ليبيا: محاولة إغتيال الدبيبة، وباشاغا رئيس جديد للحكومة
اختار مجلس النواب الليبي، الخميس، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، الذي يتمتع بنفوذ قوي، رئيسا جديدا للوزراء لتشكيل حكومة أخرى.
كما وافق البرلمان على تعديل الإعلان الدستوري، وذلك بعد ثلاثة أيام على تصويت المجلس لصالح اعتماد خريطة طريق سياسية يعمل عليها منذ انهيار عملية الانتخابات التي كانت مقررة، في ديسمبر الماضي، بسبب خلافات حول قواعد التصويت والأسس الدستورية.
وتنص خريطة الطريق على أن تقوم المؤسسات السياسية الليبية أولا بتعديل الإعلان الدستوري الذي يُعمل به كدستور ليبيا المؤقت بحكم الأمر الواقع منذ ثورة 2011 وإجراء استفتاء عليه.
والاثنين الماضي، قال مجلس النواب الليبي، ومقره شرق البلاد، إن الانتخابات لن تُجرى هذا العام، مما قد يؤدي إلى نشوء صراع جديد بين الفصائل للسيطرة على الحكومة.
وجاءت جلسة اليوم عقب ساعات من أنباء غير مؤكدة عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، عندما أصابت أعيرة نارية سيارته، حسبما نقلت رويترز عن مصدر.وكان الدبيبة قال إنه سيتجاهل تصويت البرلمان اليوم لاختيار بديل له.
وتتنافس الفصائل المتناحرة على السلطة بعد انهيار العملية الانتخابية، وسط نزاعات بشأن القواعد الحاكمة لها، بما في ذلك حول شرعية ترشيح الدبيبة نفسه للرئاسة بعدما كان قد تعهد بخلاف ذلك.
وتقول حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، والتي جرى تنصيبها قبل نحو عام من خلال عملية سلام مدعومة من الأمم المتحدة، إن التفويض الممنوح لها ما زال ساريا وإنها لا تعتزم التنحي.
وقال الدبيبة، في خطاب هذا الأسبوع، إنه لن يسلم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات. وقالت مستشارة الأمم المتحدة الخاصة بشأن ليبيا ودول غربية إن شرعية حكومة الوحدة الوطنية ما زالت قائمة.
ووصف البرلمان، الذي أيد في الغالب قوات شرق ليبيا أثناء الحرب الأهلية، حكومة الوحدة الوطنية بأنها غير شرعية.
وتتألف هيئة أخرى، المجلس الأعلى للدولة، من أعضاء برلمان انتقالي سابق يعود إلى عام 2012، وتم إنشاء المجلس من خلال اتفاق سياسي عام 2015 يستهدف إنهاء الحرب الأهلية.
كما اختيرت الإدارة الانتقالية الحالية، حكومة الوحدة الوطنية، من خلال عملية دعمتها الأمم المتحدة في 2020 و2021 كان من المستهدف أن تنتهي بانتخابات لاستبدال جميع المؤسسات السياسية الليبية.
ومرت ليبيا بعدة فترات انتقالية ظاهرية خلال عشر سنوات من الفوضى العنيفة بعد انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي. وسُمح للعديد من القادة السياسيين بالبقاء في مناصبهم طوال العملية.
والبرلمان، الذي انتُخب قبل نحو ثماني سنوات وكان منحازا في الغالب لقوات شرق ليبيا أثناء الحرب الأهلية، كان جزءا من عملية انتقالية كان من المفترض أن تتضمن دستورا جديدا.
ونجا رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة من محاولة اغتيال في وقت مبكر من يوم الخميس عندما أطلق مجهولون النار على سيارته في طرابلس، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن قناة العربية.
وأضاف المذيع أن عدة أعيرة نارية أصابت سيارة الدبيبة وتمكن المهاجمون من الفرار من مكان الحادث، دون أن يصاب الدبيبة بأذى.
وتأتي محاولة الاغتيال في وقت تتصاعد فيه حدة الخلاف السياسي في ليبيا، حيث يستعد البرلمان لإعلان رئيس وزراء جديد رغم رفض الدبيبة الاستقالة، مما يزيد من تقويض عملية السلام المتعثرة بالفعل.
وتأتي التطورات الأخيرة بعد انهيار الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر، والتي كانت حجر الزاوية في عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الوقت، تتنافس الفصائل المتناحرة على فرض سيطرتها على الحكم وكذلك على تأمين وضعها فيما سيحدث مستقبلا.
ويبدو أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو العودة إلى التقسيم الإداري بين حكومتين متوازيتين تتمركزان في مدينتين مختلفتين، وهو الوضع الذي كان سائدا منذ عام 2014 حتى تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة قبل عام.
عملية انتقالية طويلة
وكان الليبيون يمنون النفس في أن تتمخض العملية المدعومة من الأمم المتحدة عن أول فرصة، منذ 8 سنوات، لانتخاب قادة جدد للبلاد، لكنهم باتوا يعدون أنفسهم الآن لعملية انتقالية طويلة أخرى تهيمن عليها نفس المجموعة من أصحاب النفوذ.
وقال فولفرام لاخر، من مركز الأبحاث الألماني إس.دبليو.بي “ستكون ليبيا مرة أخرى عالقة في حالة من الضبابية دون وجود حتى عملية واضحة المعالم للمضي قدما. وهناك نية واضحة للغاية لدى الجانبين للاستيلاء على السلطة أو الحفاظ عليها”.
وحشدت الفصائل المسلحة، سواء المتحالفة مع حكومة الوحدة أو المناوئة لها، قواتها في طرابلس مؤخرا، كما بدأ السكان في ملاحظة وجود المزيد من المقاتلين في الشوارع وباتوا يخشون تصاعد التهديد المستمر والواضح باندلاع عنف مفاجئ.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان تعيين البرلمان لرئيس وزراء جديد سيؤدي سريعا إلى تجدد القتال الذي اندلع معظم فترات العقد الماضي وتسبب في تدمير أحياء كاملة في المدن الليبية.
ولم تنعم ليبيا سوى بقليل من السلام أو الاستقرار منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي والانقسام بين الفصائل المتحاربة في الشرق والغرب في 2014، لكن وقف إطلاق النار ظل صامدا في الأغلب منذ صيف 2020.
ويقول محللون إنه ليس من المرجح في الوقت الراهن اندلاع الحرب مرة أخرى بين الفصائل الغربية وقوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، لكن احتمال اندلاع صراعات داخلية داخل أي من المعسكرين أكثر ترجيحا.
وبينما لا يزال العديد من أوجه الخلاف بين المعسكرين الشرقي والغربي قائمة، شهدت الأشهر الثمانية عشر الماضية إعادة تشكيل شبكة التحالفات والعداوات التي تحدد العلاقات بين الفصائل السياسية وكذلك بين المقاتلين على الأرض.
القوات المسلحة
في طرابلس، اعتمد الدبيبة، خلال السنة التي قضاها على رأس حكومة الوحدة الوطنية على تبني سياسة شعبوية ترتكز على الإنفاق على البرامج الاجتماعية والمشروعات.
ويتهمه منتقدوه بالفساد، وهو اتهام ينفيه، في حين أصبحت الفصائل المتناحرة والزعماء الذين دعموا حكومة الوحدة الوطنية في البداية يرونه تهديدا لمكانتهم.
ويستعد البرلمان في الشرق الذي كان متحالفا مع حفتر خلال الحرب فيما يبدو لتعيين فتحي باشاغا، رئيسا للوزراء، وهو خصم سابق للمعسكر الشرقي وسبق أن تولى منصب وزير الداخلية في حكومة طرابلس السابقة.
وبعد ذلك سيكلفه البرلمان بتعيين حكومة مؤقتة جديدة، وهي عملية من المرجح أن تنطوي على مساومات مطولة بين الفصائل بشأن الحقائب الوزارية.
وينتمي كل من الدبيبة وباشاغا إلى مصراتة وهي مدينة ساحلية تنحدر منها بعض من أقوى الفصائل المسلحة المتمركزة في طرابلس والتي تسعى باستمرار إلى توسيع نفوذها وإيراداتها.
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، اتحدت الفصائل المسلحة المتنوعة في العاصمة في معسكرين رئيسيين، أحدهما متحالف بوضوح مع الدبيبة، مما يجعل من السهل اندلاع القتال في الشوارع على خلفية النزاعات السياسية.
ومع ذلك، يبدو من غير المرجح أن يسعى القادة السياسيون باختلاف توجهاتهم والقوى الأجنبية التي تدعمهم إلى دخول مواجهة مسلحة في الوقت الحالي.
بل على العكس، يبدو أنهم أكثر ميلا لمواصلة سعيهم للحفاظ على السلطة بطرق أخرى، مثل الضغط على شركة النفط الحكومية، أو من خلال الشد والجذب خلف الكواليس.