شؤون عربية

الرئيس الموريتاني في الجزائر…

هل هي بوادر وساطة بين الجارين اللدودين؟

وصل الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الإثنين، إلى الجزائر في زيارة رسمية ستدوم ثلاثة أيام.

واستقبل الرئيس الموريتاني من قبل نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، ومسؤولين سامين آخرين في الجزائر.

وذكرت الإذاعة الجزائرية أن الزيارة “تأتي تتويجا للتعاون المشترك الذي طبع العلاقة بين البلدين منذ اعتلى الرئيس عبد المجيد تبون سدة الحكم في الجزائر”.

وأضاف المصدر ذاته أن البلدين وقعا شهر أفريل الماضي بنواكشوط على مذكرة تفاهم بهدف إنشاء اللجنة الثنائية الحدودية الجزائرية الموريتانية.

وتتوخى الجزائر وموريتانيا من خلال هذا المشروع إلى تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والتجارية.

وتأتي هذه الزيارة عقب نحو 4 أشهر من زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى نواكشوط التقى فيها كبار المسؤولين بهذا البلد، وتم خلالها الاتفاق بين الجانبين على “إضفاء ديناميكية جديدة على آليات العمل المشترك”.

موريتانيا والوساطة بين المغرب والجزائر؟

تحدث مراقبون عن سعي موريتانيا الى لعب دور الوسيط في الخلاف المغربي الجزائري، ولا يعلم ان كان المغرب مستعدا لقبول هذا الدور فقد فترت العلاقات اصلا بين البلدين بسبب سعي موريتانيا الى لعب دور الوسيط في قضية الصحراء الغربية

وتعتبر العلاقات المغربية – الموريتانية جيدة على العموم، إلا أنها تمر بمراحل من التوتر بسبب الموقف من قضية الصحراء الذي يشكل حجر عثرة في علاقات البلدين، وتحاول نواكشوط الحفاظ على علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو (أطراف النزاع في قضية الصحراء)، وبالتالي، تعتبر الرباط أي تقارب مع الطرفين الآخرين تحيزاً والعكس صحيح.

وفي آخر مناسبة تحدث فيها الرئيس الموريتاني خلال العام الماضي، اعتبر أن موقف بلاده من النزاع في إقليم الصحراء لن يتغير، وهو من ثوابت السياسة الخارجية للبلد، موضحاً أن توجه بلاده هو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وتبني موقف الحياد الإيجابي، وأنها تقف على المسافة نفسها من جميع الأطراف.

من جانبه، يعتبر الباحث الموريتاني في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أحمد محمد أنداري، أن “المغرب الذي يولي أهمية خاصة لموريتانيا ضمن سياسته الإقليمية في المنطقة المغاربية، يعوّل كثيراً على استمرار حيادها تجاه قضية الصحراء، وهو الحياد الذي يحاول المغرب بشتى الطرق أن يضمن استمراره من أجل أن يشكل حافزاً لجهوده الساعية إلى عزل جبهة البوليساريو وتضييق دائرة المعترفين بها والمتعاطفين معها‏، لا سيما أن المغرب يدرك جيداً أن موريتانيا لديها العديد من الأوراق التي يمكن أن تؤديها في الملف الصحراوي سلباً وإيجاباً”.

وأشار محللون إلى أن العلاقات المغربية – الموريتانية قد تجاوزت مرحلة الأزمة، معتبرين أن البلدين يتجهان لتعميق الشراكة والتعاون، وأكد محمد بودن أهمية عامل التوقيت في العلاقات بين البلدين، وأن “الزيارات المتبادلة يصاحبها صدى كبير، وهذا جزء من طبيعة العلاقات التاريخية بين البلدين و خصوصياتها الجيو- سياسية”، معتبراً أن “لتلك الزيارة دلالات سياسية وإقليمية، في ظل التطورات المتسارعة بالمنطقة، ولا شك أنها تعني تصميم البلدين على ترقية العلاقات الثنائية التي يبقى طموح الإضرار بها قائماً لدى أطراف معلومة”.

من جانبه، يعتبر الباحث المغربي في المجال السياسي، نجيب الأضادي أن “المغرب بعد أن استجمع قواه واستكمل ترتيبات القوة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية في المنطقة سينزل الآن، بلا شك، بكامل هذا الثقل لدعم الجارة الجنوبية في رفعها لتحدي التنمية البشرية”، مشيراً إلى وجود مؤشرات كثيرة تؤكد ذلك، أهمها عودة العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها بين الطرفين، إذ يتم التنسيق في مجال القضايا الاستراتيجية الثنائية على أعلى مستوى، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية الموريتاني الأخيرة التي حمل خلالها رسالة من الرئيس الموريتاني للملك المغربي محمد السادس، والتقى خلالها برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، كما تباحث مع نظيره المغربي على جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأشار الأضادي إلى أن موريتانيا تقع في قلب المجال الحيوي الاستراتيجي للمملكة، والعكس صحيح، وهو ما يعتبره سبباً في غاية الأهمية “ليدفع كل من المغرب وموريتانيا إلى تشكيل حزام استراتيجي واحد وقوة ردع ضاربة للتصدي لكل المخاطر الأمنية وغيرها من التحرشات التي قد تتسلل إلى المنطقة باسم أوهام انفصالية أو أية طموحات زعاماتية أخرى”.

أهمية متبادلة

وأكد الباحث الموريتاني أحمد محمد أنداري، وجود أهمية متبادلة بين البلدين، مشيراً إلى وجود عدد من العوامل السياسية التي تدفع الطرفين إلى محاولة تحسين العلاقات بينهما، وعدم السماح لأي خلاف أن يتفاقم ليصل إلى إحداث قطيعة كاملة في العلاقات؛ ولعل من بين تلك العوامل أن البلدين يشتركان في كونهما عضوين، في عدد من المنظمات الإقليمية والدولية.

وأضاف أن لكل من الدولتين جواراً جغرافياً غنياً بالطاقة بحيث يجعل من المنطقة هدفاً دائماً لتصارع المصالح بين القوى الكبرى، وما يؤكد ذلك، بحسب الباحث، التنافس الأميركي – الأوروبي الحالي على هذه المنطقة‏، وبالتالي فإن أياً منهما ليس بإمكانه أن يبني سياسته الإقليمية الخاصة أو أن يرسم سياسته الخارجية من دون أن يأخذ في الحسبان رقابة الدول الكبرى وحاجاتها، وتلك الدول لن تسمح لأي خلاف بين الطرفين أن يتفاقم ليصل إلى الإضرار بمصالح تلك القوى في المنطقة، لا سيما أن تعطيل التعاون بين الطرفين أو تجميده لبعض الوقت قد تكون له انعكاسات مهمة على مصالحها، سواء في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب أو الهجرة السرية، وكلاهما من الملفات التي ينهض فيها البلدان بدور مهم على المستوى الإقليمي.

ويخلص أنداري إلى أن كلا البلدين يحتل أهمية خاصة بالنسبة إلى الطرف الآخر، فالمملكة المغربية تعد دولة مهمة ومحورية ضمن المحيط الإقليمي لموريتانيا، ليس فقط بسبب الروابط الروحية والثقافية والاجتماعية التي تربط المملكة بقطاعات متعددة من المجتمع الموريتاني، وإنما أيضاً بفعل النفوذ الواسع والقدرة الكبيرة على التأثير اللتين تمتلكهما المغرب في بعض دول الجوار الإقليمي لموريتانيا وبخاصة السنغال‏، وبدرجة أقل مالي وبقية دول غرب أفريقيا، معتبراً أن تأثير المغرب في علاقات موريتانيا مع الدول الأخرى يتجاوز حدود المحيط الأفريقي لموريتانيا.

وبالتالي، يعتبر الباحث الموريتاني أن تلك العوامل تجعل من الصعب تصور حدوث قطيعة كاملة في العلاقات بين الدولتين، بالتالي فإن التوتر الذي يحصل بينهما في بعض الأحيان يظل محكوماً دائما بسقف معيَّن لا يمكن تجاوزه، مشيراً إلى “أن الخبرة التاريخية لتلك العلاقات تفيد بأنه حتى في ظل التوترات التي تحصل بين الطرفين فهناك دائماً سبل للتواصل ظلت قائمة بينهما”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.