خارطة طريق الرئيس سعيّد.. تونس في غرفة انتظار طويل
خارطة طريق طويلة بعد انتظار اربعة اشهر
يريد الرئيس التونسي قيّس سعيد أن يجعل من تاريخ 17 ديسمبر/ محطة للتزود بزخم “ثوري” جديد في خطواته لإحداث تغيير سياسي ودستوري في البلاد. بينما يتأهب معارضوه إلى يوم مواجهة “كبير”. فإلى أين تتجه تونس؟
في بدايات شهر مارس من عام 2011، زرت مسقط رأسي في منطقة الرقاب بولاية (محافظة) سيدي بوزيد وأتيحت لي فرصة حضور اجتماع شعبي في مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية. كانت القاعة المتواضعة التجهيزات مكتظة بالشباب، وعلى منبرها بدا قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري بقامته الطويلة إلى جانب السياسي والوطني المخضرم مصطفى الفيلالي (توفي 2019) وعدد آخر من النشطاء الشباب في المنطقة.
أعقبت الثورةَ سنواتٌ مخضبة بالأحداث والتقلبات، انصرفت فيها النخب السياسية والحزبية التونسية إلى خوض معارك انتخابية وسياسية على أصعدة مختلفة، بينما سلك قيس سعيّد طريقا آخر، قضاها بعيدا عن تونس العاصمة، مركز الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية، متنقلا بين المدن والمناطق النائية محاضرا ومتواصلا مع الشباب والفئات التي كانت تتسع الفجوة بينها وبين النخب والزعماء السياسيين.
سيكتشف الرأي المحلي والخارجي، بعض ملامح شخصية قيس سعيّد بعد ثماني سنوات، وهو يتصدر المنافسة في الانتخابات الرئاسية، ثم يفوز فيها بأغلبية ساحقة (72 في المائة) في مواجهة منافسه نبيل القروي زعيم حزب “قلب تونس”، الذي يعتبر نتاجا للمنظومة السياسية والإعلامية، ولاحقته تهم فساد، وفرّ في الصيف الماضي للخارج عبر الجزائر.
وصل قيس سعيّد إلى قصر الرئاسة في قرطاج اعتمادا على أصوات فئات واسعة من الشباب وشرائح اجتماعية صوتت عقابيا ضد المنظومة الحزبية بأكملها. وكان في نظر ناخبيه، كما هو حاليا، بحسب مؤشرات استطلاعات الرأي، مختلفا عن باقي مكونات المشهد السياسي أحزابا وزعماء، بعذريته السياسية ومتميزا بنظافة اليد والاستقامة. ولذلك فهو بالنسبة لهؤلاء بمثابة المنقذ من المنظومة السياسية والحزبية التي أدارت شؤون البلاد في السنوات العشر التي أعقبت الثورة، وتلاحقها تهم الفساد والفئوية الضيقة.
محاولة سحب الرصيد الرمزي للثورة
منذ توليه الحكم في أكتوبر 2019 حظيت سيدي بوزيد بزيارات الرئيس سعيّد أكثر من أي مسؤول آخر في الدولة التونسية بعد الثورة. وكان لافتا تردده على مهد الثورة في الأشهر الثلاثة الأخيرة في خضم التدابير الاستثنايئة التي أقدم عليها في 25 جويلية وفي 22 سبتمبر الماضي، بتعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء وتجميد العمل بفصول عديدة من دستور سنة 2014.
ومع اقتراب الذكرى الحادي عشرة للثورة التونسية، بعث سعيّد برسالة جديدة لتأكيد ارتباطه بمهد الثورة التونسية، حيث أعلن اعتماد تاريخ 17 ديسمبر، ذكرى حرق البائع المتجول محمد البوعزيزي لنفسه، كتاريخ رسمي للثورة بدل الرابع عشر من جانفي . واعتبر سعيّد السابع عشر من ديسمبر التاريخ “الشرعي” و”الشعبي” للثورة وأحلام مفجريها بالعدل والكرامة والحرية، مقابل الرابع عشر من جانفي الذي يرمز برأيه إلى “انقلاب” و”خيانة” الطبقة السياسية لثورة الشباب.
وبإعلانه أجندة إصلاحات سياسية ودستورية عمَد سعيّد إلى وضع بصمات شخصية في محطاتها الأساسية، حيث اختار تاريخ 25جويلية كموعد لإجراء استفتاء على دستور جديد وتاريخ 17ديسمبر كموعد لإجراء الانتخابات التشريعية. وهو يقوم بذلك، يبدو أن الرئيس لا يريد فقط سحب الرصيد الرمزي للثورة التونسية من النخب والأحزاب، بل أيضا أن يطبع التغييرات التي يسعى لإدخالها على النظام السياسي والدستوري للبلاد باسمه الشخصي.
استشارة إلكترونية بدل الحوار
في مقدمة التدابير الاستثنائية التي اتخذها سعيّد اعتمد على محاكم عسكرية لملاحقة العشرات من نواب برلمانيين ومسؤولين حكوميين سابقين ورجال أعمال مرتبطين بالمشهد السياسي، ووضع بذلك الطبقة الحزبية والسياسية تحت طائلة تهم الفساد كما حيّد دور القضاء المدني بل أطلق عليه بدوره شعار “التطهير”. لكن خطوة الرئيس سعيّد بهذا الصدد فتحت عليه باب مواجهة متواصلة مع القضاة، الذين رفعوا سقف انتقاداتهم لقراراته وتحذيره من أي محاولة للمس باستقلالية القضاء ومحاولة فرض إصلاحات “فوقية” على مجلسه الأعلى.
يدرك سعيّد أن لعبة شد الحبل مع القضاء ليست مضمونة النتائج على الأقل في المدى القصير، ولن تحقق له أهدافه المتمثلة أولا في تفكيك المنظومة السياسية التي أرسيت بعد الثورة ومحاسبة رموزها وفي مقدمتها حزب النهضة (أغلبية نسبية في البرلمان المعلّق)، وثانيا في تركيز النظام السياسي الذي يسعى لإقامته. ومن ثمّ أبقى على جبهة المعركة مع القضاة مفتوحة، ومعها حملات واتهامات بالجملة للطبقة السياسية معتبرا أنها لا تمتلك أي مشروعية لمشاركته في القرار عبر أي شكل من أشكال الحوار الوطني، كي يمضي منفردا في خطته ببناء مؤسسات جديدة وتفكيك المؤسسات السياسية والدستورية القائمة.
ورغم احتجاجات معارضيه في الشوارع وبياناتهم المنددة بانفراده بسلطة اتخاذ القرارات التنفيذية والتشريعية عبر مراسيم رئاسية، أعلن الرئيس سعيّد – بعد طول انتظار- رزنامة “خارطة الطريق” وحملت معها تصميمه على تجاهل أي شكل من أشكال الحوار مع الأحزاب أو هيئات المجتمع المدني بما فيها ما يعرف بالمنظمات الوطنية الكبرى وأبرزها مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل النافذة. وكبديل عن الحوار، اعتمد سعيّد أسلوبا حديثا من حيث الشكل، يتمثل في تنظيم استشارات إلكترونية عبر تطبيقات رقمية لاستقصاء آراء المواطنين بشكل مباشر حول الإصلاحات السياسية والدستورية التي يرغبون فيها.
وستنطلق الاستشارات الإلكترونية بداية السنة الجديدة وتدوم ثلاثة أشهر، ثم تتولى لجنة من الخبراء في القانون الدستوري، يعيّن الرئيس أعضاءها، تتولى مهمة جمع الاقتراحات واستخلاص التوجهات التي ستسفر عنها الاستشارات، تمهيدا لعرضها في شكل مشروع دستور جديد على الاستفتاء في الـ 25 من جويلية المقبل.
وفي سبيل الوصول إلى هدفه بإقامة نظام سياسي ودستور جديدين، يسعى الرئيس سعيّد لإزاحة أي شريك سياسي له في رسم معالم نظام جديد يقوم على سلطات واسعة للرئيس وتقليص دور البرلمان مقابل إحداث مجالس حكم محلي يصفها خصومه بأنها أشبه ما يكون بنظام المؤتمرات الشعبية التي كانت قائمة في “ليبيا القذافي”.
كما يسعى سعيّد في نفس الوقت لاستقطاب فئات الشباب في الاستشارات الإلكترونية ليظهر “وفاءه” لناخبيه، وهو يدرك أنه من الناحية التقنية والتنظيمية أمر ممكن الإنجاز في البلاد التي توجد بها بنيات وتجهيزات لوجستية لتنظيم الاستشارات الإلكترونية، وينتشر فيها استخدام الإنترنت بمعدل 66 في المائة والسوشيال ميديا بنسبة 69 في المائة من التونسيين.
تونس.. غرفة انتظار
بعد حوالي عشرين أسبوعا منذ فرض التدابير الاستثنائية في البلاد، تزايد طيف معارضي الرئيس سعيّد بشكل ملحوظ داخل المشهد السياسي التونسي. وتتشكل قوى المعارضة في عدة جبهات “ديمقراطية اجتماعية” (وسط يسار) وتحالف “مبادرة مواطنون ضد الانقلاب” المدعوم من حزب النهضة الإسلامي، إضافة إلى أحزاب ليبرالية سليلة الحزب الحاكم في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ومن أبرزها “الحزب الدستوري الحر” ذي التوجه الشعبوي الذي تمنحه استطلاعات الرأي حظوظا وافرة في الفوز بالانتخابات التشريعية. وأحدث تلك الجبهات “اللقاء الوطني للإنقاذ” وتضم شخصيات سياسية مخضرمة.
لكن واقع الحال أن تلك الأحزاب تبدو منقسمة ويواجه عدد منها انقسامات داخلية، ويشكل حزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي رئيس البرلمان، الأكثر تعبيرا عن المشهد الحزبي البائس في البلاد.
وبانطلاق قطار سعيّد وفق رزنامته المعلنة، يبدو الرئيس التونسي مصمما أكثر من أي وقت مضى على تجاهل الطيف السياسي الواسع الذي يعارضه. وهو مسار يدرك خصوم الرئيس أن نتائجه لن تقف عند حدود فرض نظام سياسي ودستوري جديد كأمر واقع، بل هو نظام في مضمونه سيؤدي بشكل ممنهج إلى تهميش دور الأحزاب والمجتمع المدني، عبر قانون انتخابي جديد يعتمد على ترشيح الأفراد وليس اللوائح الحزبية.
تكمن المعضلة الأساسية في الأزمة الحالية بتونس، برأي محللين، أولا في كسر التعاقد الاجتماعي الذي يمثله دستور سنة 2014 الذي وقع إقراره بإجماع واسع من طرف مجلس تأسيسي منتخب ديمقراطيا، ومضي الرئيس سعيّد عن كثب في إحداث تغييرات في النظام السياسي والدستوري كأمر واقع، وفي غياب محكمة دستورية.
وثانيا، رغم اتساع المعارضة للرئيس سعيّد، فإنه ماض في خطته معتمدا على تأييد شعبي واسع ودعم صامت من مؤسسات الحكم الصلبة (الجيش والأمن).
وفي ظل هذه المعادلة المعقدة ينتظر تونس عام آخر صعب تُنذر مؤشرات عديدة بأنه سيشهد صراعا محتدما بين الرئيس ومعارضيه، صراع يمكن أن يأخذ أشكالا مختلفة ومن شأنه أن يضع استقرار البلاد على المحك ويمدد من حالة الانتظار المكلّفة على الاقتصاد التونسي ومعيشة المواطنين.
أزمة اقتصادية خانقة
يقول خبراء الاقتصاد في تونس إن عجز ميزانية الدولة بلغ مستوى قياسيا وبأن تسديد رواتب الموظفين مهدد وبأن قانون موازنة العام الجديد ستحمل تدابير تقشفية تحد من الدعم الحكومي للمواد الأساسية والفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، وذلك ضمن خطة إصلاحات تتفاوض عليها الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي، من أجل الحصول على تمويل الموازنة.
وتبدو مهمة حكومة نجلاء بودن في المفاوضات مع المؤسسات الأوروبية والدولية المانحة، صعبة للغاية، أولا بسبب تشديد تلك المؤسسات على ضرورة احترام تونس للمسار الدستوري والديمقراطي. وثانيا بسبب الضغوط الاجتماعية التي يمكن أن تواجهها الاصلاحات الاقتصادية لأوضاع هيكلية موروثة منذ نظام بن علي وعجزت حكومات متعاقبة بعد الثورة عن إصلاحها. ففي أحدث تصريحات لأمين عام مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل، كشف نور الدين الطبوبي، أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن التي تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد، “اقترحت خفض فاتورة رواتب الموظفين في القطاع العام بنسبة 10 في المائة”، مؤكدا أن الاتحاد يرفض تلك المقترحات ووصف المرحلة التي تجتازها تونس بـ “البحر الهائج”، ملوحا باحتجاجات في المرحلة المقبلة.
ويرى محللون بأن الرئيس سعيّد الذي خلا خطابه الأخير من إجابات عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملحة، لا يملك بحكم تكوينه وخبرته المحدودة رؤية لإصلاح الاقتصاد وتقديم بدائل في مواجهة مطالب الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا. فقد تجاوز معدل البطالة 18 في المائة وبلغت نسبة التضخم 6,4 في المائة، كما تزايدت أعداد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
ومنذ إعلان التدابير الاستثنائية، تركزت إجراءات الرئيس سعيّد على قضايا سياسية وقانونية وفي مقدمتها ملف مكافحة الفساد. ويرى الرئيس في هذا الملف حجر الزاوية لإنعاش الاقتصاد، حيث أعلن عن إحداث “شركات أهلية” وهي عبارة عن تعاضديات اجتماعية ينتظر أن يتم إحداثها في مختلف مناطق البلاد، وستكون وظيفتها إنجاز مشاريع لصالح السكان بحسب أولويات تنموية، وبالاعتماد على تحصيل تمويلات للمشاريع من رجال أعمال، ضمن قانون-مرسوم “الصلح الجزائي” الخاص بملفات الفساد المالي التي توصلت إليها لجنة تحقيق أحدثت بعد الثورة وبقيت توصياتها حبرا على ورق.
الدعم الخارجي .. مواقف رمادية
على امتداد تاريخها الحديث اعتمدت تونس على الدعم الأوروبي والأمريكي والمؤسسات المالية الدولية، وبعد الثورة تزايد اعتماد البلاد على الاقتراض في مواجهة أزمات بنيوية في الاقتصاد وتفشي التهريب (الاقتصاد غير المهيكل) حتى بات يشكل حوالي 50 في المائة من اقتصاد البلاد.
وأحدثت التدابير الاستثنائية التي فرضها الرئيس سعيّد صدمة لدى الأوساط الغربية بالخصوص، لكن العواصم الأوروبية والأمريكية لم تذهب إلى حد توصيف ما حدث بأنه “انقلاب”، وأبقت بذلك على أبواب الحوار مفتوحة مع تونس، وحثت سعيّد على إعلان خارطة طريق ورزنامة زمنية لمرحلة الاستثناء.
وفيما يشبه لعبة تجاذبات تأرجحت مواقف العواصم الغربية ومن ورائها المؤسسات المالية الدولية، بين الإصغاء إلى انتقادات المعارضة وخطوات حافة الهاوية التي اعتمدها الرئيس سعيّد وحاول من خلالها ربح الوقت والإبقاء على شعرة معاوية في حواراته مع تلك العواصم.
ومن هنا يمكن فهم قراره بعدم حل البرلمان بشكل نهائي وإبقائه مجمدا سنة أخرى، إلى حين انتخاب مجلس جديد. كما يشكل موضوع الحريات العامة واستقلالية القضاء وحرية الإعلام، من أهم الملفات التي يدور حولها صراع، وتتصدر مطالب المنظمات الحقوقية والمؤسسات الغربية من السلطات التونسية، باعتبارها من المكتسبات التي تحققت بعد الثورة.
ورغم اتفاق العواصم الغربية على ما يمثله التحول الديمقراطي في تونس من أهمية كبيرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأكملها، يوجد تفاوت في تعاطي هذه العواصم مع تطورات الأوضاع بتونس، فيما تبدو إدارة الرئيس جو بايدن أكثر وضوحا في الضغط باتجاه عودة البلاد إلى المسار الدستوري.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية تعتمد أيضا أسلوب “العصا والجزرة”، فبعد تحذيرات من الكونغرس بشأن دور الجيش التونسي فيما حدث في 25 جويلية، أقرت وزارة الدفاع زيادة 10 في المائة في الدعم المخصص للجيش التونسي لسنة 2022.
أوروبيا، يشدد الاتحاد الأوروبي على دعم تونس مع ضرورة عودة المسار الدستوري والديمقراطي. فيما يتسم موقف فرنسا الأكثر نفوذا في تونس بتذبذب ملحوظ.
واتسم الموقف الألماني إزاء خطوات سعيد بتحفظ ملحوظ، فوزارة الخارجية الألمانية لم تسمه انقلاباً. ويسود الاعتقاد في برلين بأن الوضع يكتسيه “الكثير من الرمادية”، بحسب توصيف خبراء بمعهد التنمية الألماني (مقره بون). وفي الوقت نفسه، لم تعلق الحكومة الألمانية السابقة ولا الجديدة – لحد الآن- على كيفية تأثير الأزمة السياسية على تعاونها مع تونس وما إذا كان ذلك سيتطلب إجراء تعديلات ما. “فلا يمكن للجهات الفاعلة الخارجية تعزيز التغيير السياسي المحلي إلا إذا تم ترسيخه وإضفاء الشرعية عليه محليًا، ويجب على ألمانيا دعم الجهات والعمليات الديمقراطية بوضوح”، يقول المعهد الألماني وهو مؤسسة بحث مستقلة.
ويبرز المعهد في تقريره بأن “الشعب التونسي وحده هو من يمكنه أن يقرر بنفسه، وسيقرر ما إذا كانت الأزمة الحالية تعني العودة إلى الحكم الاستبدادي أو ما إذا كانت خطوة على الطريق نحو نوع من الديمقراطية التمثيلية”. ويمكن رصد ملامح الموقف الحذر للعواصم الغربية من الأزمة في تونس، في أحدث بيان صدر عن مجموعة الدول الصناعية الكبرى. كما رحبت الخارجية الأمريكية بخارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس سعيّد وشددت في نفس الوقت: “نأمل أن تكون عملية الإصلاح شفّافة وأن تشمل تنوّع الأصوات السياسية والمجتمع المدني”، وأكدت أن “الولايات المتّحدة تدعم تطلّعات الشعب التونسي إلى حكومة فعّالة وديمقراطية وشفّافة تحمي الحقوق والحريات”.
وعلى المستوى الإقليمي، كان لافتا أن الوعود بتقديم دعم مالي لتونس من عواصم خليجية خصوصا الامارات والسعودية لم تتحقق بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ 25 جويلية . وحدها الجزائر استمرت في تقديم دعم مالي وقد أُعلن عن أحدثه وقيمته 300 مليون دولار، فيما يشكل طوق نجاة لكنه لا يعدو أن يكون مسكّنا مؤقتا يلبي استحقاقات عاجلة في ميزانية الدولة المختنقة.
منصف السليمي/ DW