هاتفية أخيرة(طلب ذلك ليتمكن من مغالطة العقيد المنكّبي ويصرف النظر عن إمتلاكه لجوّال ثان) فأجابه العقيد المنكبي بأن ذلك غير ممكن ، تبين لاحقا أن السرياطي كان يحتفظ بجهاز هاتف جوال ثان وهو الذي استخدمه للاتصال بسامي سيك سالم ليطلب منه استدعاء فؤاد المبزع وعبد الله القلال ومحمد الغنوشي وفتحي عبد الناظر لقصر قرطاج لسد الشغور الرئاسي ، كان العقيد المنكبي وقتها في مطار تونس قرطاج لتسلم الطرد (الطرابلسية الذين أوقفهم المقدم سمير الطرهوني) وكان العقيد المنصف بالرحومة مكلّفا بحراسة علي السرياطي.
بعد ذلك قام العميد فوزي العلوي(مدير السجون حاليا) بنقل السرياطي إلى مقر الأمن العسكري(دار الباهي الأدغم)
وفي صباح يوم 15 جانفي2011 وفي حدود الساعة الرابعة فجرا، وردت معلومة على مساعد آمر قاعدة العوينة بأن طائرة بلحسن الطرابلسي قد حطت بمطار تونس قرطاج لنقل المنصف الماطري وزوجته(والدا صخر الماطري) خارج تونس، وعلى الفور تنقل العقيد المنكبي رفقة المقدم شكري شبشوب على عين المكان ، وفي المطار وجدا إلياس كرفاحي (مدير مطار تونس قرطاج وقتها ) ومحمد الشريف (رئيس مدير عام ديوان الطيران المدني والمطارات في ذلك الوقت ) ومدير مكتب الديوانة بالمطار ومدير أمن المطار زهير البياتي، فقاما بإيقاف الطائرة التي كان على متنها طاقم فرنسي .
بعد أيام قليلة سمح للزوج الماطري بالمغادرة سالمين آمنين، وبعد نقلة العقيد المنكبي من العوينة إلى برج العامري ، غادرت طائرة بلحسن الطرابلسي مطار تونس قرطاج في ظروف غير معلومة .
وفي الساعة السادسة والنصف من صباح السبت 15 جانفي 2011 حطت الطائرة الرئاسية بمطار تونس قرطاج عائدة من العربية السعودية(وهي بالمناسبة ذات الطائرة التي يركبها اليوم الدكتور المرزوقي) فبادر العقيد المنكّبي بتشميع الطائرة وكل التجهيزات الموجودة بمستودع العوينة المربض الدائم للطائرة الرئاسية وتأمين المكالمات الهاتفية الصادرة منها والواردة عليها .
من الجلي إذن أن العقيد بجيش الطيران إلياس المنكبي مساعد آمر قاعدة العوينة كان له دور مشرّف في أحداث يوم 14 جانفي 2011 إذ تحمل رفقة زملائه من قيادات القاعدة مسؤولية رفض قرارات كانت ستسمح للطرابلسية بالسفر وفضّل أن يتخذ موقفا يفتخر به أبناؤه في قادم الأيام، وماقام به هذا الضابط ومجموعته يستحقّ أن ننوّه به ونعتبره مثالا من جملة الأمثلة المشرّفة لجيشنا الوطني خلال ثورة 14 جانفي.
بطبيعة الحال السيدة النائبة لا علم لها بكل هذه التفاصيل، وماذا يعنيها، هي صوبت نحو الياس المنكبي لتعبد الطريق ليغادر المنكبي الخطوط التونسية دون كلفة ولا يدافع عنه احد فمن يجسر على الدفاع عمن استولى على ارض الدولة وعطل مشروعا اقتصاديا هاما كما ارادت هي ان توحي لرئيس الحكومة وكانه تقول له”ماذا تنتظر، حان موعد اقالته من الغزالة”
وقد علمنا ان الرئيس المدير العام للخطوط التونسية يعتزم مقاضاة النائبة المحامية لما تسببت له ولعائلته من ضرر معنوي باستغلالها البث التلفزي لجلسة حوار مع رئيس الحكومة لتصفية حساب شخصي يبدو ان جراحه لم تندمل