ما هي البدائل الآمنة عن القمح الروسي الأوكراني للعرب؟
تثير الأزمة الروسية الأوكرانية قلق العديد من الدول العربية، نظراً إلى أن البلدين المتصارعين من أكبر الدول المصدرة للقمح لعدد من العالم سيما العرب، حيث إن الحرب في أوكرانيا أدت إلى اضطراب تدفق الحبوب عبر منطقة البحر الأسود، فيما زاد من ارتفاع الأسعار، وفي غياب أي مؤشرات لتوقف الحرب بدأت الدول العربية تبحث عن بدائل آمنة للقمح الروسي الأوكراني تجنباً لأزمة أمن غذائي.
في الوقت الذي تتجه فيه أعين المراقبين لأزمة الطاقة المحتملة حال توقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، تبدو أزمة توقف واردات القمح أكثر خطورة، سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إن النزاعات والحروب تؤثر بشكل مباشر على إنتاج الأغدية وكثير ما تحول دون وصولها إلى الأسواق الدولية، لذلك فالدول العربية اليوم أمام ضرورة التعاطي مع هذه الوقائع السائدة على الصعيد العالمي بحكمة ومسؤولية لتفادي أزمة قمح قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، لذلك فهي مجبورة على اللجوء إلى خيارات جديدة لاستيراد القمح بعيداً عن البحر الأسود، علماً أن مصر ثاني أكبر دولة استوردت القمح من أوكرانيا والأولى عربياً تليها المغرب، واليمن، تونس، ليبيا ولبنان، علما أن روسيا وأوكرانيا تساهمان بـ29 بالمئة من مجموع إمدادات القمح العالمي و19 بالمئة من السوق العالمي للذرة و80 بالمئة من زيت دوار الشمس.
وكشفت سلة الارتفاعات عن أهمية البلدين المتحاربين في الأسواق العالمية، إلا أن حالة عدم اليقين بنهاية وشيكة للأزمة، والفقد المحتمل للمعروض من الصادرات الروسية والأوكرانية، سيدفعان بأسواق الحبوب والبذور الزيتية إلى ارتفاعات «جنونية»، ما يؤدي إلى تغير التوقعات للموسم المقبل على الأقل.
المناطق الشرقية
ويقع جزء كبير من الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجية في أوكرانيا في مناطقها الشرقية، وهي تلك الأجزاء التي تشهد تصعيداً عسكرياً، وبحسب بيانات وزارة الزراعة المصرية فإنه خلال الفترة من جويلية 2020 إلى جوان 2021 بلغت واردات القمح الروسي إلى مصر 8.96 ملايين طن من إجمالي 13.3 مليوناً استوردتها مصر خلال هذه الفترة.
لذلك تنتهج الحكومة المصرية آلية لتوزيع مخاطر تطور الأزمة الروسية الأوكرانية، تشمل تنويع مصادر القمح والاعتماد على دول بديلة، بالرغم من أنها تملك مخزوناً جيداً يكفي لمدة 4 أشهر ونصف، وهو ما يعطي المرونة والحرية لإعادة تعبئته خلال هذه الفترة، وقد أعلنت القاهرة أنها ستعتمد على دولة لاتفيا كمصدر جديد يمد مصر بالقمح من الخارج بعد التأكد من سلامته ومطابقته للشروط المصرية.
خيارات
من جهتها تبحث المغرب عن حلول وخيارات جديدة لتفادي أي أزمة تؤثر على أمنها الغذائي باعتبار أوكرانيا المورد الرئيسي للقمح إلى المغرب، بحجم قياسي بلغ 6.5 ملايين طن خلال الموسم الزراعي 2020 ـ 2021، لكن حسب بعض المحللين فإن استيراد القمح توقف بسبب الأزمة الأوكرانية، لا يطرح إشكالاً كبيراً بالنسبة إلى المغرب بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للمغرب في البحر الأبيض المتوسط، حيث تستورد المغرب 20% من قمحه تقريباً من أوكرانيا، بينما تستورد الكميات المتبقية من الأرجنتين وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، لكن يبقى الإشكال الوحيد في ارتفاع الأسعار في حال اللجوء إلى أسواق بديلة.
لبنان من أزمة إلى أزمة
لبنان، دولة تشهد قبل حرب أوكرانيا أزمة قمح ووقود، لذلك فإن هذه الأزمات ليست بالجديدة عليها لكنها بالتأكيد ستؤثر على أمنها الغذائي، حيث بدأت باتخاذ إجراءات وقائية منذ الأسبوع الماضي لمواجهة أي أزمة مرتبطة بالأمن الغذائي وشكلت الحكومة اللبنانية لجنة وزارية لاقتراح التدابير جراء تراجع عمليات استيراد القمح، خصوصاً بعد إعلان وزارة الاقتصاد اللبنانية، أن مخزون البلاد من القمح لا يمكن أن يكفي لأكثر من شهر ونصف على أبعد تقدير، وذلك نتيجة عدم القدرة على تخزين كميات كبيرة منه، بعد التدمير الكبير الذي طال صوامع القمح جراء انفجار مرفأ بيروت. فهي تحاول فتح اعتمادات لبواخر القمح الموجودة في البحر وتأكيد أن هناك بواخر قادمة ولدينا مخزون يكفي لفترة شهر ونصف ونعمل على محاولة تمديد الفترة من خلال التقنين على الطحين، وبدأت البحث عن فرص جديدة للاستيراد من أوروبا.
إمدادات القمح
تونس، تتطلع إلى أوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات القمح الناعم لحماية نفسها من الاضطرابات المحتملة في الإمدادات، كما أن هناك خيارات للتوجه إلى الأرجنتين وفرنسا وبولندا. وبدأت السلطات التونسية في التواصل مع كندا وأستراليا لمحاولة تأمين باخرة قمح كبيرة ،
في المقابل، تستبعد الجزائر حدوث أي أزمة في تموين السوق الجزائرية بالقمح خلال السنة الجارية ، حيث أوضحت السلطات أن أهم ممونين من الخارج للسوق الوطنية بهذه المادة اليوم، هما فرنسا بالدرجة الأولى وكندا بالدرجة الثانية، في حين بقيت نوايا استيراد القمح من روسيا مجرد برنامج لم ير طريقه إلى النور.