هل تكون السعودية الوسيط بين المغرب والجزائر؟
كشفت مصادر مطلعة أن المملكة العربية السعودية تفكر جدياً في التدخل لرأب الصدع بين المغرب والجزائر.
وتسعى الرياض لإعادة إحياء وساطتها التاريخية سنة 1988، والتي أنهت خلافاً بين الجارتين دامَ 12 سنة كاملة.
وكان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، قد استند في بيانه الذي أعلن فيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، إلى المبادرة السعودية سنة 1988، والتي قال إنها الأرضية المرجعية التي تقوم عليها عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.
وأفادت مصادر مطلعة، بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد يزور الرباط والجزائر العاصمة، في حال لمس استعداداً من الطرفين لتطبيع العلاقات وفق أرضية اتفاق 1988 الذي رسمه عمُّه الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز.
الرياض مستعدة
أبدت المملكة العربية السعودية عدم رضاها عن التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات المغربية الجزائرية.
وأصدرت الخارجية السعودية بياناً قالت فيه: “نأسف لما آلت إليه تطورات العلاقات بين الأشقاء في كل من المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية” .
وأضاف: “نعرب عن أمل حكومة المملكة في عودة العلاقات بين البلدين بأسرع وقت ممكن، وندعو الأشقاء في البلدين إلى تغليب الحوار والدبلوماسية لإيجاد حلول للمسائل الخلافية بما يسهم في فتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين، وبما يعود بالنفع على شعبيهما، ويحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، ويعزز العمل العربي المشترك”.
من جهة أخرى أصدرت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من جدة السعودية مقراً لها، بياناً دعت فيه البلدين إلى تغليب المصالح العليا للبلدين الشقيقين ومبدأ حسن الجوار، خاصةً أن البلدين يجمعهما تاريخ ومصالح مشتركة، وهما عضوان فاعلان بمنظمة التعاون الإسلامي ومؤثران في العمل الإسلامي المشترك.
كما دعت المنظمة إلى اعتماد لغة الحوار لحلّ ما قد يطرأ من اختلاف في وجهات النظر.
وساطة تاريخية
ترتكز الأرضية التي تم على أساسها تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية سنة 1988 بوساطة سعودية، قادها الملك فهد بن عبدالعزيز ووقَّعها الرئيس الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني، على أربعة التزامات وهي:
- تعزيز علاقات دائمة، قوامها السلم وحسن الجوار والتعاون بين الشعبين الجزائري والمغربي، وإعادة تأكيد الصلاحية الكاملة للمعاهدات والاتفاقات المبرمة بين البلدين.
- المساهمة الفعالة في تسريع بناء المغرب العربي الكبير.
- المساهمة في تعزيز الصف العربي حول القضية الفلسطينية المقدسة، بما يكرس الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في إقامة دولته وتحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، وضمن ذلك مدينة القدس.
- دعم حل عادل ونهائي لنزاع الصحراء عبر تنظيم استفتاء حر ونزيه يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره في كنف مصداقية تامة وبدون أي إكراهات.
إعلان العمامرة يأتي بعد أيام قليلة من إعلان الجزائر “إعادة مراجعة علاقاتها مع المغرب”، مع “تعزيز المراقبة الأمنية على الحدود”.
منذ عقود تشهد العلاقات بين البلدين انسداداً، على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، المدعومة من الجزائر.
تعليق المغرب
وفي أول تعليق من المغرب عبّرت الرباط عن أسفها من قرار جارتها الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ووصفته بكونه “غير مبرر”، كما أكدت أنه “كان متوقعاً” في ظل “منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة”، وذلك وفق ما ذكره بيان لوزارة الخارجية المغربية.
جاء في البلاغ ذاته أن المملكة المغربية “أخذت علماً بالقرار الأحادي الذي اتخذته السلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب اعتباراً من اليوم”.
كما شدّد على رفض المغرب “القاطع” لما اعتبرها “الذرائع المغلوطة، وحتى العبثية، الكامنة وراءه”، معبراً كذلك عن أسفه من تأثير “حملة التصعيد على الشعب الجزائري”.
في آخر البيان، قالت الرباط إنها “ستظل من جهتها شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وستُواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة ومثمرة”.
ومنذ عقود تشهد العلاقات بين البلدين انسداداً، على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، المدعومة من الجزائر، وآخر أزمة كانت تصريح مبعوث المغرب إلى الأمم المتحدة عمر هلال، والذي أعلن دعم بلاده للحركة الانفصالية في الجزائر.