اول الكلام
سلوى الشرفي : ذكريات ليلة حزينة 13جانفي 2011
تفاصيل البرنامج الذي قدمه سامي الفهري ومعز بن غربية في سهرة 13جانفي 2011
نشرت سلوى الشرفي بن يوسف الاستاذة بمعهد الصحافة تدوينة استعادة فيها تفاصيل مشاركتها في البرنمامج الشهير الذي قدمه سامي الفهري ومعز بن غربية بعد خطاب الرئيس بن علي يوم 13جانفي 2011 بمشاركة نوفل الورتاني على شاشة التلفزة الوطنية
يوم الخميس 13 جانفي 2011، الحال مغرب والحس بايت بسبب منع التجول والقلب حزين ومثقل موش عارفين اش ينتظر فينا غدوة.
يضرب التلفون، معز بن غربية ثم سامي الفهري، لانني رفضت في البداية، يدعوني للمشاركة في برنامج للتعليق على خطاب بن علي. البرنامج على القناة الوطنية.
استغربت عمري ما دخلت لهذه القناة، رغم نشاطي الاجتماعي وما نشرت من دراسات وكتب وعدد السنوات كصحفية محترفة واستاذة اعلام، تلفزتنا الوطنية مقاطعتني. شاركت في برامج في فرنسا و لبنان والكويت واليمن والمانيا ولندرة والجزائر وأمريكا و موريتانيا، وبلادي لا!
حتى حين اقترح علي سامي الفهري دور كرونيكور في برنامج كلام الناس اعترض اسامة رمضاني وزير الاتصال ومزقوا العقد.
المهم بعد الحاح شديد مشيت نلقى معايا 3 من الناس زي حالاتي منبوذين من الظهور وهم بشرى بالحاج حميدة ومختار الطريفي وناجي البغوري. وسمعنا ان حكومة جديدة سيعلن عنها في الغد تتضمن اعضاء من المعارضة واتحاد الشغل وهي نفسها تقريبا التي اعلن عنها بعد ذهاب بن علي ب 3 ايام وايضا لجنة بن عاشور التي كلفت باجراء الانتقال الديمقراطي. وتم اطلاق سراح المدونين.اذن شعرنا ان هناك رغبة جدية في التغيير. وجاء بن علي قال غلطوني وسيحاسبون وانا فهمتكم… ووعد باجراء انتخابات في شهر جوان. يعني نفس اللجان والاليات التي اوصلتنا الى انتخابات اكتوبر 2011.
فكرت ان بن علي قد يكون صادقا لان لا خيار له والشارع اصبح لنا وموش ممكن نتراجع عن مطلب الحرية، وقد يكون كاذبا ويقتلنا كلنا نهار الجمعة برشة كلاشنيكوف في الشارع الكبير. لذلك قلت نشدوا صحيح حتى يطير.
وفجاة رايت امامي فراغا مخيفا. قلت طيب ومن سيتسلم الحكم؟ والجواب كان بديهيا لا يوجد غير الاسلامين عددا وعدة وتنظيما.
والباقي كنت نعرفهم حزبا حزبا بحكم مهنتي ونعرف حدودهم. وتذكرت طائرة آر-فرانس نازل منها الخميني في طهران وكل المصائب التي تتالت على الشعب الايراني اللي تاخر حداثيا 14 قرنا. واللي شفته حدث، وهبط علينا الغنوشي من طيارة الانقليز وخرجو يغنيلو طلع البدر علينا. و من وقتها ما قدمناش خطوة. حتى البدر هرب والدنيا ظلامت في عينينا.
وجدت نفسي حائرة بين خيارين احلاهما مر! اما بن علي وقمعه للحريات السياسية مع حريات فردية مضمونة، او حزب النهضة الاخواني الحاقد على تونس حاملا لثقافة الغزوات من نهب واستعباد وعودة لاكثر من 50 سنة الى الوراء بالنسبة للمراة.
انها حيرة وجودية لا يمكن ان يشعر بها سوى من كان امامه ميكروفون وكاميراءات على المباشر وملايين التوانسة وغير التوانسة(اعتقد ان الحصة سجلت اكبر نسبة مشاهدة في تاريخ التلفزيون التونسي) في تلك الليلة الحزينة المفصلية. انها مسؤولية عظمى. لذلك طالبنا باستراحة للتفكير بعد الخطاب.
وارتايت ان الافضل هو التشبث بفرضية ضعف بن علي واصرار الشارع الذي غادره الخوف، على مواصلة التحرك فقلت المقترحات معقولة لكن نريد ضمانات جدية لهذه الوعود. والى الان لم اندم على موقفي هذا، بل زدت يقينا انني كنت على صواب. فكل من له دراية حتى قليلة بقوانين السياسة وتاريخها يدرك ان ابشع ما يمكن ان يحصل هو الفراغ السياسي الفجئي. لذلك كنت مقتنعة بضرورة التريث وفي نفس الوقت حزينة ومقهورة لتفضيلي لهذا الحل.
خرجت ايدي على قلبي حاسسة باش تاقع مصيبة رغم معارضتي لبن على.
وشنوا علينا الخوانجية جنس حملة بادوات رقمية متطورة لا يقدر عليها وقتها حتى النزر القليل من التوانسة الناشطين على الفايسبوك والانترنات. وهذا دليل على وجود الجهاز السري وقتها.
وذهب بن علي. والحقيقة فرحت، وتجدون فوق ذكرى صرخة الفرح عند الإعلان عن ذهابه. ثم بدات تصلني اخبار غريبة عما حصل قبل مغادرته وبدا لي الامر مسترابا ولكن لم اتمكن من فهم ماوراء الاكمة الا حين انتقلت الفوضى الى مصر ثم ليبيا فاليمن وسوريا ودخلت قطر على الخط. قطر يا ناس اللي تونس فايتتها سنوات ضوئية جايبة كمشة فلوس كي تساعدنا على ارساء الديمقراطية من هذا فقط فهمت اللعبة.
وجاء الغنوشي وجماعته وبدا التكفير والعنف ومسرحية برسيبوليس ….حتى بلغنا مرحلة خور المناقشات في المجلس التاسيسي حول المراة المكملة ورفض حرية الضمير وصندوق الزكاة والاوقاف وكل قوانين القرون البائدة. واتضح امر العمالة للخارج و مسرحية الربيع والياسمين….
وفين كنا فين اصبحنا والارقام شاهدة على ذلك، بعد ما كانت نسبة النمو في تونس هي الاولى في المنطقة العربية (باستثناء الخليج) وافضل الاطباء والمهندسين والأساتذة الجامعيين واكبر نسبة تعلم وافضل قوانين للحد من الفوارق…… اليوم فرغت تونس من نخبتها، الم يقل النهضاوي حمادي الجبالي نكبتنا في نخبتنا (برة يجعلك منكوب هاكم هججتوا النخبة وخليتوا الجهلة متاعكم) و اصبحت شوارعنا مزبلة يرتع فيها المشعوذون وتقطع الدواء ووووووو واغتيل لطفي نقض و شكري بالعيد والبراهمي وذبح جنودنا…..
حاجة وحدة ربحتها من الثورة وهي تصحيح بعض الأخطاء. انا كنت أتصور الفراغ السياسي سببه بن علي. اليوم فهمت ان اغلب السياسيين اللي عندنا هم سبب الفراغ بدليل ان رغم الديمقراطية ما كبروش بل زادو صغرا وهو ما سمح للنهضة بالتمدد وخربان البلاد. وزيد دخلوا تحت جناحها. وأظن انهم أكثر ناس يكرهو الثورة اللي فضحت فراغهم.
فشكرا ل 14 جانفي.
ولكن الحزن يزداد عاما بعد عام. اليوم 14 جانفي 2022، يوم حزين وبارد جدا ومظلم والقلب مثقل بالاحزان