أول تعليق من الغنوشي على استقالات “النهضة”
باب الصلح مفتوح ومتمسك برئاسته للبرلمان
قال راشد الغنوشي، رئيس حركة “النهضة” التونسية، الثلاثاء 28 سبتمبر 2021، إن الاستقالات من حركته تؤثر عليها وتدفعها إلى تطوير مؤسساتها، مشدداً على أن “باب الصلح مفتوح دائماً”، ومعرباً في الوقت ذاته عن تمسكه برئاسة البرلمان.
كان 131 عضواً في “النهضة” بينهم قيادات بالرزة : عبد اللطيف المكي وسمير ديلو وجميلة كسيكسي … قد أعلنوا، منذ السبت 25 سبتمبر2021، استقالتهم منها؛ بسبب ما قالوا إنه “تعطّل الديمقراطية الداخلية للحركة والمركزية المفرطة داخلها، وانفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها”، وتحملها جانباً من المسؤولية عن الوضع الراهن في البلاد، وفق بيان الاستقالة.
تعقيباً على ذلك قال الغنوشي، في حوار نشره موقع “الجزيرة نت”: “آسف شديد الأسف لهذه الاستقالات التي لا شك أنها تؤثر على الحركة وعلى تماسكها”.
الغنوشي أضاف: “بجانب أن المستقيلين استثمرت فيهم الحركة لعشرات السنوات، ومناضلون ضمن هياكلها وقيادتها. هؤلاء الإخوة سارعوا إلى إعلان الاستقالة رغم أنه كان بالإمكان الحوار والبحث عن الحلول الوسطى في أفق المؤتمر المقبل قبل نهاية هذه السنة، ولكن لكل تقديره”.
فيما رأى أن تلك الاستقالات “تدفعنا إلى تطوير مؤسساتنا لتكون فضاءات حوار وإدماج لكل التوجهات الموجودة داخل الحركة، وباب الصلح مفتوح دائماً”.
كما شدد الغنوشي على أن حركته (صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائباً من 217) “ستتفاعل بمسؤولية مع كل الأنشطة والفعاليات الهادفة إلى حماية التجربة الدّيمقراطية وإيقاف التدهور، بالشراكة مع أوسع طيف وطني”.
رئاسة البرلمان التونسي
في غضون ذلك، قال الغنوشي إن رئاسته للبرلمان “صفة متمسك بها، وجاءت نتيجة لاقتراع بالبرلمان الذي انتخب الشّعب نوابه فيه، وهم فقط (النّواب) من بإمكانهم أن ينزعوا عني هذه الصفة”، مضيفاً: “يوم تقدمت إلى هذا المنصب كان هدفي منكباً على بناء توافق وطني واسع وعدم ترك هذه المؤسسة تسقط في المغالبة أو المغامرة”.
لكنه استدرك: “بعض الأطراف المؤدلجة والفاقدة لأي برنامج ولأي مشروع اجتماعي واقتصادي لتونس كان همها الغنوشي والنهضة وترذيل البرلمان والإساءة إليه في الداخل والخارج، خدمةً لأجندة الثورة المضادة والانقلاب على المسار الدّيمقراطي”.
فيما اعتبر أنه خلال فترة ترؤسه “حقق البرلمان عدة إصلاحات قانونية وسنّ مشاريع لفائدة التونسيين.. ولكنه أخفق في قضايا أخرى لم تحظَ بالتوافق المطلوب بسبب الحسابات الضيقة للبعض”.
كان بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس قد تداولوا مؤخراً أنباء عن تفويض الغنوشي صلاحياته، بصفته رئيساً للبرلمان، لنائبته الأولى سميرة الشواشي، وهي من حزب “قلب تونس” (28 نائباً).
إجراءات قيس سعيد
على صعيد الأزمة السياسية، أكد الغنوشي أن “الأستاذ قيس سعيد، منذ إعلانه الإجراءات الاستثنائية (في 25 جويلية الماضي)، صرّح أنه سيحترم الإجراءات الدّستورية، ولكنه أخلّ بها لاحقاً”.
تابع رئيس حركة النهضة: “أعلن أن تعليق البرلمان سيكون لمدة شهر، ولكنه قام بتعليقه لاحقاً إلى أجل غير مسمى، وهو إجراء غير دستوري ويمسّ مؤسسة سيادية تم انتخابها بنفس شروط انتخاب رئاسة الدّولة ولها نفس الشّرعية”.
في حين دعا الغنوشي رئيس البلاد إلى “التراجع عن هذا الإجراء غير الدّستوري وكل الإجراءات الاستثنائية، التي مثلت انقلاباً على الدّستور وإرادة الشّعب، وفتح باب الحوار والتّشاركية”.
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أعلنت 4 أحزاب تونسية تشكيل تنسيقية رافضة لـ”التدابير الاستثنائية” التي اتخذها قيس سعيد، محذرة من احتمال الانزلاق إلى فوضى وحرب أهلية وانهيار الدولة، ومطالبة الرئيس بالرجوع إلى الشرعية وتصحيح المسار السياسي.
الإعلان جاء خلال مؤتمر صحفي في تونس العاصمة نظمته أحزاب “التيار الديمقراطي” (اجتماعي ديمقراطي/22 نائباً من أصل 217)، و”آفاق تونس” (ليبرالي/ نائبان)، و”الجمهوري” (وسط/بلا نواب)، و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” (اجتماعي ديمقراطي/بلا نواب).
فيما تعتزم التنسيقية الجديدة اتخاذ تحركات سياسية وميدانية، من أجل تحقيق أهدافها.
كان سعيّد قد تجاهل مؤخراً جانباً كبيراً من أحكام الدستور الصادر في 2014، حيث قرر إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم رئاسية، وذلك بعد شهرين من قيامه بعزل رئيس الوزراء، وتعليق عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النّواب، وتولي مهام السلطة التنفيذية، فضلاً عن توقيفات وإعفاءات لعدد من المسؤولين.
يشار إلى أن عملية الانتقال الديمقراطي في تونس بدأت بعد أن أسقطت ثورة شعبية في 2011 نظام الرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي (1987-2011).
“توسع صلاحيات قيس سعيد”
في حين يقول منتقدون إن قرارات سعيد عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، حيث يرغب في تغيير نظام الحكم إلى رئاسي.
فيما ترفض غالبية الأحزاب قرارات سعيد الاستثنائية، ويعتبرها البعض “انقلاباً على الدستور”، بينما تؤيدها أحزاب أخرى ترى فيها “تصحيحاً للمسار”، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
بينما قال سعيد، في أكثر من مناسبة، إنه لا ينوي إرساء نظام ديكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات، وإنما يهدف إلى إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة التونسية، على حد قوله.
جدير بالذكر أن الاتحاد التونسي للشغل رفض، الجمعة الماضي، العناصر الرئيسية في قرارات الرئيس، وحذّر من مخاطر حصر السلطات في يده، في الوقت الذي اتسع فيه نطاق المعارضة للقرارات.
ووصف أكبر الأحزاب السياسية، وهو حزب النهضة، الخطوات التي أخذها سعيد بأنها “انقلاب على الشرعية الديمقراطية”، داعياً الناس إلى توحيد الصفوف والدفاع عن الديمقراطية بالوسائل السلمية.
كذلك أصدرت أربعة أحزاب أخرى بياناً مشتركاً يدين سعيّد، يوم الأربعاء 22 سبتمبر الجاري، وندد به حزب آخر هو حزب قلب تونس. الذي يقبع رئيسه في السجن في الجزائر بسبب دخوله البلاد بشكل غير قانوني وهي قصة يلفها غموض كبير