إخوان تركيا يطيحون بإخوان بريطانيا
تجاوزت حدة الأزمة داخل تنظيم الإخوان، مرحلة الانقسام والخلافات بين قياداته إلى حافة الانهيار وسط الحرب الدائرة بين أجنحة التنظيم.
واشتعلت الحرب بين جبهة التنظيم في تركيا بقيادة الأمين العام السابق محمود حسين، مقابل الجبهة الأخرى بقيادة إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان والقائم بأعماله، المقيم في لندن.
وشهد تنظيم الإخوان الإرهابي تطورات متسارعة وحرب بيانات دائرة بين جبهة حسين من جهة، وجبهة منير من جهة أخرى، من أجل السلطة، والسيطرة على التنظيم.
ووصلت الأزمة حدتها، الأربعاء، بإصدار مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم بيانا باسم مجلس شورى الجماعة بإعفاء إبراهيم منير من مهامه كنائب للمرشد العام، بعد ساعات قليلة من إعلان الأخير بطلان جميع قرارات “حسين ومجموعته”.
وأصدر مجلس الشورى العام للإخوان، بيانا، جاء فيه أنه “في اجتماع المجلس الذي عقد في أكتوبر 2021، بانعقاد صحيح في موعده المقرر منه في الجلسة السابقة، وبنصاب قانوني صحيح شارك فيه أكثر من 75% من الأعضاء، وافق المجلس بأغلبية المشاركين على إعفاء إبراهيم منير، من مهامه كنائب للمرشد العام للإخوان وقائم بعمله بجملة 84% من المشاركين”.
وزعم البيان أن “المجلس وهو يتخذ هذه القرارات كان حريصا على احتواء المخالفات بعدم الالتزام باللوائح وتهميش مؤسسات التنظيم وعدم الالتزام بقرارات مجلس الشورى طوال عام كامل باعتباره السلطة العليا في الجماعة ومرجعيتها”.
وأضاف البيان أنه “سبق للمجلس طرح آليات لوقف هذه المخالفات إلا أنه للأسف لم يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه”، على حد قول البيان.
وتابع: “يؤكد مجلس الشورى أنه كان حريصا على اعتبار أن ذلك شأنا داخليا لا يحتاج للإعلان عنه ، ولكن لما حدث من لغط في وسائل الإعلام وتقديراً من المجلس لدور الإعلام في نقل الحقيقة فقد أصدر المجلس هذا البيان”.
وأهاب البيان “بجميع أعضاء التنظيم الالتزام بما في هذا البيان والذي يعبر عن الرأي الرسمي للجماعة”، بحسب قوله.
وحول اجتماع مجلس الشورى العام وتأييده للقرارات التي يقف خلفها فريق القيادات الموقوفة (6 قيادات)، نقل أحد المواقع التابعة لتنظيم الإخوان عن مصدر مسؤول بالجماعة نفيه لصحة هذا الأمر.
وقال المصدر إنه: “لقد حاول حسين عزل منير مرتين في السابق، لكنه فشل في ذلك، إلا أنه لجأ مؤخرا إلى نسب هذه الخطوة إلى مجلس الشورى العام على غير الحقيقة”، بحسب قوله.
وأشار المصدر المسؤول إلى أن “الرابطة (مكتب إخوان تركيا) تجاوزت كل المهام المناطة بها، واعتبرت أن كل أعضاء الجماعة في الخارج تابعين لها، وذلك في محاولة للسيطرة على الجماعة واعتبار هيكلها هو الجهة العليا في الجماعة، وأن القائم بأعمال المرشد تابع لها باعتباره موجودا بالخارج”.
وجاء بيان مجلس الشورى الإخواني السابق، بعد ساعات من إعلان إبراهيم منير، في بيان داخلي، عن بطلان الإجراءات التي بدأت باتخاذها بحقه، مجموعة القيادات الموقوفة، مؤكدا أن “كل الذين ساهموا في تلك الإجراءات أخرجوا أنفسهم من الجماعة”.
واتهم منير عددا من القيادات التاريخية للتنظيم، في مقدمتهم أمينه العام السابق محمود حسين، بـ”الخروج على التنظيم والتمرد على قيادته الشرعية”.
ولم يكتف إبراهيم منير في وقت سابق بإيقاف 6 قيادات بل أحالهم للتحقيق، على خلفية “مخالفات إدارية وتنظيمية”.
وقالت مواقع تابعة للإخوان، منذ يومين، إن نائب المرشد العام اتخذ قرار الإيقاف استنادا لما وُصف بـ”مخالفتهم للائحة الجماعة الداخلية”.
وشملت لائحة القيادات الموقوفين: الأمين العام السابق للجماعة وعضو مكتب الإرشاد محمود حسين، ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبدالوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وعضو مجلس الشورى العام مدحت الحداد، وعضو مجلس الشورى العام ممدوح مبروك، وعضو مجلس الشورى العام رجب البنا.
وفي وقت سابق، اتهمت جبهة منير معسكر حسين بالتورط في مخالفات مالية وإدارية في مكتب الجماعة، وتسجيلها لعقارات وممتلكات وأموال خاصة بالجماعة بأسمائهم وأسماء أبنائهم، فضلاً عن وجود اعتراضات كثيرة داخل الإخوان على أداء المجموعة وتوجهاتها.
وكان القائم بأعمال المرشد العام للجماعة قد أعلن رسميا في يوليو/تموز الماضي قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا.
وشمل قرار الحل مجلس الشورى بالبلد المذكور، كما قرر تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المزمع إجراؤها خلال أسابيع لاختيار أعضاء مجلس الشورى العام، لمدة 6 أشهر.
تناحر يقود لانشقاقات
وفي تعليقه، قال الباحث المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي عمرو فاروق في حديث لـ”العين الإخبارية” إن “القرارات الأخيرة تكشف بوضوح محاولة مجموعة محمود حسين عرقلة شرعية منير وإزاحته من المشهد”.
وأضاف فاروق أن “المشهد الحالي يحمل حالة من الارتباك الكبير داخل التنظيم، وسيؤدي الصراع بين الجبهتين إلى إحداث انشقاق كبير داخل القواعد التنظيمية، وخروج شباب الإخوان من التنظيم”.
ونبه إلى أن “عدد أعضاء مجلس الشورى 118 عضوا، ولم يتبق منه سوى 28 عضوا فقط، في حين القرار جاء بنسبة 88% من المشاركين بإعفاء منير”.
ورأى فاروق أن “الصراع على السلطة داخل التنظيم سيحسم للأقوى”، قائلا : “منير لازال الأقوى بتأييد من التنظيم الدولي، ومن إخوان السجون، علاوة على أنه يسيطر فعليا على المؤسسات التابعة للتنظيم وجميع المؤسسات خارج إطار تركيا”.
وتوقع فاروق أن يرد “منير” على بيان عزله ببيان موقع منه ومن قيادات في التنظيم الدولي تدحض بيان مجلس شورى الجماعة، وتمنحه شرعية الاستمرار في منصبه.