كشف مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، الجمعة 25 جوان 2021، أن أديس أبابا لا تريد حلاً عسكرياً لأزمة سد النهضة، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن بلاده مستعدة لهذا السيناريو.
إذ قال ديبيلي، في حديث لقناة “روسيا اليوم”، بعد مشاركته بمؤتمر موسكو التاسع للأمن الدولي، في معرض رده على سؤال عن مدى احتمال حل أزمة سد النهضة عسكرياً: “بالنسبة لبلدي، لا يجوز أن تكون قضية المياه سبباً للحرب، فلذا لا يمكن أن يكون الحل عسكرياً، الحل الأمثل هو المناقشة من خلال الاتحاد الإفريقي”.
اتهامات لمصر!
كذلك قال مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي، إن “الجانب المصري لا يريد حل المشكلة من خلال المفاوضات. يأتون للنقاش ويرفضون جميع المقترحات. إذن، من وجهة نظري، خير حل هو المفاوضات، ولن يستطيعوا حل المشكلة عسكرياً. لن يحاولوا مهاجمة السد، ولكن حتى لو هاجموه فلن يستطيعوا حل المشكلة أو تدمير السد، لأنه لا يمكن تدميره بقنابل الطائرات المقاتلة، وهم يعرفون أن السد متين”.
ديبيلي قال أيضاً في الحوار التلفزيوني: “آمل حلّ المشكلة من خلال النقاش، وقد بدأت حكومتنا المرحلة الثانية من ملء السد، ومتى انتهت هذه المرحلة فسيكون كل شيء آمناً، وسيأتي الجميع لبحث مقترحات تقاسم المياه، ليس بناء السد وإنما كيفية تقسيم المياه، لأن 90% من المياه تذهب إلى مصر وحدها، و10% للسودانيين، فيما لا يبقى لنا أي شيء”.
في المقابل قال الجنرال الإثيوبي إن بلاده مستعدة لأي حلول عسكرية، مضيفاً: “نحن مستعدون لصدِّ أي عدو يحاول تقويض سيادتنا، نحن جاهزون للدفاع”.
واشنطن تدعم مصر
في المقابل جاءت تصريحات الجنرال الإثيوبي، في الوقت الذي قال فيه المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، صامويل وربيرج، إن بلاده “لن تترك 100 مليون مصري بدون مياه”، مؤكداً أنها ستدفع إلى استئناف مفاوضات “سد النهضة” المتعثرة.
جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية مع فضائية “dmc” المصرية الخاصة، مساء الخميس، تزامناً مع اقتراب موعد الملء الثاني لـ”سد النهضة” الإثيوبي. وأفاد وربيرج بأن “الولايات المتحدة لن تترك 100 مليون مصري بدون مياه”.
أوضح أن “واشنطن ستبذل كافة الجهود لتُشجع الأطراف الثلاثة على استئناف مفاوضات سد النهضة تحت قيادة الاتحاد الإفريقي”. وأضاف: “الولايات المتحدة تهدف إلى الوصول لاتفاق سلمي مناسب لجميع الأطراف في قضية سد النهضة، دون اللجوء إلى أي حل آخر (لم يسمه)”.
تابع: “المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، غيفري فيلتمان، يهتم بشكل أساسي بهذا الملف”.
مبعوث إقليمي خاص
في 23 افريل 2021، أعلنت واشنطن تعيين فيلتمان مبعوثاً خاصاً لمنطقة القرن الإفريقي، مؤكدةً أنه “سيعمل على قضايا إقليم تيغراي، والخلاف بين السودان وإثيوبيا، وملف سد النهضة”.
أما في يوم الثلاثاء، فطلب السودان من مجلس الأمن الدولي عقد جلسة “في أقرب وقت ممكن”؛ لبحث “تطورات الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي”.
وفق رسالة بعثت بها وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي، إلى مجلس الأمن، جددت الخرطوم اتهامها لأديس أبابا بـ”التعنت” خلال المفاوضات المتعثرة، في إطار أزمة اختتمت عامها العاشر بين الدول الثلاث.
كذلك وفي 12 جوان 2021، أبلغت مصر مجلس الأمن اعتراضها على اعتزام إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة
يتبادل السودان ومصر مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر المفاوضات حول السد، الذي تقيمه أديس أبابا على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.
علّق وزير الخارجية المصري سامح شكري، الجمعة 25 جوان 2021، على تصريحات جنرال إثيوبي قال إن بلاده مستعدة لحل عسكري لملف سد النهضة، الذي يوتّر علاقات القاهرة وأديس أبابا، وقال شكري إن بلاده لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها وحقوقها.
جاء ذلك في مداخلة لشكري مع برنامج “الحكاية” الذي يُعرض على قناة “إم بي سي مصر”، عقب ساعات من تصريحات الجنرال الإثيوبي بوتا باتشاتا ديبيلي، الذي قال إن مصر لن تحاول مهاجمة سد النهضة، وإنها حتى لو هاجمته فلن تستطيع تدميره، مبدياً استعداد بلاده للسيناريو العسكري.
شكري وصف تصريحات الجنرال الذي يشغل منصب مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية بأنها استفزازية، وقال: “هذا نهج مارسناه على مدار السنوات الماضية من تصريحات استفزازية لا تؤدى إلى تحقيق الوئام، والإصرار على فرض الإرادة المنفردة”.
أشار شكري إلى أن مصر تسعى إلى استخدام الوسائل السلمية، وأضاف: “لكن هذا لا ينفي أن لدينا القدرة والإصرار على عدم الإضرار بمصلحة الشعب المصري، وفي حالة وقوع الضرر لن تتهاون الدولة المصرية في الدفاع عن مصالح شعبها، ولن نتهاون في حقوقنا، ونسلك في كل مرحلة العناصر والإمكانات المتوفرة لدينا التي تتناسب مع الوضع والحالة القائمة”.
أضاف الوزير المصري أن مصر دائماً “كانت تتحدث عن القدرة على الوصول إلى حل وإقامة علاقات مبنية على التعاون والمصالح المشتركة، ولكن في الوقت نفسه نحن نعلم جيداً مصلحة مصر وحقوق مصر المائية وحقوق الشعب المصري والدفاع عنه، ونحن نسعى إلى استخدام الوسائل السلمية”.
وكان الجنرال الإثيوبي قد أعلن في تصريحات متلفزة أن بلاده بدأت في المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، وهو ما أعربت مصر عن رفض تنفيذه مراراً دون التوصل إلى اتفاق بين أديس أبابا من جهة، والقاهرة والخرطوم من جهة أخرى.
اوفي أقوى تهديد لأديس أبابا، كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد قال في 30 مارس الماضي، إن “مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.
يُذكر أن مصر والسودان قد اتفقتا على العمل معاً على جميع المستويات، لدفع إثيوبيا إلى التفاوض “الجاد” حول اتفاق، بعد الجمود المستمر في محادثات يرعاها الاتحاد الإفريقي، ودعت الدولتان المجتمع الدولي للتدخل.
تعتمد مصر على نهر النيل في الحصول على 90% من احتياجاتها من المياه العذبة، وترى أن السد ربما يمثل تهديداً وجودياً لها، كما يشعر السودان بالقلق بشأن تشغيل سدوده على النيل ومحطات المياه لديه.
من جنبها، تعلق إثيوبيا آمالها في التنمية الاقتصادية وتوليد الكهرباء على السد، وترفض إيقاف الملء الثاني للسد وتأجيل هذه الخطوة إلى حين إبرام اتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله.