الرئيسيةثقافة وفنونمهرجان القاهرة السينمائى الدولى

ظافر العابدين: من حقي نكون في تاريخ بلادي …

رغم نجاح"غدوة" في عرضه العالمي الاول في القاهرة

 

 

لن يتوقف الحديث عن فيلم غدوة لظافر العابدين الا بعد ان يعرض للجمهور التونسي في شهر فيفري من العام المقبل ضمن برنامج العروض التجارية الذي يتوقع ان يشمل عدة عواصم عربية ، لا يريد ظافر العابدين ان يسبق الاحداث ولكنه يعمل على ان يصل الفيلم الى كل البلدان العربية

ولكن ظافر كاتب الفيلم ومنتجه ومخرجه وممثله يضع تونس في المقدمة “يهمني ان يشاهد الجمهور في بلادي اول فيلم من اخراجي، كان بامكاني ان اصور في مصر  باقل كلفة خاصة مع الكورونا ، ولكني اخترت ان يكون فيلمي الأول عن بلدي ويصور فيها رغم كل الظروف التي مر بها هذا المشروع حتى اني خفت ان لا يكون له غد”

لا يريد ظافر العابدين ان ينكا الجراح القديمة ولكن ذاكرته لم تسقط مشروع فيلم قدمه قبل عشر سنوات هو ومجدي السميري (اكثر المخرجيبن التونسيين عملا في الدراما العربية)  ورياض الغربي (مقيم بالامارات وصاحبة شركة عالمية في شاشات 5D )

ببساطة كان الرد لا، دون شرح او تفسير، لتنتهي التجربة قبل ان تبدا ، ولكن ظافر يبدو مصرا على العودة الى نقطة البداية ليستانف مشروعه القديم بعد فيلم  غدوة

وفي تونس يمكن ان تجد من المعطلات أنواعا واشكالا  لا وجود لمثلها في أي بلاد حتى لو كانت بلاد العجائب، فقد رفضت وزارة الثقافة منح رخصة التصوير لفيلم غدوة بتعلة ان القانون الجاري به العمل لا يسمح بمنح رخصة لمخرج غير محترف

يقول قائل ، امر ضروري، لا بد من تنظيم القطاع، نعم ولكن، ماذا لو أراد شاب رفقة اقرانه ان يصوروا فيلما عن حيهم؟ ما دخل وزارة الثقافة في ذلك؟

وفي الاحتراف من عدمه؟ لماذا لا تكون البلديات هي الجهات التي تمنح رخص التصوير ؟

نحن ببساطة تركنا انفسنا لمسلمات لا نريد نقاشها أصلا وكان رخص التصوير بدات مع خلق آدم

الغريب ان ظافر لم يأخذ ولم يطلب أصلا أي دعم مالي من الدولة،  فلماذا تعطل وزارة الثقافة حصوله على رخصة التصوير؟

الكل يتنصل من المسؤولية ويرمي الكرة الى مرمى القوانين المنظمة للقطاع والتي باتت عبئا ثقيلا عليه فضلا عن بيروقراطية مقيتة باتت تميز إدارة الفنون الركحية والبصرية ومن بينها السينما والتي لا مبرر لاستمرارها بعد انشاء المركز الوطني للسينما والصورة ،”واحد يحلب وواحد يشد المحلب”

ولتجاوز هذا الاشكال لجات درة بوشوشة المنتجة المشاركة في غدوة الى القصبة لتاخذ رخصة التصوير من هناك، ولان المتاعب لا تاتي فرادى فقد قيل لظافر بان ملف شركة الإنتاج الذي اودعه لدى مندوبية الثقافة باريانة قد ضاع ؟؟؟

يشعر ظافر بان السيستام يدافع عن نفسه ويطرد كل وافد جديد ، ولا يستبعد ان يكون قد اقلق راحة حراس السيستام .

اختار ظافر العابدين موضوع الساعة في تونس، وهي المازق الذي تعيشه البلاد سياسيا( انهى التصوير في افريل لياتي 25جويلية) كان الفيلم يبشر بوقوع ثورة او شيء ما يقطع مسار العشر سنوات

فالثورة لم تتحقق في تونس ،ولن تتحقق ابدا ان لم يدرك كل تونسي ان التغيير بيده هو لا بيد حاكم ملهم قد لا يأتي ابدا، فالثورة تبدا من ذواتنا ومن انفسنا ان اردنا حقيقة ان نغير من احوالنا

يقول ظافر ” عشت تجربة شخصية مرة، اخي حاتم الذي اراه مواطنا صالحا قضى عمره من اجل عمله مديرا في شركة عمومية، يصاب بمرض السرطان، المفروض ان الدولة التي وهبها عمره تكون اول من يقف بجانبه، مع الأسف هذه الدولة بسيستامها القائم تركته يصارع الإدارة في المحكمة ليحصل على جرعتين فقط على مدار عام كامل، قلت في نفسي لا بد ان خللا ما في السيستام ولا بد من إصلاحه، وبمزيد التعمق في ما نعيشه في مختلف أوجه الحياة تاكدت ان هذا السيستام لابد ان يتغير بالكامل حتى تتحقق القفزة النوعية التي نحلم بها ”

فاجأ ظافر العابدين الجمهور او قطاعا واسعا منه لا يرون فيه الا الشاب الوسيم، ولكن ظافر هو أيضا وقبل ذلك كله ابن حي الحرس، والداه اصيلا بني خلاد ،  والده وكيل اول في الحرس الوطني منذ 1956 وامه ترعى شؤون البيت فضلا عن عملها البيتي بالخياطة لتعين زوجها، وعمان له يشتغلان في سلك الحرس أيضا ، وكان يمكن ان يصبح ظافر نفسه عونا في الحرس اذ يذكر انه بعث بمطلب في الغرض

يشعر ظافر انه من طبقة مؤهلة للحديث عن هموم عامة الناس، البسطاء، ولذلك ابعد فيلمه عن كل نقاط الخلاف رغم تناوله لموضوع خلافي العدالة الانتقالية، هو يدافع عن الحقيقة والعدالة والمصالحة دون ان يشير الى أي حزب او تنظيم ولا حتى الى سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة والتي زادت في تمزيق الراي العام من ملف العدالة الانتقالية بسبب حساباتها السياسية

يدرك ظافر ان السياسة وفاعليها عناصر متحولة ولكن الثابت هي القيم الكبرى التي سخر الحبيب(الشخصية التي يقدمها ظافر في الفيلم) حياته منافحا عنها قبل الثورة وبعدها من موقعه كمحام

لا يطلب الحبيب شيئا لنفسه ، هو يريد الانصاف للضحايا ولا يستسلم رغم مرضه ورغم دخوله المتوقع الى المستشفى ورغم صد العدالة أبوابها في وجهه، ويعول على ابنه احمد ليكمل المهمة

انها مهمة أجيال، وليست بمنطق حك راسك نهار 14 ولينا شعب جديد او يوم 26جويلية تغيرنا بجرة قلم

يحتاج التغيير الى قطيعة او قطائع مرة وموجعة ومكلفة لا يبدو ان أحدا منا  مستعد لدفع كلفتها

اعطى ظافر العابدين الأولوية المطلقة لايام قرطاج السينمائية عند ترشيح فيلمه، وبقي ينتظر قرارا ،يقول مدير عام المهرجان انه لا يتحكم فيه بالقبول او الرفض، اما في القاهرة فقد استلم رئيس المهرجان محمد حفظي رابط الفيلم في 11و30 ليلا لتاتي الموافقة بعد ساعة ونصف أي مباشرة بعد إتمام مشاهدة الفيلم ولكن ظافر يطلب مزيدا من الانتظار من القاهرة، فهو  يريد للفيلم ان يعرض لأول مرة في تونس، ثم جاء قرار مهرجان البحر الأحمر بالسعودية الذي اختار غدوة من بين افضل 8افلام عربية في 2020  ليقدمه لجمهور دورته الأولى وظافر ينتظر أيام قرطاج السينمائية

من يختار الأفلام التونسية في أيام قرطاج السينمائية؟

قيل لجنة من الجامعيين والنقاد، لم يعلن عن أسمائهم، ولكن ما تسرب يؤكد انها تضم أستاذة فرنسية ومنتجا لم ينتج شيئا من عشرين عاما ومخرجا مسرحيا لا علاقة له بالسينما وفي رصيده صفة إدارية في وزارة الثقافة  حولها جدل كبير بين منافح ومنتقد، ومتابعة للسينما حتى لا نتعسف على  صفة”ناقد” في بلاد لا تتيح صحفها أي صفحة للنقد السينمائي تقريبا

هذه اللجنة الهمايونية هي التي يريد منا رضا الباهي مدير عام أيام قرطاج السينمائية  ان نسلم لها الامر ، تفعل ما تريد وتختار ما يشتهي لها من أفلام ليكتفي هو بالتاشير على قراراتها

ماذا تعني اذن صفة مدير عام المهرجان ؟ ان كانت اللجنة تقرر بمفردها؟

وما مبرر وجود مدير فني للمهرجان ان كان الاثنان يكتفيان بصب الماء على الايدي ؟ في اختيار الأفلام التونسية المشاركة؟

وما صفة هذه اللجنة ووجودها القاوني وهل قراراتها ملزمة أصلا ؟

سيل من الأسئلة  لايجيب عنه احد واكثر من ذلك لا تتم دعوة ظافر لحضور المهرجان بصرف النظر عن قبول فيلمه او رفضه

اقتنع ظافر ان مصلحة الفيلم تقتضي تقديمه في القاهرة في اول عرض عالمي له ، اذا لا معنى لتقديمه في سهرة الافتتاح في قرطاج  التي يغادر خلالها المدعوون العرض لتناول المشروبات في فضاء مجاور حتى ان بعض المهرجانات الغت من حفل الافتتاح عرض فيلم الافتتاح(الجونة مثلا)

الفيلم فصل جديد في حياتي

تهاطلت عبارات الثناء على الفيلم في مصر، وفي عرضه الاول وقف الجمهور طويلا يصفق لفريق الفيلم الذي حضر بوفرة، كان ذلك بحرص من ظافر نفسه فالمهرجان يكتفي بدعوة 3 عن كل فيلم ولكن ظافر احضر 19 من فريق الفيلم ليشهدوا على ميلاد مخرج تونسي  في مصر

لم يدخر ظافر العابدين جهدا الا وبذله من اجل الفيلم، كل عمليات الصوت أنجزت في استوديو بريطاني عمره 100 عام twickenhamstudios لما تطاه قدما مخرج عربي ، استوديو أنجزت فيه أفلام انطوني هوبكنز وستانلي كوبريك وجوني ديب وجيمس بوند وغيرها

استقدم الحبرات من كل مكان من روسيا ومن المجر ومن مصر وتونس، كان الهدف توفير اقصى ظروف النجاح لفيلمه الأول الذي أراده هديته لتونس ولكن السيستام القائم فيها اوصد في وجهه الابواب دون ان تفهم الحكمة من وراء ذلك،

فاختيار الأفلام في كل بلاد الدنيا يستند الى ثلاثة مقاييس:

موضوعه، هل هو حديث الساعة؟ وهو واقع الحال في فيلم ظافر

قيمته الفنية، وفيلم غدوة حظي باشادة نقدية واسعة في مصر

والنجوم المشاركون فيه ، وغدوة قادر على ان يكون واجهة لاي كمهرجان عربي يشارك فيه

ولكن اللجنة الهمايونية لايام قرطاج السينمائية اسقطت كل هذه المعطيات ورفضت برمجة غدوة في المسابقة الرسمية، فمن يقدر على قول لا في وجهها وكسر شوكتها؟

هل تنتظر جائزة من القاهرة؟

يباغتك ظافر بالرد، الجائزة تحصلت عليها منذ العرض الاول، تصفيق الجمهور، النقاش الذي تبع الفيلم، شعرت ان الفيلم وصل الى الجمهور، فهل هناك جائزة اكبر من تصل مشاعرك الى الاخرين؟

*محمد بوغلاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.