اشتدت حدة القصف بين أذربيجان وأرمينيا، الإثنين 5 أكتوبر 2020، في تاسع يوم من القتال الدموي بمنطقة جنوب القوقاز، في الوقت الذي يتجاهل فيه الطرفان دعوات دولية لوقف القتال، ويتبادلان اتهامات بقصف واستهداف مناطق سكنية، أسفرا عن مقتل وإصابة مدنيين.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، ضم صوته، الإثنين، إلى دعوات وقف إطلاق النار الدائر بسبب إقليم ناغورنو قره باغ، وهو جيب جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي، لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني.
وأضاف ستولتنبرغ: “من المهم للغاية أن ننقل رسالة شديدة الوضوح إلى جميع الأطراف بأن عليهم وقف القتال فوراً، وبأننا ينبغي أن ندعم كل الجهود لإيجاد حل سلمي من خلال التفاوض”.
آفاق إعلان وقف لإطلاق النار بدت بعيدة المنال بعد أن احتدم القتال مطلع الأسبوع، حيث قُتل مئات في المعارك الدائرة منذ 27 سبتمبر واشتملت على استخدام المدفعية والدبابات والطائرات الحربية.
تبادل الهجمات: أذربيجان من ناحيتها، قالت إن مدناً فيها خارج ناغورنو قره باغ تعرضت للقصف، مما قرَّب المعارك من منطقة تمر بها خطوط أنابيب تحمل النفط والغاز منها إلى أوروبا.
حيث أعلن إقليم ناغورنو قره باغ، أن القوات الأذربيجانية شنت ضربات صاروخية على عاصمته خانكندي، بينما قالت أذربيجان إن أرمينيا أطلقت صواريخ على عدة بلدات خارج الإقليم الانفصالي.
وقال مسؤولون من الإقليم، إن 21 جندياً قُتلوا في اشتباكات عنيفة مع أذربيجان، ليصل الإجمالي إلى 223 قتيلاً منذ بدء القتال. كما أضاف الإقليم، أن 19 مدنياً قُتلوا.
فيما قال آرتسرون هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية، إن “معارك شرسة تدور على طول خط الاتصال بين ناغورنو قره باغ وأذربيجان”.
ولا تكشف أذربيجان عن خسائرها العسكرية. لكن مكتب الادعاء قال إن البلاد خسرت 25 مدنياً، في حين أصيب 127 منذ بدء القتال.
وقالت أذربيجان إن قواتها حققت مكاسب، وأعلن الرئيس إلهام علييف، أن جيش بلاده “حرر” عدة قرى وتلال بمنطقة جبرائيل في ناغورنو قره باغ.
ووصف متحدث باسم ناغورنو قره باغ الأمر بأنه انسحاب تكتيكي لقوات الإقليم؛ للحد من الخسائر. وقال هوفهانيسيان، إنَّ تقدُّم قوات أذربيجان جرى صدُّه.
“لن نتوقف حتى انسحاب أرمينيا”: وفي مقابلة متلفزة، الإثنين، قال رئيس أذربيجان إلهام علييف، إن على أرمينيا سحب قواتها من ناغورنو قره باغ والأراضي الأذرية المجاورة، ليتسنى وقف القتال.
كما أضاف: “ليست لدينا مطامع في أراضي أي دولة أخرى، ولكن ما لنا يجب أن يبقى لنا”، في تصريحات مماثلة لما أدلى به في خطاب لبلاده، الأحد.
مشاركة تركيا: وتجاهل علييف دعوات ومناشدات لوقف إطلاق النار، من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، وهي الدول الثلاث التي تقود جهود الوساطة في الصراع الذي احتدم وخبا منذ التسعينيات، كما أكد أن أي جهود سلام يجب أن تتم بمشاركة تركية.
قال علييف: “من المؤكد أن تركيا يجب أن تكون في أي عملية سلام مقبلة، ومن المؤكد أيضاً أن عملية سلام ستبدأ، ولا يمكن أن تستمر الاشتباكات إلى الأبد، لذا كلما كان ذلك أسرع كان أفضل”.
دعوة للتطوع: على الطرف الآخر، لم يُظهر رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، أي مؤشر على التراجع عن موقفه، حيث قال في تصريحات نشرها على فيسبوك، الإثنين، إنه يدعو الجنود الذين جرى إعفاؤهم من الخدمة العام الماضي، إلى التطوع للقتال.
وأضاف: “أريد أن أدعو هؤلاء وأقول لهم إنهم… سيقاتلون في حرب للبقاء بأرض أسلافهم”.
زادت الاشتباكات من مخاوف دولية من أن يؤدي الصراع إلى تورط قوى إقليمية أخرى، إذ أبدت تركيا تضامنها مع أذربيجان، بينما لدى أرمينيا معاهدة دفاعية مع روسيا.
صراعٌ عمره عقود: وتخوض أذربيجان وأرمينيا منذ عقود، نزاعاً حول الإقليم ذي الغالبية الأرمنية، الذي أعلن انفصاله عن أذربيجان في حرب بالتسعينيات الماضية.
وأدى إعلان “قره باغ” انفصاله عن أذربيجان إلى اندلاع حرب في مطلع التسعينيات، أودت بحياة نحو 30 ألف شخص، ولم يعترف المجتمع الدولي ولا حتى أرمينيا باستقلال الإقليم.
وتنضوي بريفان في تحالف عسكري للدول السوفييتية السابقة تقوده موسكو، فيما تتلقى أذربيجان دعماً من تركيا، التي قال مسؤولوها إنهم سيدعمونها بشتى الوسائل، كما أن أنقرة طالبت أرمينيا بالخروج من الإقليم.
وحثت الولايات المتحدة، الإثنين، أذربيجان وأرمينيا على وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات تحت رعاية مجموعة مينسك من أجل “التوصل إلى حل دائم للنزاع”، معربة عن قلقها من التقارير التي تتحدث عن تصعيد العمل العسكري.
وأعرب نائب وزير الخارجية الأميركي ستيفن بيغون لكل من وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف ووزير الخارجية الأرميني زهراب ماناساكنيان، في اتصالين هاتفيين منفصلين عن قلق واشنطن من تصعيد العمل العسكري وتوسيع مسرح العمليات في نزاع ناغورنو قره باغ.
وقال بيغون للوزيرين إنه “لا يوجد حل عسكري للنزاع”، حاثا البلدين على استئناف المفاوضات ووقف إطلاق النار “فورا”.
وتضغط الدول الغربية على أطراف النزاع من أجل التوصل إلى إيقاف لإطلاق النار بين الجانبين.
وحظرت كندا، الإثنين، تصدير معدات عسكرية إلى تركيا بعد “تقارير عن استخدام تكنولوجيا كندية في النزاع في ناغورنو قره باغ”.
وترمي تركيا بثقلها في الصراع إلى جانب أذربيجان، وقد صرح مسؤولوها عدة مرات بأن “الأعمال العسكرية لن تنتهي قبل الانسحاب الأرميني من الإقليم” المتنازع عليه.
كما تتهم أرمينيا تركيا بتوفير معدات وأسلحة لغريمتها أذربيجان، ودعمها بمرتزقة سوريين موالين لتركيا.