البرهان يقيل النائب العام
أعلن التلفزيون الرسمي السوداني، الأحد، أن قائد الجيش، الفريق أول، عبد الفتاح البرهان أقال النائب العام، مبارك محمود، من منصبه، في استمرار للإجراءات التي بدأها في الخامس والعشرين من أكتوبر الجاري.
وكانت وزارة الثقافة والإعلام السودانية، التي اعتقل الجيش وزيرها، حمزة بلول، قد طالبت في بيان سابق “النائب العام، فتح تحقيق فوري، عن الانتهاكات التي أبلغ عنها المواطنون، والاعتداءات التي حدثت لعدد من الطلاب والطالبات بمقار سكنهم الجامعي”.
ونقلت وكالة رويترز، عن مصدر من عائلة إبراهيم غندور، رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا في السودان ووزير الخارجية السابق في عهد الرئيس المخلوع، عمر البشير، أن السلطات أفرجت عن غندور من السجن.
ومنذ الاثنين الماضي، اعتقل الجيش العديد من المسؤولين والنشطاء، كما أعفى العديد من الدبلوماسيين الذين عارضوا إجراءات الاستيلاء العسكري على السلطة”.
وأعلن البرهان، حل مجلس السيادة الانتقالي الذي كان يتكون من المدنيين والعسكريين وتم تشكيله في 2019 بعد ثورة ضد نظام البشير استمرت عدة أشهر، كما أعلن حل الحكومة المدنية والنقابات والتجمعات المهنية.
وأدت الخطوة إلى موجة إدانات الدولية ومطالبات بالعودة إلى الحكم المدني، وسط تحذيرات للسلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.
كشف مسؤول عسكري سودان، الأحد، أن رئيس الوزراء المقال، عبد الله حمدوك، لايزال المرشح الرئيسي لرئاسة حكومة جديدة، وأنه طلب من القادة العسكريين الذين يحكمون البلاد بعض المطالب، فيما تصر القوى المدنية في الشارع على الاستمرار في الاحتجاجات، وسط غموض حول مستقبل الأزمة التي تحاول أطارف داخلية وخارجية حلحلتها.
وكانت احتجاجات السبت هي الأكبر حتى الآن بعد نحو أسبوع على سيطرة قادة الجيش على السلطة، وقد نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية و”إسقاط حكم العسكر”.
وقتل في الاحتجاجات ثلاثة متظاهرين على الأقل وأصيب 100 بجروح، ما يرفع حصيلة الاحتجاجات إلى 12 قتيلا ونحو 300 جريح، وفق لجنة الأطباء المركزية السودانية.
والأحد، أغلق متظاهرون الطرقات في العاصمة الخرطوم، وفق وكالة فرانس برس. ولا تزال العديد من الشركات والمتاجر مغلقة في الخرطوم ومدينتها التوأم أم درمان، استجابة لدعوات من حركة الاحتجاج للإضرابات والعصيان المدني.
وأعادت السلطات فتح العديد من الطرق والجسور التي تربط أحياء الخرطوم على ضفاف نهر النيل، بينما ظل البعض الآخر محاصرا بحواجز مؤقتة أقامها المتظاهرون خلال الليل.
وأدت الخطوة التي قام بها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ضد شركائه المدنيين في السلطة، يوم 25 أكتوبر الماضي، إلى موجة إدانات دولية ومطالبات بالعودة إلى الحكم المدني، وسط تحذيرات للسلطات العسكرية من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.
وتغير المشهد تماما في السودان بعد سنتين من حكم انتقالي هش، وبدأ سودانيون “عصيانا مدنيا” وأقاموا متاريس في الشوارع لشل الحركة في البلاد، ما دفع قوات الأمن إلى استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ضدهم.
وبحث ممثل الأمم المتحدة الخاص بالسودان، فولكر بيريتس، مع حمدوك خيارات الوساطة وسبل المضي قدما في السودان، وقال بيريتس إن حمدوك “بصحة جيدة لكنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته”.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، القادة العسكريين في السودان على “العودة إلى الترتيبات الدستورية الشرعية”، وقال إن الجنرالات يجب أن “ينتبهوا” لاحتجاجات السبت.
والخميس، طالب مجلس الأمن الدول بإجماع أعضائه، بـ”عودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون”، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن: “رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون”. وجمدت الولايات المتحدة والبنك الدولي مساعداتهما للسودان.
وفي مقابلة هاتفية، السبت، مع فرانس برس، أكدت وزيرة خارجية السودان المقالة، مريم الصادق المهدي، أنه لا أساس من الصحة لما هو متداول عن إمكانية تعاون جديد بين حمدوك والبرهان.
وأكدت المهدي أنه “بكل انضباط وطني نقول إن إبطال هذه الإجراءات (التي اتخذها البرهان) والعودة إلى الوثيقة الدستورية وإطلاق المعتقلين السياسيين الحل الوحيد المتاح”. وقالت “الدكتور حمدوك رجل وطني، مثقف، سياسي، ولن يكون جزءا من المهزلة والخيانة التي قام بها الانقلابيون”.
“مطالب” حمدوك
وأبلغ مسؤول عسكري وكالة أسوشيتد برس أن لجنة سودانية تجري جهودا دبلوماسية لحل الأزمة تدعمها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنها بدأت اجتماعات منفصلة الأسبوع الماضي مع حمدوك والبرهان.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن حمدوك لا يزال المرشح الرئيسي لرئاسة الحكومة لكن إذا لم يقبل بتولي رئاسة الحكومة، يمكن لشخصيات سودانية أخرى أن تفعل ذلك.
وقال المسؤول، الذي يشارك في هذه المفاوضات، إن رئيس الوزراء المقال أصر على إطلاق سراح جميع المسؤولين الحكوميين والقادة السياسيين المعتقلين منذ استحواذ قادة الجيش على السلطة، قبل الانخراط في “محادثات هادفة” لتشكيل حكومة جديدة. وطالب حمدوك أيضا بالعودة إلى النظام الدستوري الذي يحدد موعدا نهائيا لتسليم القيادة الكاملة للبلاد للمدنيين.
وقد أعطى البرهان موافقة مبدئية للإفراج عن غالبية المسؤولين المحتجزين، وفق المسؤول، لكنه قال إن القليل منهم يجب أن يظلوا رهن الاحتجاز بسبب قيامهم بدور في محاولة انقلاب فاشلة في سبتمبر.
وكان البرهان أعلن نيته تعيين حكومة تكنوقراط جديدة قريبا، تهدف إلى إجراء انتخابات في جويلية 2023، لكن الحركة المؤيدة للديمقراطية تخشى ألا يخفف الجيش قبضته على السلطة وأن يعين شخصيات يستطيع التحكم فيها.
ومن المرجح أن يرفض المتظاهرون المؤيديون للديمقراطية تعيين رئيس وزراء آخر غير حمدوك، وفق الوكالة.
خروج “صعب” من الأزمة
وقال إريك ريفز ، الخبير في شؤون السودان في كلية سميث للوكالة، إن المواجهة بين الجيش وقادة الاحتجاج من المرجح أن تستمر، بالنظر إلى أن المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية “يرون في الاستيلاء على السلطة انتزاعا صريحا للسلطة”. وقال: “لا يوجد لدى أي من الجانبين، سواء كان مدنيا أو عسكريا، طريقة سهلة للخروج من الأزمة أو النزول منها”.
ويقول البرهان إن الخطوات الأخيرة كانت ضرورية لمنع اندلاع حرب أهلية، بالنظر إلى حدوث انقسامات متزايدة بين الجماعات السياسية.
وأكد عمار حمودة، القيادي في “قوى الحرية والتغيير” المقيم في لندن في تصريح لموقع “الحرة” أن التظاهرات والاعتصامات سوف تستمر حتى تحقيق مطلب الحكومة المدنية، معتبرا أن حكومة “حمدوك” هي الحكومة الشرعية وهي حكومة الثورة”.
وأشار إلى أنه يتم الاعداد لخطوات تصعيدية على الأرض “وتحديد جدول زمني سيتم الإعلان عنه قريبا” في حال لم يستجب الجنرالات للمطالب.
ويرى حمودة أن “تسليم السلطة إلى الشعب السوداني الذي خرج ضد الانقلاب يحتاج إلى أجواء جديدة من بناء الثقة والحرية”، ورفض أن تتصدر المشهد الشخصيات التي “قادت الانقلاب”.
ويصر “تجمع المهنيين السودانيين” على إقالة المجلس العسكري بقيادة البرهان ومحاسبة المسؤولين عن الأحداث الأخيرة. وقدم التجمع مقترحات للمرحلة المقبلة في مقدمتها “إسقاط المجلس العسكري الانقلابي وتقديم أعضائه لمحاكمات عاجلة وعادلة على كل جرائمهم بحق الشعب السوداني”.
وقال محمد يوسف المصطفى المتحدث باسم التجمع “نحتاج إلى حكومة مدنية كاملة بعد خبرتنا التي استمرت عامين مع الجنرالات”.
وتوقع الباحث السياسي، الرشيد إبراهيم، في تصريح لموقع “الحرة” ألا تؤدي الوساطات المحلية والدولية إلى نتائج، مشيرا إلى أن خطوات العسكريين تأتي في إطار التكتيكات، متوقعا أن يفرض المجلس العسكري واقعا جديدا في غضون الأيام المقبلة.
وتوقع في هذا الإطار “تعيين حكومة مدنية تحظى بقبول كبير، واختيار أعضاء في مجلس السيادة من كل ولاية وبالتالي يتخذ صفة القومية ويلقى قبولا داخليا”.
وتوقع أيضا تنفيذ بعض النقاط الواردة في الوثيقة الدستورية في غضون هذا الأسبوع، مثل تعيين رئيس القضاء ورئيس المحكمة الدستورية وتعيين النائب العام، وهو “ما يعزز مصداقية قادة الجيش”.
وأشار إلى أن حل الحكومة كان ضمن مطالب أهل الشرق، وهو ما يؤدي إلى إرساء السلام هناك، وقد ينعكس إيجابيا على أداء الحكومة التي ستعين خاصة فيما يتعلق بمعيشة المواطنين، والدفع باتجاه التهدئة في الشارع.
ويرى أن هذه الإجراءات “لو تم التعامل معها بإيقاع سريع، ستغلب موازين القوى داخليا وخارجيا”.
وتوقع خروج مؤيدين لهذه القرارات على مستوى العاصمة والأقاليم قريبا، مشيرا إلى أن التهدئة بدأت بالفعل وبدأت الأمور تعود لطبيعتها تدريجيا.
بحث ممثل الأمم المتحدة الخاص بالسودان فولكر بيريتس مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خيارات الوساطة وسبل المضي قدما في السودان.
وقال بيريتس في تغريدة إن حمدوك “بصحة جيدة لكنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته”.
ولا يزال العدد الأكبر من القادة المدنيّين معتقلين منذ 6 أيّام أو قيد الإقامة الجبريّة.
وكانت قوات عسكرية أوقفتهم فجر الاثنين واقتحمت كذلك مقرّ التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعد ساعات حلّ كلّ المؤسّسات السياسيّة للمرحلة الانتقاليّة في البلد الذي يعدّ واحداً من الأفقر في العالم.
وقتل ثلاثة متظاهرين السبت في الخرطوم حيث اجتاح عشرات الآلاف من السودانيين الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية وبـ”اسقاط حكم العسكر” بعد ستة أيام من الاستيلاء العسكري على السلطة.
وجمدت الولايات المتحدة والبنك الدولي المساعدات للسودان حيث شهدت أزمة اقتصادية نقصا في السلع الأساسية بما في ذلك الغذاء والدواء وحيث يحتاج ما يقرب من ثلث السكان إلى دعم إنساني عاجل.
وبينما نددت دول غربية بالانقلاب، شددت السعودية والإمارات ومصر، حلفاء السودان في المنطقة، على الحاجة إلى الاستقرار والأمن.
ويقول البرهان إنه أقال الحكومة لتفادي نشوب حرب أهلية بعد أن أجج سياسيون مدنيون العداء للقوات المسلحة.
ويؤكد أنه لا يزال ملتزما بالانتقال الديمقراطي بما في ذلك إجراء انتخابات فيجوان جويلية 2023.