اجتماع لوزراء خارجية الجوار الليبي بالجزائر: مغادرة المرتزقة وتنظيم الانتخابات اكبر التحديات
انطلقت في العاصمة الجزائر، الإثنين 30 اوت 2021، أعمال اجتماع وزاري شاركت فيه دول الجوار الليبي، في إطار الجهود الدولية المبذولة لدعم خارطة الطريق الانتقالية، تمهيداً لتنظيم الانتخابات العامة القادمة في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل، وسط مخاوف من تأجيلها إثر خلافات جديدة بين الفرقاء الليبيين.
وشارك في الاجتماع وزراء خارجية ليبيا، ومصر، والسودان، والنيجر، وتشاد، والكونغو، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، ومفوِّض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية بانكولي أديوي، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش.
تأكيداً على سحب المرتزقة
وافتتح وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، الاجتماع قائلاً: “إن ثمة قوى أجنبية تسعى لاستعمال ليبيا لإعادة رسم التوازنات”، داعياً إلى “سحب المقاتلين المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا في أقرب وقت، وتطبيق نتائج وتوصيات مؤتمرَي برلين الأول والثاني بشأن حل الأزمة في ليبيا”.
كما أعرب لعمامرة عن أمل بلاده في تمكن المجتمعين من صياغة مقترحات عملية لتحقيق تسوية نهائية للأزمة التي طال أمدها.
فيما أكدت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، في كلمتها، أن “المسار الأمني هو التحدي الأكبر حالياً، ويشمل سحب المرتزقة ودمج المجموعات المسلحة وتوحيد المؤسسة العسكرية” الليبية.
وقالت إن حكومتها لا تزال تقوم بـ”عمل دؤوب لاستكمال مراحل توحيد المؤسسات الليبية”، مشيرة إلى أن “أكثر ما ينهك الدول التي تشهد أزمات هو التدخلات الهدامة من طرف دول أخرى”، على حد تعبيرها.
ودعت المنقوش، التي اعتبرت أن التدخلات الخارجية في الشأن الليبي “تناقض الأعراف الدولية”، إلى ضرورة “انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية”، لأن استمرار وجودهم هو “تهديد” لبلادها ودول الجوار.
وشددت المنقوش على أن حكومتها “لن تدخر جهداً في سبيل التعايش الإقليمي العالمي”.
فيما دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، يان كوبيش، من جهته، مجلس النواب الليبي إلى الإسراع بإقرار القاعدة الدستورية في الأيام القادمة بغية إجراء الانتخابات المرتقبة التي تنتظرها البلاد.
ولفت كوبيش إلى أن مجلس النواب الليبي يقوم باستكمال القوانين الانتخابية، مشيراً إلى أن “الوقت أصبح ضيقاً” بشأن هذا الأمر.
بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية، فقد تمحورت المباحثات حول اجتماع دول جوار ليبيا حول تعزيز الجهود الرامية إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار، والتمهيد لتنظيم انتخابات شفافة في وقتها المحدد.
ويأتي الاجتماع تأكيداً لأهمية دور دول جوار ليبيا، والاتحاد الإفريقي في إرساء دعائم السلام بليبيا وتكثيف التنسيق مع الدول الفاعلة للوصول إلى تفاهمات تُبعد ليبيا عن مأزق عدم إجراء الانتخابات في موعدها.
يعد هذا الاجتماع الثاني من نوعه بعد الاجتماع الذي احتضنته الجزائر، حيث كان الأول في جانفي 2020 وشارك فيه 7 وزراء خارجية من دول الجوار الليبي.
معالم أزمة داخلية
يأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي رفض فيه رئيس الوزراء الليبي، الجمعة، تهديدات برلمان طبرق بسحب الثقة من حكومة الوحدة التي يقودها، قائلاً في كلمة ألقاها إنِّ فشل البرلمان في إقرار ميزانيته أعاق عمل الدولة.
إذ قال عبدالحميد الدبيبة، الذي تولى منصبه في مارس/ 2021، إن أسباب مجلس النواب في شرق البلاد لعدم الموافقة على مقترحاته المتكررة للميزانية “غير حقيقية وواهية”، وألقى باللوم على المجلس في عرقلة الانتخابات المقررة في ديسمبر2021.
في حين ظهر الخلاف على الميزانية كعنصر أساسي في الخلاف المتزايد بين الفصائل السياسية المتنافسة، مما قوّض العملية التي تدعمها الأمم المتحدة والتي كان يُنظر إليها على أنها أفضل فرصة لتحقيق السلام منذ سنوات.
من جانبه، طالب رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، هذا الأسبوع، بمثول الدبيبة أمام المجلس المنتخب عام 2014؛ لاستجوابه بشأن أداء حكومته أو مواجهة تصويت بحجب الثقة.
في ظل حالة الجمود السياسي المتفاقمة، يخشى العديد من الليبيين من أن تفقد العملية، التي نجحت في تشكيل حكومة موحدة لأول مرة منذ سنوات، زخمها.
من ناحية أخرى، قد يؤدي الإخفاق في إجراء الانتخابات أو أن تكون النتيجة متنازعاً عليها إلى إنهاء العملية السياسية وتفجير الصراع الذي دمر مساحات شاسعة من المدن الليبية وجذب قوى خارجية كبرى وجعل للمرتزقة الأجانب موطئ قدم على طول الخطوط الأمامية.
كذلك فقد قال الدبيبة: “مشكلة الانتخابات ليست لوجيستية؛ بل هي مشكلة تشريعية بحتة. نحن قدمنا برنامجاً لتسهيل وتنفيذ العملية الانتخابية”.