عودة سوريا الى الجامعة العربية :تباين مصري سعودي
هل تقبل الجزائر بغياب سوريا عن قمة تحتضنها الجزائر؟
قال مصدر دبلوماسي مصري سابق، إن موقف القاهرة من النظام السوري “ثابت وعميق ولن يتغير، بناء على موقف أي من الأطراف العربية الأخرى، لا سيما المملكة العربية السعودية”، وذلك في إشارة لهجوم سفير المملكة في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، الخميس الماضي، على النظام السوري.
وكان تصريح المعلمي وجّه ضربة قوية لمحاولات أطراف عربية فكّ العزلة التي يعيشها هذا النظام منذ مطلع العام 2012، وصعّب مساعي دول عربية لإعادة نظام بشار الأسد إلى حضن الجامعة العربية العام المقبل.
العلاقات بين الدولة المصرية، أياً كان من يقودها، وبين النظام البعثي في سورية، قوية وتاريخية ومتجذرة
وأكد المصدر الدبلوماسي المصري،، أن “العلاقات بين الدولة المصرية، أياً كان من يقودها، وبين النظام البعثي في سورية، قوية وتاريخية ومتجذرة، ولا يمكن التنازل عنها لصالح أي تحالفات جديدة. لأن المصالح القومية المصرية العليا، وفق الرؤى الرسمية، تقتضي ذلك”.
العلاقات بين مصر وسورية لا تتغير
وأوضح أن العلاقات التاريخية بين مصر و”سورية البعث” هي “علاقات أجهزة استخباراتية قديمة، منذ تأسيس حزب البعث السوري، وهي علاقات لا تتغير بتغير الحكم في مصر. ولذلك فإن الدولة المصرية ستظل حريصة كل الحرص على مسألة إعادة سورية إلى الجامعة العربية قريباً، مهما كان توجه الحلفاء الخليجيين، وعلى رأسهم السعودية”.
وقال المصدر إن شن المعلمي، الخميس الماضي، هجوماً حاداً ومباشراً على النظام السوري، في كلمة خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة خُصصت لمناقشة قضايا حقوق الإنسان في بعض دول العالم، ومن بينها سورية، هو تعبير عن “موقف شخصي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان”.
وأوضح أنه كان لبن سلمان “أكثر من مرة، مواقف مختلفة، حتى عند وجود شبه إجماع عربي خليجي حول قضية معينة. من ذلك أنه عندما زار مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، العاصمة الإيرانية طهران، واستقبله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قام محمد بن سلمان بجولة خليجية، شملت سلطنة عمان، ومملكة البحرين، وكان على رأس جدول أعماله، برنامج إيران النووي والصاروخي، بكافة مكوناته وتداعياته”.
وتعليقاً على التقارب المصري السعودي الأخير، وتشكيل لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، والتي اختتمت اجتماعاتها، قبل أيام في القاهرة، برئاسة وزيريّ الخارجية المصري سامح شكري، والسعودي فيصل بن فرحان، بحضور وفدَي البلدين، والتي جاءت بعد أيام قليلة من تدشين آلية التشاور بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي بالرياض أخيراً، قال المصدر إن “المواقف الرسمية المصرية المعلنة غالبا تكون متوافقة مع مواقف المملكة”.
القاهرة لن تتنازل عن دعمها للنظام السوري
وأوضح المصدر أن سياسة القاهرة تجاه المملكة هي “التوافق الظاهري تجاه القضايا الحساسة مثل العلاقات مع إيران، والعلاقات مع نظام الأسد، ثم الرهان على عامل الزمن بعد ذلك. إذ إن القاهرة لن تتورط بطبيعة الحال في أي صدام مع إيران، كما أنها لن تتنازل عن موقفها الداعم للنظام السوري، ومحاولات إعادته للجامعة العربية”.
سياسة القاهرة حيال السعودية هي التوافق الظاهري تجاه القضايا الحساسة
وقال المصدر إنه في مقابل ذلك، تقوم القاهرة بتحركات مكثفة، خلال الفترة الراهنة،على صعيد الأزمة اليمنية، في محاولة لتقديم يد العون للسعودية، باستخدام علاقتها الجيدة بجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) من جهة، واتصالاتها مع الإيرانيين من جهة أخرى، وبذلك توازن علاقاتها مع المملكة.
وكان المعلمي شن، الخميس الماضي، هجوماً حاداً ومباشراً على النظام السوري. وأشار إلى أن رئيس النظام بشار الأسد، أعلن انتصاره في الحرب الدائرة في سورية “فوق هرم من جماجم الأبرياء”.
وقال المعلمي: “لا تصدقوهم إن قالوا إن الحرب انتهت، ولا حاجة لقرارات الأمم المتحدة… لا تصدقوهم، فالحرب لم تنته بالنسبة لألفي شهيد أضيفوا هذا العام إلى قائمة الشهداء الذين يزيد عددهم على 350 ألف شهيد”.
ووجدت الكلمة السعودية ترحيباً كبيراً من قوى الثورة والمعارضة السورية، كونها تضع حداً لتكهنات راجت، في الآونة الأخيرة، عن قرب تطبيع المملكة مع النظام، على غرار ما فعل كل من الأردن والإمارات.
وشكلت كلمة المندوب السعودي في الأمم المتحدة رسالة واضحة إلى كل البلدان العربية التي خطت باتجاه التطبيع مع نظام الأسد، برفض الانفتاح على هذا النظام قبل تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية، والتي يرفض النظام التعامل معها بجدية منذ منتصف عام 2012.
كما طرح الكلام السعودي تساؤلات عما إذا كان سيضع حداً لمساع تبذلها دول عربية، لدعوة النظام إلى القمة العربية المزمع عقدها في الربع الأول من العام 2022 في العاصمة الجزائرية.
حديث السعودية عن نظام الأسد يحرج مصر
وقال الدبلوماسي المصري السابق، إن حديث السعودية عن نظام الأسد “سيتسبب، بطبيعة الحال، في إحراج لمصر، التي تسعى جاهدة، إلى جانب الجزائر، لإعادة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية”.
وأضاف أن “المساعي المصرية الجزائرية كادت أن تنجح، في ظل توافق إقليمي ودولي داعم لإعادة سورية. وفي الوقت التي كانت فيه دولة قطر تقف وحيدة في مواجهة تلك المحاولات، فإن الأمر اختلف الآن، مع إعلان السعودية الواضح في الأمم المتحدة المناوئ لنظام الرئيس بشار الأسد”.
وأكد أن “السعودية تُعتبر قوة كبيرة داخل جامعة الدول العربية، وموقفها من النظام السوري سوف يؤثر على أي قرار محتمل بشأن إعادة مقعد سورية”.
حديث السعودية عن نظام الأسد سيتسبب، بطبيعة الحال، في إحراج لمصر
وكانت مصادر مصرية خاصة قالت، في وقت سابق إن هناك اتصالات غير معلنة تجري، بشأن مصير مقعد سورية في الجامعة العربية قبل القمة العربية المقبلة، المقرر انعقادها في الجزائر في مارس القادم .
وأوضحت المصادر أن مصر تقود تيار عودة سورية لمقعدها في الجامعة العربية، خلال القمة المقبلة. وقالت إن “القاهرة تتبنى حسم الملف، بحيث إذا لم يتم التوصل لتمثيل النظام السوري بالقمة المقبلة، على الأقل يكون هناك توافق بشأن حسم عودة سورية لمقعدها بالجامعة، من خلال طرح الملف على القمة المقبلة، ويتم التصويت عليه”.
ماذا عن الجزائر؟
ألمح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى أن القمة العربية التي ستحتضنها بلاده في مارس القادم ستشهد عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وكان تبون يتحدث في مقابلة مع وسائل إعلام محلية نهاية شهر نوفمبر ، بثها التلفزيون الجزائري الرسمي.
وسئل الرئيس الجزائري إن كانت القمة العربية القادمة بالجزائر ستشهد عودة سوريا إلى الجماعة العربية فرد قائلا: “من المفروض أن تكون سوريا حاضرة”.
وأضاف: “نحن عندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق (..) نحن دولة تجمع الفرقاء دائما”.
وفي نوفمبر 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا فيها على خلفية لجوء نظام بشار الأسد إلى الخيار العسكري لإخماد الثورة الشعبية المناهضة لحكمه.
والجزائر من الدول التي عارضت عام 2011 تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية وظلت تطالب باستعادة دمشق لمقعدها باعتبارها دولة مؤسسة.
ومنذ جويلية الماضي، تسارعت خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري، لا سيما من جانب الأردن والإمارات ومصر، متمثلة في لقاءات متبادلة واتفاقات وتفاهمات اقتصادية.
وفي سياق متصل شدد تبون على أن قمة الجزائر القادمة “ستشهد إعادة طرح ملف إصلاح جامعة الدول العربية” دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه الاصلاحات.
وأشار إلى أن “عدة منظمات دولية مثل الأمم المتحدة وإقليمية مثل الاتحاد الافريقي تم إصلاحها داخليا باستثناء الجامعة العربية التي بقيت على حالها منذ تأسيسها”.
ويعود مطلب الجزائر بإصلاح الجامعة العربية إلى سنوات؛ حيث سبق أن دعت في قمة عام 2005 التي استضافتها إلى إصلاح جوهري لعمل الجامعة، يشمل تدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء عوضا عن السيطرة المصرية عليه عرفا، لكن ذلك لم يتم اعتماده.
ووقّع ميثاق جامعة الدول العربية التأسيسي بالقاهرة في مارس 1945، بحضور مندوبي سبع دول هي: مصر والسعودية وسوريا والعراق ولبنان، والأردن واليمن.