قالت أرمينيا اليوم السبت (الثالث من أكتوبر 2020) إنها ستستخدم “جميع الوسائل اللازمة” لحماية المنحدرين من أصل أرميني من هجوم أذربيجان، التي قالت بدورها إن قواتها تحقق مكاسب على الأرض في قتالها للسيطرة على جيب ناغورني كاراباخ الجبلي.
وفي تجاهل لمحاولة فرنسية للوساطة، تبادل الطرفان المتصارعان القصف بالصواريخ لليوم السابع في أحدث تجدد للصراع المستمر منذ عقود والذي قد يؤدي إلى استقطاب روسيا وتركيا. وارتفع عدد القتلى إلى 230 على الأقل في القتال الدائر حول ناغورني كاراباخ، وهي جيب يقطنه منحدرون من أصل أرميني داخل أذربيجان لكن لم تعد تحت سيطرة الأخيرة منذ التسعينات.
وقال إقليم ناغورني كاراباخ اليوم السبت إن 51 آخرين من جنوده قتلوا، مما يرفع إجمالي خسائره إلى 198. وتقول أذربيجان إن 19 من مدنييها قتلوا لكنها لم تكشف عن خسائرها العسكرية. وأعلن ناغورني كاراباخ مقتل 11 مدنيا واثنين في أرمينيا.
وأعلن كل من الجانبين تدمير مئات الدبابات للآخر. وأعلنت أذربيجان تحقيق انتصارات، وقال رئيس أذربيجان إلهام علييف على مواقع التواصل الاجتماعي “رفع الجيش الأذربيجاني اليوم علم أذربيجان في ماداجيز. ماداجيز لنا”، وهي قرية بالإقليم. ولم يتسن حتى الآن التحقق بشكل مستقل من الوضع على الأرض.
الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف قال: رفع الجيش الأذربيجاني اليوم علم أذربيجان في ماداجيز. وهي إحدى القرى في إقليم ناغورني كاراباخ.
ومن جانبه أبلغ رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان مواطنيه في كلمة بثها التلفزيون بأن القتال على طول الجبهة كان شديدا. وأضاف “حتى الآن لدينا بالفعل خسائر بشرية كبيرة، عسكرية ومدنية على حد سواء، وكميات كبيرة من المعدات العسكرية لم تعد صالحة للاستعمال، لكن العدو ما زال غير قادر على حل أي من قضاياه الاستراتيجية”.
وأحجمت القوات المسلحة الأرمينية حتى الآن عن دخول الحرب إلى جانب تلك الموجودة في ناغورني كاراباخ، لكن باشينيان صور في كلمة بثها التلفزيون الصراع على أنه صراع وطني وشبه بينه وبين حرب البلاد مع تركيا العثمانية في أوائل القرن العشرين. وقالت وزارة الخارجية الأرمينية إن أرمينيا بصفتها الضامنة لأمن ناغورني كاراباخ ستتخذ “جميع الوسائل والخطوات اللازمة” لمنع ما سمته “الفظائع الجماعية” من قبل القوات الأذربيجانية وحليفتها تركيا. ورفضت متحدثة باسم الوزارة التعليق على الخطوات التي قد تترتب على ذلك.
وبينما دعت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى إنهاء العمليات القتالية أيدت تركيا بشدة أذربيجان وكررت أن ما تسميه “المحتلين” الأرمن يجب أن ينسحبوا، رافضة المطالب “السطحية” بوقف إطلاق النار.
وواصل الجانبان تبادل الاتهامات بالتورط الأجنبي، إذ قال باشينيان إن أرمينيا لديها معلومات تفيد بأن 150 ضابطا تركيا رفيعي المستوى يساعدون في توجيه عمليات أذربيجان العسكرية.
ونفت أذربيجان وتركيا مرارا مشاركة القوات التركية. كما نفى البلدان تأكيدات أرمينيا وروسيا وفرنسا بأن محاربين من المعارضة السورية يقاتلون إلى الجانب الأذربيجاني.
وردت أذربيجان قائلة إن منحدرين من أصل أرميني، من سوريا ولبنان وروسيا وجورجيا واليونان والإمارات العربية المتحدة، قد تم نشرهم أو كانوا في طريقهم للعمل “كمقاتلين إرهابيين أجانب” على الجانب الأرميني.
في السياق نفسه،وصفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، السبت، التدخل التركي في الحرب الأذربيجانية-الأرمينية بـ “بالمناورة الطائشة” التذي من شأنها تأجيج القتال بين الطرفين.
وقالت الصحيفة الأميركية في افتتاحية لها، إنه لا يعرف على وجه التحديد من الذي بدأ إطلاق النار من الجانبين، ولكن “ما يبدو واضحا، فإن إلهام علييف، رئيس أذربيجان، قد شن هجوما لاستعادة الأراضي التي فقدتها بلاده في التسعينيات”.
وتخوض القوات الأرمينية والأذربيجانية أعنف المواجهات في عقود حول ناغورنو قره باغ، الإقليم ذي الغالبية الأرمنية، الذي أعلن انفصاله عن أذربيجان خلال تفكك الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن الرئيس الأذربيجاني قد هاجم أرمينيا بدعم مباشر من تركيا، واصفة موقف أردوغان بـ “المناورة الطائشة”، التي تعكس الطموحات الواسعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولفتت الصحيفة إلى أن أردوغان يسعى بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة إلى تحويل دولته إلى قوة جيوسياسية في حد ذاتها، بل مضى باتجاه “تفكيك الديمقراطية” من أجل هذا الهدف، على حد قول الصحيفة.
وأردفت الصحيفة الأميركية بأن أنقرة قد أمدت أحد أطراف الحرب الليبية (حكومة الوفاق) بالسلاح والمقاتلين، خلال الأشهر الماضية، بل خاطرت بحرب مع اليونان بسبب المياه المتنازع عليها في شرق المتوسط.
كما تدخلت تركيا في سوريا من أجل صد محاولة للنظام السوري للسيطرة على محافظة إدلب شمال سوريا.
مرتزقة سوريون مجددا
وقد نقلت تركيا مئات المرتزقة السوريين مؤخرا إلى ساحة المعركة في قره باغ، فيما قال رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، بأن طائرة F-16 تركية قد أسقطت طائرة حربية أرمينية، الثلاثاء، وقد وصفت الصحيفة الأميركية نفي تركيا بأنه “غير مقنع”.
واعتبرت “واشنطن بوست” خطوة تركيا بالتدخل عسكريا في قره باغ، بأنها تتعارض مع مصالح روسيا التي لديها قاعدة عسكرية في أرمينيا، وتعهدت بالدفاع عنها أمام العدوان.
يذكر أنه منذ بدء المعارك في قره باغ في نهاية سبتمبر، تشير الحصيلة الجزئية الرسمية إلى مقتل 242 شخصا، 209 عسكريين في قره باغ، 14 مدنيا أرمنيا، و19 مدنيا أذربيجانيا. ولا تعلن باكو عن خسائرها العسكرية.
وترجح وكالة “فرانس برس” أن تكون الحصيلة أعلى من ذلك، إذ تؤكد يريفان مقتل أكثر من ثلاثة آلاف جندي أذربيجاني منذ اندلاع المعارك الأحد، فيما تعلن باكو مقتل 2300 عسكري أرمني.
وتجاهل طرفا النزاع دعوات الأسرة الدولية لوقف إطلاق النار. ودعت كل من موسكو وواشنطن، وباريس المعنية بالوساطة في النزاع ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أكثر من مرة، إلى وقف لإطلاق النار.