عالم البيزنس

إصلاحات السيسي الاقتصادية الجديدة تثير قلقاً شعبياً..

قال موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 4 ماي  2021، إن الشعب المصري قلق من الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة التي يقوم بها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة في ظل القلق المتزايد من احتمالية أن تجلب مصاعب أخرى لملايين الناس.

كان مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة المصرية، قد أعلن، خلال مؤتمر صحفي في 27 افريل  الماضي، عن إطلاق بلاده المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي (الإصلاحات الهيكلية لبعض القطاعات التنموية)، وذلك بحضور عدد كبير من الوزراء، ونواب البرلمان، ومسؤولي الاتحادات الصناعية والتجارية، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وعدد من ممثلي شركاء التنمية من المؤسسات الدولية.

يركز البرنامج الجديد على معالجة المشكلات الهيكلية في الاقتصاد المصري، والبناء على المكاسب التي تحققت في الفترة الماضية، وزيادة الوزن النسبي لقطاعات الصناعات التحويلية والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إجمالي الناتج المحلي، من 26% حالياً، إلى 30-35% بحلول السنة المالية 2023-2024.

قطاعات المرحلة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي

هذه الحزمة من الإصلاحات ستركز على قطاعات محددة من الاقتصاد في الطريق لخلق نمو مستدام وتجاوز الصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بحسب مدبولي الذي لفت إلى أن الإصلاحات ستسعى لرفع معدل النمو الاقتصادي السنوي إلى ما بين 6 و7% في السنوات الثلاث المقبلة، وتقليص عجز الموازنة من 7.7% حالياً إلى 5.5%.

كما لفت رئيس الحكومة المصرية إلى أنه ستلي ذلك المرحلة الثالثة التي ستختص بباقي القطاعات التي تقود وتؤثر، جنباً إلى جنب مع هذه القطاعات الأولى، في عجلة الاقتصاد المصري، مؤكداً نجاح بلاده في تحقيق مستهدفات المرحلة الأولى التي استهدفت بشكل رئيسي إصلاحات السياسات النقدية والمالية، وذلك بشهادة المؤسسات الدولية، حسب قوله.

إلا أن الإعلان عن حزمة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية أثار الخوف في نفوس الكثير من المصريين العاديين، الذين لم يستفيدوا من الإجراءات الاقتصادية الخاصة بالمرحلة الأولى التي بدأت في عام 2016، والتي طبقها الرئيس عبدالفتاح السيسي على مدار السنوات الخمس الماضية.

ضغوط مالية

على الرغم من المخاوف الشعبية، قالت الحكومة إنَّ الإصلاحات الجديدة لن يترتب عليها ضغوطات مالية إضافية على المواطن العادي، حيث طمأن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الجمهور بأنَّ الحكومة ستُبقي على دعم المواد الغذائية والإنفاق على الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي في السنوات الثلاث المقبلة.

لكن لا توجد ثقة كبيرة في الشارع بشأن تطبيق الإصلاحات الجديدة وما إن كانت ستجلب مصاعب لملايين الناس أم لا.

فيما عبّر البعض، لموقع Middle East Eye البريطاني، عن عدم ثقتهم بأي كلام حول أن الإصلاحات لن تضيف ضغوطاً على الشعب. فقد قطعت الحكومة نفس الوعود قبل الإصلاحات السابقة، ولم تجلب إلا الجوع والفقر للناس.

قرارات صادمة

يشار إلى أن المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي طُبِّقَت في 3 نوفمبر 2016. وتضمَّنت القرار الصادم بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل كل العملات الأجنبية.

كما تضمَّنت المرحلة نفسها تقليص دعم الوقود والمياه والكهرباء، وفرض ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، وقرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

حسب موقع Middle East Eye البريطاني، كانت المرحلة الأولى من الإصلاحات صعبة على جيوب المصريين العاديين؛ إذ ارتفعت أسعار السلع سريعاً، ما تسبب في تقزيم دخول عشرات الملايين من الناس ودفعت ملايين آخرين إلى ما تحت خط الفقر. وأثَّر خفض الدعم على أسعار كافة السلع، ما تسبب في معاناة للناس العاديين.

من جهتها، قالت عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، لموقع Middle East Eye: “أدت هذه الإصلاحات إلى إضعاف القوة الشرائية للناس ومن ثم تسببت في معاناة للجميع. وأصبح بعض الناس غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية”.

ثبات أجور المصريين

في حين ظلَّت أجور معظم المصريين كما هي فيما واصلت أسعار السلع الارتفاع بسرعة.

فضلاً عن ذلك، ارتفع معدل الفقر في مصر إلى 32.5% عام 2017 بعدما كان 27.8% عام 2016، وهو ما سلَّط الضوء على الآثار العميقة التي تركتها الإصلاحات على رفاه الشعب.

كذلك، واجهت السلطات المصرية هذه الآثار من خلال توجيه المزيد من الأموال إلى برامج الإعانات الاجتماعية، بما في ذلك تقديم مساعدات نقدية للنساء الأرامل والمطلقات والمواطنين الفقراء من كبار السن.

إلا أن المهدي قالت: “مع ذلك، استبعدت هذه البرامج نفسها المنتمين للطبقة الوسطى. وأدى هذا إلى زيادة الضغوط على هذه الطبقة ووضعتها في خطر”.

تداعيات جائحة كورونا

كما أشار اقتصاديون أيضاً إلى أهمية الحزمة الجديدة من الإصلاحات، نظراً للخسائر التي تكبدتها مصر بسبب كوفيد-19.

حيث كلَّفت تلك الجائحة مصر غالياً من الناحية الاقتصادية. إذ تسببت في انخفاض معدل النمو الاقتصادي إلى 2% بعدما كان 5.6%. وجمَّدت الجائحة أيضاً قطاع السياحة، وأبطأت التجارة الخارجية المصرية، وأعاقت القطاع الصناعي.

وتضمَّنت خطة التحفيز الاقتصادي التي كانت جزءاً من الاستجابة الوطنية للجائحة مليارات الجنيهات المصرية في صورة دعم نقدي للمصريين العاطلين عن العمل وأولئك الذين تأثرت سبل عيشهم من جراء كوفيد-19. وتضمَّنت الخطة نفسها أيضاً مليارات الجنيهات في صورة إعفاءات ضريبية.

لكن هناك مخاوف بين نفس الاقتصاديين من أنَّ نفس هذه الإصلاحات قد تأتي على حساب الرفاه الاقتصادي لعموم السكان.

بدوره، ذكر أحمد فرغلي، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان، لموقع Middle East Eye أن المشكلة هي أنَّ الطبقة الفقيرة والمتوسطة تتحمل دوماً عبء معظم هذه الإصلاحات. ولهذا أتوقع أن تكون موجة الإصلاحات الجديدة مصحوبة بحزمة ضرائب جديدة تستنزف العامة أكثر.

موازنة مصر تفقد إيرادات بـ23.6 مليار دولار في 2020

كان وزير المالية المصري محمد معيط، قد صرّح، الثلاثاء 27 افريل  2021، بأن موازنة الدولة فقدت إيرادات بمقدار 370 مليار جنيه (23.6 مليار دولار) في 2020، جراء تداعيات جائحة كورونا، موضحاً أن هذه العائدات “فقدت نتيجة عدم تحصيلها من أنشطة تأثرت بالجائحة”.

فيما أوضح معيط، في مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، أن القطاعات المرتبطة بالطيران المدني والسياحة والإنشاءات، كانت الأكثر تأثراً، دون تفاصيل أكثر، لافتاً إلى أن الحكومة تستهدف الاستمرار بتحقيق فائض أولي (الإيرادات أكثر من المصروفات دون احتساب خدمة الدين)، ليصل الفائض إلى 1.5% من إجمالي الناتج المحلي.

كما لفت الوزير المصري إلى أن “السياحة تعد مورداً مهماً للاقتصاد المصري، وكان من المتوقع أن تبلغ إيرادات مصر منها حوالي 14 مليار دولار في السنة المالية الحالية، لكنها فقدت بالكامل”، منوهاً إلى أن الحكومة خفضت توقعاتها للنمو خلال السنة المالية الحالية (2020-2021) إلى 2.8%، من 6% في تقديراتها السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.