بعد نحو شهر من إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب قررت الجزائر أن تغلق “فورا” مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وفق ما أعلنت الرئاسة. فما تأثير ذلك على الخطوط الملكية المغربية؟
قرر المجلس الأعلى للأمن بالجزائر اليوم الأربعاء (22 سبتمبر 2021) الإغلاق الفوري للمجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وفق ما أعلنت الرئاسة.
واتخذ القرار اثر اجتماع للمجلس برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون خصص “لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي”، وفق البيان.
ومن جانبه، ذكر مصدر بشركة الخطوط الملكية المغربية أن إغلاق الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية اعتبارا من اليوم الأربعاء لن يؤثر إلا على 15 رحلة أسبوعيا إلى تونس وتركيا ومصر.
ووصف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أثر ذلك على الشركة بأنه غير كبير وقال إن الرحلات المعنية قد تغير مسارها لتمر فوق البحر المتوسط.
يذكر أن الجزائر أعلنت في 24 اوت الفائت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب متهمة إياه بممارسة “أعمال عدائية، حسب وصف وزير خارجية الجزائر.
ويومها اتّهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة المغرب بأنه “لم يتوقف يوماً عن القيام بأعمال غير ودّية وأعمال عدائية ودنيئة ضدّ بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر” في 1962.
والحدود الجوية الجزائرية مغلقة منذ 17 مارس بسبب جائحة كوفيد-19، وقد أعيد فتحها جزئياً في 1 جوان أمام سبعة بلدان فقط ليس المغرب أحدها.
وبحسب مصدر مقرّب من شركة الخطوط الجوية الجزائرية، فإنّ الرحلات التجارية المباشرة بين الجزائر والمغرب متوقفة منذ ذلك التاريخ.
وقال المصدر إنّ “الرحلات الجوية بين البلدين لم تستأنف، والجزائريون الراغبون بالسفر إلى المغرب يسافرون عن طريق تونس”.
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصاً على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” التي تطالب باستقلال الإقليم.
والعام الماضي تعمّق الخلاف بين البلدين بعد اعتراف الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترامب بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء الغربية مقابل تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل.
والرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80% من أراضي الصحراء الغربية تقترح منح هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة حكماً ذاتياً تحت سيادتها. أما جبهة بوليساريو فتطالب، مدعومة من الجزائر، بإجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتّحدة التي أقرّت هذا الحلّ عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المتحاربين في سبتمبر 1991.
والنزاع في الصحراء الغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود بسبب دعم الجزائر للبوليساريو.
وكان المغرب قطع علاقاته مع الجزائر في 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية. ولم تُستأنف العلاقات إلا في 1988 بعد وساطة سعودية.
وأغلقت الحدود البرية رسمياً بين البلدين في 16 اوت 1994.
وسبق للملك المغربي محمد السادس أن دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون في خطاب في نهايةجويلية إلى “تغليب منطق الحكمة” و”العمل سوياً، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك”، مجدّداً أيضا الدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994.
كما تتّهم الجزائر كلاً من المغرب وإسرائيل بدعم منظّمتين صنّفتهما إرهابيتين هما “حركة تقرير مصير منطقة القبائل” الانفصالية (ماك) ومقرّها في باريس والحركة الإسلامية “رشاد” ومقرّها في لندن. واتّهمت الجزائر “ماك” بإشعال الحرائق الضخمة التي اندلعت في منطقة القبائل (شمال شرق) وأسفرت عن 90 قتيلاً.
وفي بادرة تهدئة، بعث العاهل المغربي السبت “برقية تعزية ومواساة” إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إثر وفاة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة.