الرئيسيةمهرجان القاهرة السينمائى الدولى

ظافر العابدين ولطفي عاشور:أفلام رفضتها أيام قرطاج السينمائية فأضاءت مهرجان القاهرة السينمائي

التهمة هي الدفاع عن الخوانجية؟

 

تاريخيا لم يكن مهرجان القاهرة السينمائي الذي يبلغ هذا العام دورته الثالثة والأربعين، منصة مفضلة للسينما التونسية، وكثيرا ما عاب السينمائيون التونسيون كما النقاد على صناع السينما في مصر انهم يعمدون الى غلق كل الأبواب وحتى النوافذ امام أي فيلم تونسي

وحتى الأفلام التي عمل فيها ممثلون مصريون الى جانب زملائهم التونسيين   بل وتمت دبلجتها الى اللهجة المصرية مثل شيشخان لمحمود بن محمود  فانها لم تحظ سوى بفرص عرض قليلة في صالات القاهرة

ولكن رياح التغيير  هبت على مهرجان القاهرة منذ تولى ادارته الناقد الكبير سمير فريد  عام 2014 وهي دورة اعادت مهرجان القاهرة الى المدار الاحترافي فقد قطع فريد مع الفوضى التنظيبمية والارتجال ، كما شرع أبواب المهرجان امام كل السينماءات الجادة مهما كانت جنسيتها ، ولكن هذه الثورة تعطلت بمغادرة سمير فريد لدفة قيادة لمهرجان القاهرة السينمائي وكان لزاما ان ننتظر قدوم محمد حفظي رئيسا للمهرجان لنرى ما كان اقرب الى الحلم، فيلم تونسي في المسابقة الدولية “غدوة” لظافر العابدين  وفيلمان في مسابقة افاق السينما العربية  “أطياف” لمهدي الهميلي ” وقدحة”  لانيس الأسود  ويشارك لطفي عاشور في مسابقة الأفلام القصيرة بفيلم “نقطة عمياء” وفي البانوراما الدولية مجنون فرح لليلى بوزيد

ويشارك إبراهيم لطيف في لجنة تحكيم مسابقة أسبوع النقاد الدولية

*الخميس2ديسمبر، وفتح جراحات الماضي؟

اخترت ان احضر النصف الثاني من مهرجان القاهرة الذي يستضيف الصحافيين لمدة 6 ليال ولكن لمن أراد حضور المهرجان من اوله الى اخره فهناك الف طريقة للتحيل على  ضوابط  إدارة المهرجان،(باش عرب احنا؟) كنت ارغب بشدة في مشاهدة فيلم ظافر العابدين”غدوة” الذي رفضته أيام قرطاج السينمائية وفيلم لطفي عاشور القصير “نقطة عمياء” الذي لقي الصد أيضا من أيام قرطاج السينمائية اب المهرجانات العربية والافريقية ونصير الحريات والتنوع

كان من المفروض ان نحضر العرض الأول لفيلم لطفي عاشور ضمن باقة الأفلام القصيرة 4 يوم وصولنا الأربعاء 1ديسمبر ، ولكن تأخر مغادرتنا لمطار القاهرة الدولي  بسبب إجراءات المرافقة الأمنية فضلا عن طول الطريق وازدحامها حكم على المخرج نفسه بالتخلف عن تقديم فيلمه

لم يكن امامي من خيار سوى حضور عرض اليوم الخميس صباحا في المسرح الصغير بدار الاوبرا بعد ان وجدت حلا في معضلة نفاد تذاكر فيلم ظافر العابدين”غدوة” لليوم الخميس قبل 24 ساعة ، فقد شاءت الظروف ان نلتقي صدفة في بهو الفندق بظافر العابدين الذي جاء من تركيا حيث يصور، وكانت المنتجة درة بوشوشة هي من تطوع لتنسيق حضور التونسيين من ممثلين وصحافيين وتقنيين في العرض الأول لغدوة

لم يكن عرض فيلم لطفي عاشور وفيلم ظافر العابدين في اليوم نفسه يعني أي شيء، في البداية على الأقل، ولكن المشاهدة كشفت ان الهواجس الإنسانية لا ترتهن لحدود المكان والزمان ، فظافر ولطفي كلاهما يعيش في بلد أوروبي بعيدا عن مشاغل التونسيين اليومية ولكن فيلميهما ابرزا  ان البعيد جغرافيا قادر على ان يعالج من قريب ما يستعصي على المرابطين بيننا او كثير منهم ، فالقرب يعمي أحيانا ويجعلنا لا نتفطن لمواطن الخلل

عاد لطفي عاشور كما ظافر العابدين الى صندوق التذكارات ، ليحركا السكين في جرح لم يندمل بعد رغم هرولة كثيرين الى لملته ، وهو ملف انتهاكات حقوق الانسان في دولة الاستقلال

فخلافا لما امله التونسيون ، هربت هيئة الحقيقة والكرامة بالقطعية كما يقال، وادارت الملف بما يتلاءم واهواء رئيسة الهيئة سهام بن سدرين، التي استعدت الجميع  وبات الحديث عن هيئتها اشبه بالكفر وهي تتحمل قسطا وافرا من المسؤولية في ما ال اليه ملف العدالة الانتقالية

عاد لطفي عاشور بحساسية سينمائية مرهفة اعتمدت تقنيات “بدائية” اقرب الى خيال الظل في عالم ابيض واسود جل زمن الفيلم،  ولطفي ابن شرعي للمسرح وله باع وذراع في عالم الفن الرابع

وما فائدة الوجوه مادام البطل الراوي ميتا ولكن لطفي عاشور احياه ليقص علينا ما عاشه ، عاد لطفي عاشور الى 7 أكتوبر 1991 تاريخ القاء القبض على كمال المطماطي  في مقر عمله  ليتم اقتياده الى منطقة الامن بقابس

كان احد المشتبه بهم في مخطط لتفجير المجمع الكيميائي بقابس، لا يقول الفيلم شيئا عن براءة كمال من عدمها، لم تكن تلك قضيته، قضية لطفي عاشور كيف تتواطا أجهزة الدولة لتقتل مواطنا “غير صالح”  بعبارات هذه الأيام ، وتخفي موته تحت التعذيب طيلة سنوات الى غاية 2009  أي بعد 18 عاما قضتها الام بوجه خاص وهي تبحث عن ابنها ثم تحمل له ملابس نظيفة ووجبة  يفضلها من يديها

كان أعوان السجون يوهمونها بان كمال نزيل عندهم وكانت الام المسكينة تصدق ، وماذا عساها تفعل؟

وبعد مقتله حوكم كمال المطماطي  مدة 6 أعوام من اجل الانخراط في عصابة مفسدين(حركة النهضة)   وبمثلها من اجل اعانة عصابة مفسدين  وعامين من اجل الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها وبمثلها لصناعة متفجرات وعام لمسك سلاح دون رخصة وأربعة اشهر إضافية لحمل السلاح دون رخصة وحتى تكون الاحكام منصفة اقرت أربعة أعوام من المراقبة الإدارية

كانت تلك هي احكام 20 ماي1992 ولان الرواية الرسمية جعلت القتيل يهرب من السجن فقد حوكم كمال المطماطي غيابيا

ترى هل نصدق ما تسرب من كون إدارة أيام قرطاج السينمائية رفضت الفيلم لانه يدافع عن “الخوانجيةّ”؟

ان صح هذا فواجب عرض  من اتخذ القرار على لجنة طبية ويمنع من التحكيم في أي منبر سينمائي حتى لو كان مهرجانا في معصرة زيتون

ولكن الواقع يقول ان الفيلم حجب في بلده ولم يعرض في أيام قرطاج السينمائية

كما رفض فيلم غدوة لظافر العابدين، وهنا قصة أخرى من قصص الإدارة

فالسيد المدير العام للفنون الركحية والبصرية والذي لاصلة له باي فن منها رفض منح رخصة التصوير لظافر العابدين لانه غير متحصل على بطاقة محترف في الإخراج

 

حاولت المنتجة درة بوشوشة بصفتها مشاركة في الإنتاج ان تقنع السيد المدير العام بان ظافر بصدد تحقيق مشروعه الشخصي فهو كاتب الفيلم ومنتجه ومخرجه ولا يريد شيئا من الدولة ولكن السيد المدير العام اختبا وراء النصوص العثمانية ليقول لا لرخصة التصوير التي لم تعد ذات قيمة ، فرخص وزارة الثقافة تسقط بالضربة القاضية في اول اختبار حتى مع عون بلدي وكل جهة تطلب ترخيصا إضافيا لتسمح لك بالتصوير، ثم نسال لماذا لم يعد ياتينا أي فيلم اجنبي؟

لجات درة بوشوشة الى رئاسة الحكومة لتاخذ رخصة التصوير وهاهي تواجه التعطيلات نفسها  مع اليسيد المدير العام نفسه بمناسبة فيلم محمد بن عطية فالسيد المدير العام الحاكم بامره في دولة السينما في وزارة الثقافة،  يريد كل العقود قبل ان يمضي على رخصة التصوير وكانها صك يمكن الفيلم من دخول عالم الخلود

“الحبيب” محام جعل من الدفاع عن ضحايا الانتهاكات قبل 14جانفي قضيته المركزية – او 17ديسمبر بعد ان قرر رئيس الدولة بمفرده ان يجعل من 14 تاريخا لاجهاض الثورة بعد ان اعلنه سلفه عيدا للشباب وللثورة –

ولكن تمضي السنوات ولا يحاكم احد من المنتهكين وحتى وعود “سي علي” وكيل الجمهورية تتبخر ، فالمطلوب حسب رايه وهويخاطب” الحبيب” من داخل سيارته الفارهة، ان ننظر الى المستقبل ونطوي صفحات الماضي

يرفض الحبيب هذا المنطق ويلامس حدود الجنون ولكنه يترك الوصية لابنه ليكمل المسيرة اذ لا مصالحة الا بعد العدالة وكشف الحقيقة

كان المشهد في قاعة الاوبرا المسرح الكبير اقرب الى الحلم، الجمهور واقفا يصفق لفيلم تونسي ناطق باللهجة التونسية، كلمة السر هي دون شك ظافر العابدين الذي انهمرت دموعه خلال الفيلم ، وقال النجم الذي حقق نجاحا لا فقط بوسامته ولكن بالتزامه بقضايا إنسانية ان تجربة شخصية هي التي دفعته الى انجاز هذا الفيلم فشقيقه قضى عمره في خدمة بلده مستقيما مخلصا صادقا وحين داهمه السرطان تركه السيستام ينتظر عاما كاملا ليمكنه من حقه في العلاج وجلب الادوية من الخارج

سال ظافر أي دولة هذه التي تفعل بابنائها ما يفعله العدو بعدوه؟

ومن هنا كان قادح الفيلم ليكون”غدوة” ولا احد يعلم ان كانت الاقدار ستتركنا لنعيش الغد المنتظر او ستعصف بنا تصاريف الحياة

ويبقى السؤال اليس غريبا ان تمتنع أيام قرطاج السينمائية عن برمجة الفيلمين لتناى بنفسها عن تهمة التعاطف مع الإسلاميين ويغامر مهرجان القاهرة بالاحتفاء بهما رغم تصنيف الاخوان المسلمين تنظيما إرهابيا؟

انه معدن المسؤولين الثقافيين وقدرة كل واحد على اتخاذ القرار والدفاع عنه …

تحيين: رضا الباهي غاضب…

رغم اننا لم نورد مطلقا اسم المدير العام لايام قرطاج السينمائية خلال حديثنا عن فيلمي ظافر العابدين ولطفي عاشور الا ان سي رضا غاضب حسب ما بلغنا وسبب غضبه هو اننا لم نفرق بين مسؤوليته هو كمدير عام- اشدد على صفة مدير عام التي استنبطها الراحل نجيب عياد والتي لا وجود لها  في المهرجانات سوى في بلادنا- ومسؤولية لجان الانتقاء ، فالسيد الباهي يقول بان لجنة اختيار الافلام التونسية مستقلة في قرارها-رغم كونها معينة من طؤف المدير العام نفسه- ولا يحق له مطلقا التدخل في قراراتها، وهو امر عظيم يدل على الديمقراطية التي تحققت في بلادنا، الغريب انه لم يتم التصريح باسماء اعضاء اللجنة، فماذا نفعل ؟ من يتحمل مسؤولية قراراتها؟ هل هم الملائكة او الشياطين؟

كل ما نعرفه انهم جامعيون-اتمنى ان يكونوا محبين للسينما لا كارهين لها ونقاد- لا توجد اي منصة تقريبا لا ورقية ولا الكترونية مفتوحة للنقد السينمائي في تونس؟- ولكن لا احد يعلم هوياتهم

وان يكن فهذه اللجنة العظيمة المستقلة التي عينها السيد المدير العام اخطات في رفضها لفيلمي عاشور والعابدين،

هل نكون اجرمنا ان قلنا هذا القول؟

قال السيد المدير العام ايضا بانه اقترح على درة بوشوشة المنتجة المشاركة في فيلم ظافر العابدين عرض الفيلم في سهرة خاصة، ولكنها رفضت

السؤال لو كان السيد الباهي مقتنعا براي اللجنة هل كان ليحاول ايجاد حل وسط يحفظ ماء الوجه؟

بلغتني رسالتك سي رضا، ما لم افهمه هو ماذا كنت تعني بقولك “علي ان اتوقف عن كل هذا” ، هل من باب النصيحة الابوية او من باب التهديد؟ 

اتذكر فقط اني كنت الوحيد الذي نقد تصرف سلفك ابراهيم لطيف في الندوة الصحفية حين اتهمك بالفساد وقلت انه لا يليق بمدير سابق ان يفعل ذلك، يا ليتك ارسلت لي وقتها رسالتك بان اتوقف عن كل هذا

ولكن ما العمل فلا دروس بالمجان في هذه الدنيا ….وهذا درس اخر وان كان في الوقت المبدد بلغة رياضة مولى الكورة وديع الجريء

*القاهرة، محمد بوغلاب

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.